شهدت الأشهر الأخيرة تعزيزا للتعاون العسكري بين السعودية والولايات المتحدة مع نشر واشنطن لعدد إضافي من الجنود والمقاتلات الجوية في الخليج، حسبما أكد خبراء أمنيون للمشارق.
وقالوا إن تعزيزات الدعم هذه تعكس التزام الولايات المتحدة بأمن المنطقة وتشكل رادعا فعالا لأي تهديدات محتملة من دول مؤذية وكيانات خارجة عن الدولة.
ومن بين هذه الكيانات الحرس الثوري الإيراني وفروعه ووكلائه الإقليميين، إضافة إلى الجماعات المتطرفة التي تهدد أمن المنطقة كتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وتنظيم القاعدة.
وأضافوا أنه مع وصول تعزيزات عسكرية بينية وبشرية إلى الخليج، تراجعت حدة الاستفزازات الإيرانية في المنطقة.
وكانت سلسلة من الحوادث التي وقعت في مياه الخليج قد عرّضت أمن حركة النقل البحرية الدولية للخطر كما أمن السفن التجارية وناقلات النفط.
وانخفضت وتيرة هذه الحوادث مع تعزيز الولايات المتحدة لدعمها العسكري لدول الخليج عبر التدريب والدعم اللوجستي وتنفيذ تمارين مشتركة.
وفي أيلول/سبتمبر الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنها سترسل إلى السعودية 200 جندي إضافة إلى نشر عدد من صواريخ باتريوت لتعزيز الدفاع الجوي في المملكة.
وفي الأول من تشرين الثاني/نوفمبر، أجرت مقاتلة جوية أميركية من طراز بي-52 أتش ستراتوفورتريس طلعة جوية فوق منطقة الخليج يرافقها أربع مقاتلات جوية سعودية من نوع إيغلز أف-15سي، وذلك ضمن مناورات لتعزيز العمل المشترك مع الشركاء السعوديين.
وتأتي هذه المناورات أيضا بهدف دعم المصالح الأمنية الإقليمية المشتركة.
والمقاتلة الجوية بي-52 أتش ستراتوفورتريس هي قاذفة استراتيجية بعيدة المدى قادرة على حمل وإلقاء كميات هائلة من القنابل الدقيقة ضد أهداف معادية، وتعمل كجزء من قوة مهاجمة متمركزة في قاعدة السلاح الجوي الملكي فيرفورد في المملكة المتحدة.
وتتمتع هذه القاذفات الاستراتيجية بقدرة على الاستجابة السريعة عند الحاجة إليها.
شراكة استراتيجية دائمة
وعن هذا الموضوع، أكد الباحث بالشأن الخليجي أحمد عبد الله الشهراني أن الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والسعودية ودول الخليج قد أثبتت فعاليتها "لأنها دائمة وغير مرتبطة بمصالح عابرة أو ظروف مؤقتة".
وأضاف للمشارق أن وصول القوات البرية الأميركية إلى السعودية وتنفيذ مناورات بحرية في مياه الخليج "دفع الإيرانيين إلى التفكير جيدا قبل الإقدام على أي عمل يهدد أمن دول الخليج".
وينسحب هذا الأمر على الجماعات الإرهابية الخارجة عن الدولة والتي قد تسعى إلى زعزعة أمن الملاحة البحرية في المياه الدولية أو مياه الخليج الإقليمية.
واعتبر أن وجود سلاح الجو الأميركي في الخليج يشكل عامل استقرار، مشيرا إلى أن قدرته على الاستجابة بسرعة لمواجهة الاعتداءات تعتبر قوة رادعة.
وفي تموز/يوليو الماضي، أعلنت وزارة الدفاع السعودية أن الملك سلمان وافق على استضافة القوات المسلحة الأميركية في قاعدة الأمير سلطان الجوية الواقعة في الصحراء جنوب الرياض.
من جهتها، أعلنت القيادة المركزية الأميركية في حينه أنه "بتنسيق مع المملكة السعودية وبدعوة منها، سمح وزير الدفاع بنقل أفراد وموارد أميركية لنشرها في السعودية".
وفي تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أرسلت الولايات المتحدة إلى القاعدة عددا من القاذفات الاستراتيجية من طراز بي-1بي.
نهج فعال
وفي حديثه للمشارق، أكد الباحث بالشأن السياسي أحمد الحمداني، أن للولايات المتحدة تاريخا طويلا من المساهمة في حماية مصالح دول الخليج.
وأضاف أن إرسالها لقوات ولأكثر القاذفات فعالية في العالم، يوجه "رسائل واضحة لإيران بأن الولايات المتحدة لن تتخلى عن دعم دول الخليج".
وتابع الحمداني: "أعتقد أن إيران فهمت الرسالة وظهر ذلك جليا إثر تراجع التحرشات في مياه الخليج إلى حد كبير".
وأردف أن التعاون الجاري مع الولايات المتحدة "يهدف بشكل عام إلى منع أي تهديد أمني لدول الخليج"، مؤكدا أن هذا النهج أثبت فعاليته.