صحة

محللون: إيران لا تعير شعبها أي اهتمام

نهاد طوباليان من بيروت وفارس العمران

متظاهرون يحتجون في باريس تضامنا مع الشعب الإيراني الذي خرج إلى الشارع في جميع أنحاء البلاد احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية. [كريستوف سيمون/وكالة الصحافة الفرنسية]

متظاهرون يحتجون في باريس تضامنا مع الشعب الإيراني الذي خرج إلى الشارع في جميع أنحاء البلاد احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية. [كريستوف سيمون/وكالة الصحافة الفرنسية]

قال محللون إن القمع الوحشي الذي يمارسه النظام الإيراني ضد التظاهرات التي اندلعت في وسط إيران بسبب أنباء عن استخدام حقن ملوثة، دليل على معاملته القاسية لشعبه وعدم تعاطفه مع مخاوفهم.

وكان متظاهرون قد اقتحموا الشهر الماضي مكاتب الحكومة المحلية في قرية جنار محمودي في منطقة لوردغان بمحافظة تشهار محال وبختياري الإيرانية.

واتهموا السلطات المحلية بالإهمال زاعمين أن المسؤولين عن حملة الكشف عن مرض السكري أعادوا استخدام الحقن، ما تسبب في إصابة عدد كبير من المواطنين بفيروس نقص المناعة الذي ينتقل عن طريق الحقن الملوثة.

ونفت الحكومة أن تكون العدوى بالفيروس قد انتقلت بهذه الطريقة، لكنها بدلا من طمأنة القرويين والسماح لهم بالتعبير عن مخاوفهم عمدت الشرطة إلى إطلاق النار تحذيرا إضافة إلى القنابل المسيلة للدموع واعتقلت العديد منهم، حسبما ذكرت الأنباء.

ويعتبر هذا النوع من ردود الفعل الجائرة مألوفا في إيران حيث لا احترام لحرية التعبير ويتم قمع التظاهرات التي تثير مروحة كبيرة من القضايا الاجتماعية بدءا من الأوضاع الاقتصادية ووصولا إلى لباس المرأة بدلا من معالجة أسبابها.

قمع التظاهرات

ورجح المحللون الذين تحدثوا إلى المشارق أن ينفجر الوضع في إيران بأي لحظة بسبب ممارسات النظام القمعية، لا سيما لجهة سحق التظاهرات المطالبة بظروف معيشية لائقة.

وفي هذا الإطار، قال الباحث العراقي والمحلل السياسي أنمار الدروبي إن التظاهرات هي وسيلة الشعوب للتعبير عن آرائهم والمطالبة بحقوقهم.

وأضاف للمشارق أنه منذ تولي نظام الملالي السلطة قبل أربعة عقود، حرم الشعب الإيراني من أبسط حقوقه.

وتابع أن هذا النظام المتشدد "دفع بإيران إلى الهاوية، ودأب منذ توليه السلطة على قمع الإيرانيين وفرض قيود صارمة على حرياتهم العامة والشخصية".

وأردف: "لم يعد بإمكانهم التعبير عن آرائهم بحرية أو انتقاد الظروف التي يعيشون فيها، لا سيما مع استمرار حملات الاعتقال والإخفاء القسري للمعارضين وتوجيه الاتهامات إليهم".

وذكر الدروبي أنه "على الرغم من هذه الممارسات التعسفية، يواصل الإيرانيون المجاهرة بمطالبهم المشروعة عبر موجات من التظاهرات تجوب جميع شوارع طهران وأجزاء أخرى من البلاد".

تدهور الأوضاع في إيران

وأوضح الدروبي أن إيران شهدت في السنوات الأخيرة احتجاجات أوسع وأصخب ردا على تراجع أداء قطاعات الخدمات خصوصا القطاع الطبي.

وأكد أن الإيرانيين يشكون من تدهور نظام التعليم ونقص الخدمات الأساسية وارتفاع أسعار الوقود والسلع الاستهلاكية الأخرى.

وأضاف أن النظام مسؤول عن هذه الحالة العامة من التدهور والانحدار التي تسيطر على الداخل الإيراني، مشيرا إلى أن الجمهورية الإسلامية تأسست بهدف "تصدير الثورة الإيرانية"، وكل تركيزها منصب على الخارج.

ولفت إلى أنه ركز اهتمامه على نشر عقيدة ولاية الفقيه في دول المنطقة، وهي عقيدة تدعو إلى الولاء للمرشد الأعلى علي خامنئي.

وترك هذا النهج التوسعي والتدخلي إيران معزولة دوليا ومكبلة بمجموعة كبيرة من العقوبات التي تتزايد.

وتابع: "بدلا من محاولة احتواء الاستياء الشعبي من غياب الحريات والحقوق وسوء الخدمات وظروف المعيشة الصعبة، لجأ النظام إلى قمع أي تظاهرة أو احتجاج واستخدام القوة المفرطة ضدهم".

وقال إن النظام "قد يدفع ثمنا غاليا" لتصديه لإرادة الشعب.

نظام يخشى أن يفقد هيمنته

وأشار النائب العراقي السابق مثال الآلوسي إلى أن النظام الإيراني "وكأي نظام فاشي واستبدادي لا يؤمن بحقوق الشعوب وتطلعاتها".

وأضاف أنه عندما يثور الشعب، يجابهه بكل ما لديه من قسوة وعنف لأنه يخشى من سقوطه".

وقال إن "حكام إيران يعتبرون كل تظاهرة أو نشاط معارض، مهما كان حجمه، تهديد مباشر لسلطتهم ولنظامهم".

وتابع الآلوسي: "حتى تدخلاتهم في الاحتجاجات التي يشهدها الشارع العراقي تأتي في إطار مخاوفهم من خسارة هيمنتهم والخشية من أن تعطي زخما معنويا للشعب الإيراني لتصعيد احتجاجاته ضدهم".

وذكر أن الشارع الإيراني بدوره ممتعض من سياسات النظام التي فشلت في تقديم أي حلول حقيقية للمشاكل التي يواجهها الناس كانتشار الفقر والفساد وإهمال الخدمات العامة.

وفي حديثها للمشارق، اعتبرت الصحافية اللبنانية بادية فحص أن التظاهرة الأخيرة التي شهدتها قرية جنار محمودي هي ضد نظام "لا يفكر بمصالح شعبه وصحته".

وذكرت أن "هناك نقص حاد في الخدمات بالمناطق الفقيرة لدرجة أن السكان محرومون من الماء والكهرباء والطرق والتعليم".

الأموال تذهب إلى الحرس الثوري وميليشياته

وعزت فحص عدم اكتراث النظام الإيراني بشعبه إلى النقص في الأموال نتيجة للنفقات الكبيرة التي خصصها الحرس الثوري لشراء الأسلحة ودعم ميليشياته في الخارج.

وأردفت أن النظام "يجوّع شعبه في سبيل المحافظة على ميليشياته"، مشيرة إلى أن هذه الميليشيات "ترهب المنطقة".

أما المحلل السياسي إلياس الزغبي، فقال للمشارق إن الإيرانيين غارقون في الفقر لأن النظام يستخدم موارده في شراء الأسلحة لعملائه بهدف تعزيز طموحاته التوسعية وتوسيع نفوذه.

من جهته، لفت الناشط السياسي اللبناني لقمان سليم إلى إن النظام الإيراني والحرس الثوري الإيراني "لم يظهروا يوما أي اهتمام بحقوق شعبهم أو يعملوا على توفير الحد الأدنى من الخدمات لهم".

وأوضح للمشارق أن النظام ينفق الكثير من الأموال على تسليح وتمويل ميليشياته في لبنان واليمن وبلدان أخرى، "فيما يهمل الاستثمار في المشاريع الخدماتية والإنمائية" في بلاده.

إلى هذا، قال إن قمعه للتظاهرة التي شهدتها قرية جنار محمودي يعتبر "دليلا على إهمال متعمد لنظام لا يحب شعبه".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500