شكّل التعاون الأمني والعسكري إحدى أبرز أولويات على أجندة الاجتماعات التي عقدت مؤخرا بين كبار المسؤولين العراقيين والسعوديين عقب هجوم استهدف الرياض في كانون الثاني/يناير وتبنته جماعة وكيلة تابعة لإيران..
وذكر الخبير الأمني والضابط العسكري العراقي السابق ماجد القيسي أن هذه التهديدات كانت في صلب المحادثات التي جرت خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في 31 آذار/مارس إلى الرياض.
وجاءت الزيارة بعد هجوم نفذ في 23 كانون الثاني/يناير بطائرات مسيرة أطلقت على قصر اليمامة ومواقع أخرى من الرياض، وهي عملية تبنتها جماعة ألوية الوعد الحق التي تعتبر واجهة جديدة لميليشيا كتائب حزب الله العراقي المدعومة من إيران.
وقال الكاظمي خلال مؤتمر صحافي عقد في الرياض إن العراق لن يسمح بأن تستخدم أراضيه كمنصة لشن أي هجوم ضد السعودية.
ومن جانب آخر وفي مؤشر على تحسن العلاقات بين الدولتين المتجاورتين، وقّع العراق والسعودية خلال زيارة الكاظمي على 5 اتفاقيات لتعزيز التجارة والتعاون الاقتصادي والاستثمار.
وأعلنت الدولتان عن إقامة صندوق مشترك لتعزيز الاستثمارات في العراق، مع مساهمة سعودية بقيمة 3 مليارات دولار.
كذلك، وافق البلدان على مواصلة التعاون في مجال الطاقة من أجل الحفاظ على الاستقرار في الأسواق النفطية العالمية، حسبما جاء في بيان مشترك.
يُذكر أنه في 22 شباط/فبراير، زار وزيرا داخلية وخارجية العراق، عثمان الغانمي وفؤاد حسين، المملكة للقاء نظيريهما السعوديين، في حين زار رئيس الأركان السعودي فياض الرويلي بغداد في 2 آذار/مارس.
وأوضح القيسي أن الهدف من هذه الزيارات المتبادلة كان تعزيز التعاون الأمني وتبادل المعلومات الاستخبارية على خلفية هجوم 23 كانون الثاني/يناير.
وقال إن "السعودية لديها مخاوف من انتشار الفصائل المدعومة من إيران قرب حدودها وتنظر له كخطر محدق بأمنها القومي".
وشدد على أن تطور العلاقات مع السعودية يشكل "مكسبا مهما للعراق وخطوة بالاتجاه الصحيح".
تحد مقلق
وبدوره، ذكر طه اللهيبي، وهو برلماني عراقي سابق ومحلل سياسي، أن السعودية تسعى لفتح أبوابها أمام العراق، إلا أن إيران تحاول دوما إغلاقها عبر إصدار تعليمات لميليشياتها بتنفيذ أعمال عدائية.
ولفت إلى أن أبو علي البصري القيادي في كتائب حزب الله كان قد أشاد في تغريدة له على تويتر بالهجوم الذي نفذ في 23 كانون الثاني/يناير.
وأوضح أن هذا النوع من ردات الفعل هو دليل على الدور السيء الذي تلعبه تلك الميليشيا في تهديد أمن المنطقة والمساس بسيادة العراق.
وقال اللهيبي إن إيران تتخوف من أن يضر أي تقارب بين العراق والسعودية بمصالحها الاقتصادية، في ظل سعيها لمواصلة تزويد العراق بالكهرباء والغاز بأسعار مرتفعة.
يُذكر أن السعودية والعراق أعادا فتح معبر عرعر للتجارة للمرة الأولى منذ 3 عقود في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي.
ومع مواصلة البلدين تعزيز التعاون بينهما، يواجهان تحديا مقلقا وهو انتشار الميليشيات التابعة لإيران في المناطق الصحراوية القريبة من الحدود، ولا سيما في مدينة النخيب المقابلة لمدينة عرعر السعودية.
وتشكل هذه المنطقة نقطة تجمع أساسية للميليشيات التي تقودها كتائب حزب الله، علما أن المئات منها قد تدفقت إلى المدينة منذ العام 2015 لفرض سيطرتها.
وتتواجد الميليشيات المدعومة من إيران، مثل كتائب جند الأمام وسرايا عاشوراء وعصائب أهل الحق، أيضا في الصحراء التي تقع على امتداد الحدود العراقية مع السعودية ويبلغ طول هذه الحدود 814 كيلومترا، وذلك بالقرب من مناطق مثل جديدة عرعر وبيار علي ونقرة السلمان والفيصلية.
وتشغل الميليشيات ثكنات عسكرية مهجورة منذ العام 2003، وتستخدمها لإدارة عملياتها وتخزين أسلحتها التي تشمل بحسب ما ذكرته تقارير 1400 صاروخ.
وتدعي الميليشيات بأنها توفر الأمن لقوافل الحجاج وتشارك في العمليات العسكرية التي يشنها الجيش العراقي ضد مخابئ تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
ولكنها اتهمت بشن هجمات عابرة للحدود على أهداف داخل الأراضي السعودية.