بعد تقدمهم للعمل أساسا كحراس أمن، اكتشف العديد من الشبان السوريين الذين ردوا على الإعلانات التي نشرت عبر الإنترنت من قبل شركات أمن خاصةأن الوظائف التي شغلوها تخدم في الواقع القوى الأجنبية الداعمة للنظام السوري.
وقد تزايد عدد شركات الأمن الخاصة في السنوات الماضية، بعد موافقة الرئيس السوري بشار الأسد على ذلك بموجب المرسوم التشريعي رقم 55 للعام 2013.
وقد سمح المرسوم بترخيص شركات الأمن الخاصة ووفر آلية تستطيع من خلالها القوى الأجنبية، ولا سيما روسياأن تنشيء بصورة قانونية تواجًدا مسلحًا لها في سوريا.
وعبر "حراسة" مختلف المرافق ظاهريا، يتحرك العديد من شركات الأمن الخاصة كميليشيات وتتلقى أوامرها من حلفاء النظام السوري.
وقال مراقبون محليون إن عدد هذه الشركات ونفوذها قد ازداد، علما أنها تروج لنفسها على نطاق واسع عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي لتجنيد الشباب من أجل العمل في "الحقل الأمني".
إعلانات وظيفية غامضة ومضللة
وفي هذا السياق، قال الصحافي السوري محمد العبدلله إن روسيا وإيران تجندان عناصر الميليشيات عبر حملات دعائية تدعو الشباب السوري لتقديم طلبات لفرص عمل في شركات أمن خاصة.
وتابع أنه يتم نشر إعلانات "طلب موظفين" على مواقع وصفحات هذه الشركات على مواقع التواصل الاجتماعي، وتتم إعادة نشرها وتداولها على مختلف منصات التواصل الاجتماعي.
وأوضح أن هذه الإعلانات تسرد عادة مجموعة مواصفات وظيفية إلى جانب قائمة مستندات مطلوبة، ولكنها لا تؤشر عادة إلى تبعية الشركات لأي طرف من أطراف النزاع.
وأضاف أن بعض الإعلانات الوظيفية تكون غامضة ومضللة، بينما تكون أخرى مباشرة أكثر.
ويكون البعض منشورا من قبل الميليشيات التابعة لروسيا، ومن بينها إعلان تم تداوله على نطاق واسع ونشر في 17 آذار/مارس لعمل تعاقدي مع ميليشيات الفيلق الخامس المدعوم من روسيا.
كذلك، يسعى إعلان آخر نشر في 22 آذار/مارس إلى توظيف أشخاص للعمل في منطقة السخنة بصحراء حمص، ويقدم للموظفين الجدد بطاقات أمنية لحمايتهم من المضايقات من قبل قوات النظام السوري جراء امتناعهم عن الالتحاق بالتجنيد العسكري الإجباري.
وأشار العبدالله إلى أن "إيران تروج للعمل ضمن صفوفها من خلال شركات الأمن بشكل عام، أما التجنيد في ميليشياتها فيتم على الأرض مباشرة".
وقال إن هذا الأمر يأتي خلافا لما يفعله الروس الذين يروجون للعمل عبر شركات أمنية وميليشيات علنا.
العمل مع ʼالأصدقاء الروسʻ
من جهته، أكد الناشط نزار بو علي، وهو من مدينة السويداء، أن الإعلانات الوظيفية التي تستهدف الشباب السوري تُنشر بشكل دوري على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي تحت تسميات مثل "عقود عمل مع الأصدقاء" أو "فرصة للعمل مع الأصدقاء الروس".
ولفت إلى أنه لا يتم نشر المسمى الوظيفي أو مواصفات الوظيفة، بل فقط يتم التنويه عنها مع بعض الشروط المطلوبة كالسن والأوضاع الصحية والمستندات المطلوبة.
وأشار إلى أنه يتم حتى نشر بعض الإعلانات لعمل "أمني" في ليبيا، حيث تقدم رواتب شهرية مغرية.
وقال بو علي إنه تم استقطاب عدد من الشبان السوريين، بينهم أحد أقربائه، في إعلان عن فرصة عمل ذات راتب جيد في ليبيا، وذلك نظرا لنقص الوظائف والأوضاع المالية المتدهورة.
وأوضح "تم التواصل مع واضعي الإعلان وطلب منهم التوجه إلى قاعدة حميميم [الخاضعة لسيطرة الروس] مع أوراقهم الرسمية وتم إجراء كشف طبي سريع عليهم".
وتابع "وقعوا عقود العمل ومدتها 3 أشهر قابلة للتجديد وكانت تنص على أن يكون الراتب الشهري 1000 دولار أميركي وأن العمل هو حماية منشآت نفطية وإقرار بالسرية وعدم الإفصاح عن أية معلومات وعدم التصوير".
ولكن أضاف أنه لدى وصولهم إلى ليبيا، "تبين لهم أن الأوضاع مغايرة كليا عما تم الإعلان عنه، وأجبروا على المشاركة في الأعمال القتالية الجارية".
وقد أرسل الشباب السوريون الذين تحولوا إلى مرتزقة إلى ليبيا لأكثر من عام بهدف دعم قوات المشير الليبي خليفة حفتر المدعوم من موسكو.
عقود للمرتزقة
وبدوره، قال المحامي السوري بشير البسام إنه لدى التدقيق بالإعلانات الوظيفية، تبين "استخدام العبارات الطائفية في إعلانات الشركات الموالية أو التابعة للحرس الثوري الإيراني.
وذكر أن شركات أخرى "تروج بشكل علني للتدخل الروسي [في الحرب السورية] وتنحاز له، بينما يوجد قسم يروج للنظام بشكل متطرف طائفيا".
وأكد أن هذه ممارسات تخالف بالمبدأ القانوني الشروط التي تسمح بعمل هذه الشركات.
وأشار إلى أن العديد من الإعلانات تركز على فكرة أنه سيتم إعفاء الموظفين الجدد من العقاب جراء الفرار أو الامتناع عن الالتحاق بخدمة التجنيد العسكري الإجباري.
وتساءل البسام "كيف يمكن لأي نظام بأن يرخص لشركات تقوم بالتحريض الطائفي والمشاركة بالعمليات العسكرية؟".
وأضاف أن الأمر الأخطر هو السماح للشركات الروسية بتقديم عقود توظيف لمرتزقة للقتال خارج سوريا، وهو ما ينتهك القوانين السورية والقوانين الدولية بشكل عام.