مع تحول الشرق الأوسط بشكل متزايد إلى ساحة معركة للنفوذ بين القوى العالمية، باتت ممارسات الحرس الثوري الإيراني التخريبية المتواصلة تشكل عقبة رئيسية أمام الخطط الاقتصادية والعسكرية لروسيا والصين، وعائقا أمام تنمية وانتعاش إيران على المدى الطويل.
وتكثر المؤشرات على أن القادة في موسكو وبكين وهما الحليفتان المزعومتان لطهران، يحاولون بقوة تعميق وجودهم وتأثيرهم في الشرق الأوسط.
وقد أبرمت الصين عددا من الاتفاقيات وتحاول عقد المزيد منها مع العديد من الدول في الشرق الأوسط في إطار مبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها بكين. وفي آذار/مارس الماضي، وقعت مع إيران "اتفاقية تعاون استراتيجي" لمدة 25 عاما بقيمة 400 مليار دولار.
من جهة أخرى، تواصل روسيا تعميق وجودها في سوريا وتتوسع باتجاه لبنان. وفي وقت سابق من هذا العام، بدأت تتودد إلى عدد من دول الخليج العربي.
وفي الوقت عينه، كان الحرس الثوري الإيراني ولا سيما فيلق القدس الذي يقود العمليات الخارجية، مسؤولا عن تصدير الإرهاب وتسليح الميليشيات العميلة للنظام الإيراني في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك العراق وسوريا ولبنان والبحرين واليمن وأفغانستان.
وقوض الحرس الثوري سيادة الحكومات الإقليمية وهو مسؤول عن آلاف القتلى والبؤس في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه.
وتشكل هذه الممارسات مشكلة خطيرة للقادة في موسكو وبكين.
تحالف هش مع روسيا
وتبقى سوريا المكان الذي يظهر فيه جليا الصراع بين روسيا وإيران، حيث يتنافس البلدان على تجنيد الميليشيات وتأمين عقود إعادة الإعمار.
ويحاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ سنوات استعادة دوره في الشرق الأوسط وأفغانستان وآسيا الوسطى وأماكن أخرى، وذلك بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وما تبع ذلك من عزلة روسيا دوليا.
وكجزء من هذه الاستراتيجية، اختار الكرملين الوقوف مع إيران سيما وأنها كانت آنذاك بحاجة إلى حلفاء مع مواصلتها تحدي الضغط الدولي لكبح نشاطها النووي ووقف دعمها الميليشيات الوكيلة والمدعومة من الحرس الثوري في جميع أنحاء المنطقة.
ولكن ازداد هذا التحالف هشاشة شيئا فشيء وبشكل ملحوظ في سوريا، حيث تدخلت كل من روسيا وإيران في الحرب إلى جانب نظام بشار الأسد.
وتعمل روسيا بثبات على تعزيز نفوذها في سوريا وترسيخ نفسها عسكريا واقتصاديا عبر سيطرتها على قطاع النفط والغاز والفوسفات، واضعة إيران شيئا فشيئا على الهامش.
وقال الخبير الاقتصادي السوري والمحاضر في جامعة دمشق محمود مصطفى، إن النظام الإيراني كان يأمل في تحقيق عائدات كبيرة مقابل استثماراته في سوريا، إلا أنه يتضح أكثر فأكثر أن حصة إيران من الفرص التجارية الجديدة لم تلب تطلعات النظام وتقديراته.
ويعود ذلك إلى حد كبير لنفوذ روسيا وسيطرتها على المشاريع المدرة للدخل مثل مناجم الفوسفات في الصحراء الشرقية لسوريا (البادية) والموانئ التجارية في طرطوس واللاذقية.
وبحسب مصطفى، يبدو أن خطط روسيا "اتسعت بشدة وعرقلت الحسابات الإيرانية، إذ حرمت روسيا إيران من العديد من مصادر الإيرادات التي كانت تتوقع جني الأموال منها".
وإن البلدين منخرطان أيضا في سباق محموم في جنوبي سوريا لإغراء الشباب المحليين للانضمام إلى صفوف الميليشيات التابعة لهما، حيث يحاول كل من الجانبين التفوق على الآخر في معركتهما لجذب مجندين جدد.
وأضافوا أنه على الرغم من أن الدولتين تقفان ظاهريا في الصراع في سوريا بالخندق نفسه، إلا أن هيمنة روسيا تضمن عدم حصول إيران على مجال للنمو وعدم قدرتها على جني حصة كبيرة من الأرباح المحتملة كما كانت تأمل.
وينخرط الجانبان في عملية توازن غير متكافئة، وهي عملية إذا اختل توازنها يمكن في نهاية المطاف أن تعرض الأمن القومي الإيراني للخطر.
وفي هذه الأثناء، قال مراقبون إن الجهود الأخيرة التي تبذلها روسيا للتودد للدول العربية، تكشف أن تحالف موسكو مع طهران قد لا يكون بالصلابة التي يأملها النظام الإيراني.
أصدقاء الصين
ووصف النظامان الصيني والإيراني اتفاقية التعاون التي وقعاها مطلع هذا العام بأنها "مكسب للطرفين"، لكن الواقع يظهر أنها تضع الصين في موقف ضعيف لأنها تعرضها للعقوبات الأميركية.
وفي أحسن الأحوال، لا تزال تفاصيل "اتفاقية التعاون الاستراتيجي" التي تبلغ مدتها 25 عاما والموقعة في آذار/مارس غامضة.
يُذكر أن المفاوضات المرتبطة بهذه الاتفاقية والتي تشكل امتدادا لمبادرة الحزام والطريق الرائدة في بكين والتي تبلغ قيمتها تريليون دولار، أثارت العام الماضي نقاشا ساخنا في إيران ولم يُكشف عن أي تفاصيل حول مضمونها.
وتنص الاتفاقية التي تم اقتراحها للمرة الأولى عام 2016 على إجراء تدريبات وتمارين عسكرية مشتركة وإجراء أبحاث مشتركة وتطوير الأسلحة، إضافة إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية.
ويعني توسيع رقعة المساعدات الصينية لإيران أيضا أن بكين ستقدم دعما مباشرا للحرس الثوري المنصف على لائحة الإرهاب.
ويشكل قرار إيران بالتعامل مع الصين زلة سياسية ستترتب عليها خسائر اقتصادية فادحة ويمكن أن تقوض علاقتها بالمجتمع الدولي، لكن الخطأ أيضا يأتي من جانب الصين.
وفي أيلول/سبتمبر 2019، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على وحدتين من أكبر شبكة نقل في الصين أي تشاينا أوشين شيبينغ، مشيرة إلى تواطؤهما في التحايل على العقوبات المفروضة على إيران.
وأدى الحظر المفروض على تشاينا أوشين شيبينغ إلى ارتفاع فوري في أسعار شحن النفط في آسيا، وزاد التكاليف الإجمالية بنحو 30 في المائة.
ووصلت التداعيات السلبية إلى درجة أن مسؤولين في الحكومة الصينية طالبوا برفع العقوبات عن الشركة خلال المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة في كانون الثاني/يناير 2020. وفي نهاية المطاف، رفعت الولايات المتحدة العقوبات عن إحدى الوحدتين.
وإذا فرضت الحكومة الأميركية عقوبات على الشركات الصينية أو المواطنين الصينيين بسبب أنشطتهم المرتبطة بإيران، فستفقد الصين قطاعات مهمة من أسواقها العالمية والتي يُقدر أنها تدر عليها أضعاف عدة من الأرباح المحتملة لاستثمارها في إيران.
تعطيل الإمكانات الاقتصادية وتقويض الأمن
وإن ما تسميه إيران بـ "محور المقاومة" وهو تحالف بين طهران والموالين لها وبات مؤخرا يضم كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق في العراق وحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، هو أقرب إلى "محور الإرهاب" لأنه ينتهج سياسات تضر بالأمن الإقليمي والعالمي وتزعج خطط روسيا والصين.
ويعمل مثل هؤلاء الوكلاء على عدة جبهات لفرض هيمنة الجمهورية الإسلامية وسياساتها التوسعية في المنطقة. وفي المقابل، تزود طهران شركاءها في "المحور" بكل المال والأسلحة والدعم الذي يحتاجون إليه.
ويأتي كل ذلك على حساب شعبها الذي يعاني من أزمة اقتصادية حادة، بينما تعمل ممارسات الحرس الثوري كأنشطته التخريبية في المياه الدولية، على الحد من إمكانات المنطقة الاقتصادية.
وفي وقت تواجه فيه طهران تراجعا حادا وسريعا في قيمة عملتها الوطنية وتضخما مفرطا وركودا اقتصاديا ونقصا حادا في الموارد، يتزايد الغضب في الشارع الإيراني.
وما زاد الأمور سوءا بالنسبة للجمهورية الإسلامية، هو تقرير صدر الأسبوع الماضي عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة والذي أظهر أن إيران رفعت مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 60 في المائة.
وقال وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة في 19 آب/أغسطس، إن هذه الأخبار تجعل المحادثات بشأن إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 مع القوى العالمية "أكثر تعقيدا".
وبموجب الاتفاق، تلتزم إيران بالإبقاء على التخصيب عند حد الـ 3.67 في المائة، إلا أنها رفعت هذه النسبة إلى 20 في المائة في كانون الثاني/يناير قبل أن تصل حاليا لتعزيز قدراتها إلى 60 في المائة.
وأدى اتفاق العام 2015 المعروف رسميا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة إلى تخفيف العقوبات عن إيران مقابل تقييد برنامجها النووي.
وقال وزراء الخارجية الأوروبيون إن "إيران ترفض التفاوض، وتقوم بدلا من ذلك بفرض واقع على الأرض يجعل العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة أكثر تعقيدا".
كلنا نعرف تاريخ إيران الاسود في طعن المسلمين من الخلف وكذبها علي المسلمين
الرد4 تعليق
هذه لعبه تلعبها كل الدول العظمى من أجل ثروات المنطقه العربيه وأهمها الخليج ولكن الله بالمرصاد لما يكيدون ونسوا كيد الله هو الباقي !!!!
الرد4 تعليق
الحرس الثور الابراني فاشل ومعتمد على دعاية هشه وسيفشل في اول مواجهة مع دولة صغيره .. وقد اثبتت الحوادث من حادثة الطائرة الاوكرانية وما بعدها انهم ليسوا اكثر من رعاع وسيظلون رعاع
الرد4 تعليق
تحالف روسيا والصين مع إيران يماثل تماما تحالف الولايات المتحدة مع القاعدة واتفاقها مع طالبان ! روسيا والصين ليستا منزعجتان علي الاطلاق مما يسمي الحرس الثوري الإيراني ، العكس هو الصحيح : اصبحت إيران مع حرسها الثوري المزعوم وخاصة بعد فرض العقوبات الأمريكية " دمية " في يد الروس والصينين ! أنها لعبة المصالح وعندما تنتهي المصلحة سوف تحدث التصفية ويتم التخلص من الازعاج مثلما حدث مع القاعدة التي انتهت صلاحيتها وتخلصت منها الولايات المتحدة ! عموما إيران وحرسها الثوري كيان هش لم يختبر اختبار حقيقي حتي الآن ، يمكن تشبيه إيران وحرسها الثوري بالطفل المزعج الذي يلقي الحجارة علي نوافذ الجيران ! سوف يهشم بعض النوافذ ولكن في النهاية سوف ينال أشد العقاب !
الرد4 تعليق