عدن - قال مسؤولون وباحثون إن قادة أجانب من تنظيم القاعدة بدأوا في الظهور في اليمن، حيث ساعدهم الصراع وتحالفهم المشتبه به مع الحوثيين المدعومين من إيران في الحصول على موطئ قدم لهم في البلاد واستئناف أنشطتهم.
وفي أواخر حزيران/يونيو ومطلع تموز/يوليو، أصدر برنامج المكافآت من أجل العدالة التابع لوزارة الخارجية الأميركية 3 إعلانات لتقديم مكافآت لمن يدلي بمعلومات عن 3 من زعماء القاعدة الموجودين في اليمن.
وفي 8 تموز/يوليو، عرض البرنامج ما يصل إلى 5 ملايين دولار مقابل معلومات عن إبراهيم البنا، القيادي المصري في القاعدة الذي كان عضوا مؤسسا للتنظيم في شبه الجزيرة العربية وشغل منصب رئيس الأمن فيه.
وقدم البنا توجيات أمنية لقيادة القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وعمل كأجير لدى قيادات القاعدة المتمركزة في إيران.
وفي تصريح نشر في 1 تموز/يوليو على تويتر، عرض البرنامج مكافأة قدرها 10 ملايين دولار مقابل معلومات عن المواطن السوداني إبراهيم أحمد محمود القوسي ، وهو ضعف المكافأة التي تم طرحها سابقا وبلغت 4 ملايين دولار.
يُذكر أن القوسي هو زعيم بارز بتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وكان قد ظهر في مقاطع فيديو للتنظيم وشجع على شن هجمات منفردة ضد الولايات المتحدة.
وفي 23 حزيران/يونيو، عرضت منظمة المكافآت من أجل العدالة 5 ملايين دولار مقابل الحصول على معلومات تؤدي إلى إحضار خالد باطرفي إلى العدالة، وهو مسؤول بارز بتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بمحافظة حضرموت اليمنية وعضو سابق في مجلس الشورى التابع للتنظيم.
وقالت منظمة المكافآت من أجل العدالة "في الوقت الذي يمرح فيه قادة القاعدة في إيران مستخدمين البلاد كمقر لهم، "ينفذ خالد باطرفي وأتباعه تعليماتهم بإراقة دماء الأبرياء في اليمن".
وذكرت أن "لا مكان لأعضاء القاعدة الخونة في اليمن، لا الآن ولا في المستقبل".
علاقات القاعدة بإيران
في هذا السياق، قال وكيل وزارة العدل اليمنية فيصل المجيدي إن وجود قيادات أجنبية لتنظيم القاعدة في اليمن يعقد الأوضاع في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، مشيرا إلى الغياب الواضح لهجمات القاعدة في مناطق سيطرة الحوثيين.
وبحسب المجيدي، ثمة تنسيق وطيد بين قادة القاعدة وإيران التي توفر لهم الدعم والإقامة وأنواع أخرى من المساعدة منذ أن لجأوا إليها عام 2001.
وأشار المجيدي الى تقرير رفعته الحكومة اليمنية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عام 2018، وتضمن معلومات عن قيام الحوثيين المدعومين من إيران بالإفراج عن 252 قياديا من القاعدة من سجونها في العام نفسه.
ومن بين هؤلاء اليمني جمال البدوي وهو العقل المدبر اليمني للهجوم الذي نفذته القاعدة عام 2000 على المدمرة الأميركية يو.أس.أس كول والذي أسفر عن مقتل 17 جنديا أميركيا. وقد قُتل البدوي في غارة جوية باليمن في كانون الثاني/يناير 2019.
ومن جهته، قال المحلل السياسي وضاح اليمني عبد القادر إن عروض المكافآت الأخيرة "جاء وفق معلومات استخباراتية رصدت تحركات للتنظيم في مناطق سيطرة الحوثي وخصوصا في محافظة البيضاء".
وأضاف أن تحركات القاعدة في البيضاء تجري "على مرأى ومسمع من الحوثيين"، متهما الميليشيا المدعومة من إيران باستخدام ورقة القاعدة في حربها ضد الحكومة الشرعية للدفع قدما بأجندة النظام الإيراني.
وأضاف عبد القادر ان اعتراف القوسي بتلقيه أوامر من القاعدة وقيادتها في إيران لضرب المصالح الأميركية، تعزز المخاوف والتحذيرات من عودة نشاط القاعدة بدعم إيراني.
وأكد أن التعاون بين القاعدة والحوثيين قائم على مصالح مشتركة وتتحكم به إيران وتكيفه بما يخدم مصالحها، ويشمل ذلك استغلال الوضع في اليمن من كوسيلة ضغط في محادثات الاتفاق النووي.
وحذر عبد القادر من أن عودة أنشطة تنظيم القاعدة سيكون لها تأثيرات سلبية على المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة، وستشكل عقبة كبيرة تضاف لكمية التحديات والعقبات التي تواجهها الحكومة.
وأشار إلى أن هذه التحديات تشمل ضغط المجلس الانتقالي الجنوبي وهجوم الحوثيين للسيطرة على مأرب.
وقال كل من المجيدي وعبد القادر إن عودة أنشطة القاعدة تستدعي تكثيف الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب.
وذكرا أنها تسلط الضوء أيضا على ضرورة تعزيز قدرات الجيش اليمني والأجهزة الأمنية اليمنية خصوصا في المحافظات الجنوبية، والتوعية حول أخطار التطرف في المجتمع اليمني.
المتطرفون يستغلون غياب الاستقرار
أما المحلل السياسي محمود الطاهر، فقال إن التنظيمات المتطرفة كالقاعدة تستغل البلدان التي تعاني من عدم الاستقرار كاليمن إذ توفر أرضا خصبة لنموها وتنفيذ مشاريعها.
وأضاف أن "القيادات التابعة للقاعدة والتي توافدت لليمن هي قيادات تم إرسالها من إيران بهدف ضرب القوات الحكومية ومساعدة الحوثيين للسيطرة على اليمن".
وتابع "هذا ما وجدناه خلال السنوات القليلة الماضية في البيضاء حيث استغل الحوثي وجود القاعدة لزعم أنه يقاتل تنظيم القاعدة"، مشيرا إلى احتمال وجود تنسيق بين الجماعتين.
وأكد الطاهر أنه "لا يمكن مواجهة التنظيمات الإرهابية طالما لا يزال اليمن يعيش صراعا دمويا"، لافتا إلى دور الحوثيين في إطالة أمده.
بدوره، اعتبر مدير مركز أبعاد للدراسات عبدالسلام محمد أن قيادات القاعدة وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) تمكنوا من العودة إلى اليمن بسبب الصراع الدائر مع الحوثيين.
وذكر أن "وجود إيران والحوثيين يعني وجودا آمنا للقاعدة وداعش".
ولفت إلى أنه مع ذلك، باتت داعش والقاعدة "أضعف بكثير مما يصور عنهما"، وذلك نظرا للهزائم المتتالية التي لحقت بهما خلال السنوات الأخيرة وانتفاض المجتمعات المحلية ضدهما.
وقال إن معظم اليمنيين يربطون هذه الجماعات المتطرفة بالقتل والعنف، ولا يريدون أي ارتباط بها.