قال ناشطون إن الحرس الثوري الإيراني وميليشياته الوكيلة في سوريا قد غيرت أسماء الشوارع في محافظة دير الزور، في إطار جهود أكبر لتوسيع وتعزيز نفوذ إيران.
وأوضحوا أنها تغير أسماء الشوارع إحياء لذكرى شخصيات لا تتوافق مع ثقافة أو تاريخ الأهالي، ذاكرين أن هذه محاولة لتغيير الخصائص الثقافية للمنطقة الشرقية السورية.
وتنتشر الميليشيات التابعة لإيران في المناطق الشرقية الممتدة من جنوب نهر الفرات من ريف الرقة إلى البوكمال في محافظة دير الزور.
وفي هذا السياق، قال الناشط الإعلامي جميل العبد للمشارق، إن منطقة دير الزور تخضع "لعملية تغيير ديموغرافي ممنهجة" من قبل الميليشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني.
وأضاف أنه لهذه الغاية، يعد تغيير أسماء الشوارع من الأدوات الأساسية المستخدمة من قبل الميليشيات، لافتا إلى أن هذه الأخيرة غيرت أسماء بعض الشوارع في مدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي لتحمل دلالات طائفية وإيرانية بالعربية والفارسية.
وتشمل هذه الشوارع شارع أنس بن مالك الذي أصبح شارع الإمام الخميني، وشارع الجيش الذي أصبح شارع الإمام العباس، وشارع أبو غروب الذي أصبح شارع الشهيد قاسم سليماني، وتم تركيز صورة كبيرة لسليماني فيه.
يُذكر أن القائد السابق في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني قد قتل في هجوم أميركي بمطار بغداد في كانون الثاني/يناير الماضي.
وتابع العبد أن شارع ساقية الري قد تحول أيضا إلى شارع فاطميون.
ويعد لواء فاطميون ميليشيا تابعة للحرس الثوري الإيراني ومؤلفة من مرتزقة أفغان يحاربون في سوريا دعما للنظام.
وبحسب العبد، قام لواء فاطميون ولواء زينبيون (وهي ميليشيات باكستانية مدعومة من الحرس الثوري) بتغيير أسماء الأحياء الخاضعة لهما لتتخذ أسماء مقاتلين قتلوا في المعارك.
حوكمة ضعيفة في مناطق الحرس الثوري
وأشار العبد إلى أن "هذه التغييرات تأتي في وقت تعتبر فيه الخدمات الأساسية شبه غائبة، بالإضافة إلى انعدام البنى التحتية وحتى المباني المتضررة من الحرب مع داعش لم ترفع أنقاضها بعد".
وقال إنه في هذه الأثناء، تعيش مناطق أخرى من دير الزور تقع تحت سيطرة قوات سوريا الديموقراطية وقوات التحالف الدولي، واقعا مغايرا مقارنة بالمناطق الخاضعة للحرس الثوري.
فيوفر التحالف بالتعاون مع الإدارة الكردية المستقلة دعما حيويا لقطاع الخدمات في دير الزور، كإعادة تأهيل عدة مستشفيات في المنطقة بينها مستشفيات هجين وشيتات وأبو حمام.
وفي المقابل، سيطرت الميليشيات المدعومة من الحرس الثوري على المستشفيات كمستشفى الشفاء، واحتفظت بها لاستخدامها الخاص مانعة بذلك المدنيين من تلقي العلاج.
ولفت العبد إلى أن ذلك يدفع العديد من العائلات إلى الانتقال للعيش مع أقربائها المقيمين في المناطق الواقعة تحت سلطة قوات سوريا الديموقراطية.
ومن جهته، ذكر الصحافي السوري محمد العبدالله أن النظام السوري لم يعارض تغيير الميليشيات المدعومة من إيران أسماء الشوارع، مشيرا إلى "موافقة [النظام] الضمنية" لهذه الخطوات.
ولفت إلى أن الهدف الأساسي لإيران هو "نشر الأسماء الجديدة على المستوى الشعبي في محاولة لتغيير ثقافة المنطقة".
وأشار إلى أن "هذا الأمر يترافق مع حملة واسعة للتجنيد في صفوف الميليشيات واستقطاب الأطفال لإخضاعهم لدورات دينية مكثفة".
وحذر من أنه في حال استمرار هذا الوضع لفترة طويلة من الزمن، "سيكون له تبعات كارثية في النسيج الاجتماعي للمنطقة".
استياء شعبي محلي
وبدوره، قال الناشط الإعلامي أيهم العلي وهو من مدينة البوكمال للمشارق إن حالة من عدم الرضا والرفض تنتشر بين أهالي دير الزور بسبب محاولات الميليشيات المدعومة من الحرس الثوري إحداث تغيير ديموغرافي.
ولا تقتصر انتهاكاتها على تغيير أسماء الشوارع، بل وصلت إلى درجة تغيير أسماء المساجد وتحويلها إلى حسينيات مع رفع الرايات الطائفية في مختلف أنحاء المنطقة.
يُذكر أنه في العام 2019، حوّل الحرس الثوري إحدى أبرز مساجد البوكمال إلى حسينية.
وذكر العبد آنذاك أن الأهالي ذهلوا برؤية الحسينية مفتوحة في ناحية الجمعيات بالمدينة، وقد حلت محل مسجد عبدالرحمن بن عوف.
وأوضح العلي أن "الميليشيات سيطرت على العديد من الأحياء وأسكنت عناصرها في منازلها".
وتابع أن قوات النظام السوري تواطأت مع الحرس الثوري في هذه المسألة، بعد أن أعطت المواطنين فترة زمنية محددة للعودة إلى منازلهم، وإلا تصادر هذه الأخيرة.