قبل تدخلها العسكري في الحرب السورية عام 2015 لدعم نظام بشار الأسد، كانت روسيا قد بدأت في تنفيذ خطة تعتمد القوة الناعمة "لاحتلال" سوريا واستغلال اقتصادها من خلال عملية إعادة توجيه ثقافي.
وكان الترويج لتعليم اللغة الروسية على نطاق واسع في المدارس السورية في مناطق سيطرة النظام من بين الأجزاء الرئيسة في هذه الخطة.
فقد افتتحت أقسام لتعليم اللغة الروسية والأدب الروسي في عدد من الجامعات السورية، وتم إدخال اللغة الروسية في مناهج المدارس الابتدائية والثانوية كإحدى خيارات اللغات الأجنبية، فيما كانت اللغة الفرنسية والإنجليزية فقط هما المتاحتان في السابق.
وقال أستاذ التاريخ السابق في جامعة حلب، حيدر زيدان، أنه يتم الترويج بقوة لتعلم اللغة الروسية في سوريا، مشيرا إلى أن طلاب المدارس الثانوية ينظرون لذلك كفرصة لمغادرة البلد الذي مزقته الحروب ومتابعة تعلميهم في روسيا، وبهذه الطريقة يتجنبون التجنيد العسكري الإلزامي.
وأشار إلى أنه في حين أن هذا الحافز سيغري البعض لتعلم اللغة، إلا أن تدريس اللغة الروسية على نطاق واسع "سيكون له انعكاساته السلبية على سوق العمل في سوريا"، مبينا أن ذلك قد يؤثر على قدرة الخريجين على إيجاد عمل.
ومفاد ذلك وفقا له، هو عدم طلب اللغة الروسية من قبل الشركات المحلية أو العالمية، ولذلك فإن فرص العمل المحتملة "ستقتصر فقط على الشركات الروسية أو تلك التي تتعامل معها".
من جهته، قال الصحافي السوري محمد العبد الله إن المركز الثقافي الروسي في دمشق يقوم بإعداد دورات تعليم اللغة ويشرف عليها، سواء بصورة مباشرة أو من خلال معاهد تتعاون معه في هذا الإطار.
وذكر العبد الله أن الطلاب الذين يختارون لغة أجنبية للدراسة يواجهون الآن معضلة حقيقية، حيث أن دراسة الروسية ستلزمهم بمتابعة دراستهم في روسيا.
وأكد أن "روسيا تحاول جعل سوريا، أو على الأقل جزء منها، مستعمرة روسية بامتياز لا تتوافق مع البيئة المحيطة بسوريا ودول الجوار".
إلا أنه من شأن هذه السياسة أن تضمن حماية المصالح الروسية في سوريا، ولا سيما الموارد الطبيعية في الدولة شرق الأوسطية ومشروعات إعادة الإعمار ما دمرته الحرب.
وتنظر روسيا إلى الموارد الطبيعية في سوريا كمكافأة كبيرة، وقد وضعت نصب أعينها تأمين عقود إعادة إعمار كبيرة.
يسعون لتحقيق الهدف نفسه في إيران. فعقب التغلغل الروسي في شبكة الإنترنت الإيرانية، حصلت روسيا على نفوذ كبير على الفضاء السيبراني الإيراني، ويقول البعض حتى إن روسيا تدير الإنترنت الإيراني. وحين تظهر نتيجة بحث ما بالأبجدية الروسية في حين أنه ليس لها علاقة بمحتوى البحث، يدرك المرء أن الروس يحاولون الاختراق أو قد تغلغلوا بالفعل.
الرد1 تعليق