أكد خبراء في حديث للمشارق أن الخدمات الصحية في المناطق اليمنية الخاضعة للحوثيين (أنصار الله) المدعومين من إيران قد تضررت إلى حد كبير نتيجة التعليق المتواصل لرواتب القطاع العام.
وأوضحوا أن الفيضانات المفاجئة الأخيرة والصيانة المتردية لأنظمة إدارة النفايات والافتقار إلى المياه النظيفة المستخدمة للشرب أو الري قد سرّعت في انتشار الكوليرا.
وبين كانون الثاني/يناير ومطلع تموز/يوليو الجاري، تم الاشتباه بأكثر من 460 ألف حالة إصابة بالكوليرا، بينها نحو 200 ألف طفل. وبالمقارنة مع العام الحالي، تم الاشتباه في العام 2018 ككل بـ 380 ألف حالة.
وهذه السنة وحتى اليوم، تم تسجيل 705 حالة وفاة نتجت عن إصابة مشتبهة بالكوليرا، مقابل 75 حالة وفاة خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وفي تقرير صدر في 30 حزيران/يونيو، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) من تدهور الخدمات الأساسية جراء انقطاع دفع رواتب القطاع العام.
وقالت المنظمة إنه "مع دخول الحرب في اليمن عامها الخامس، لم تدفع رواتب أكثر من 1.25 مليون موظف حكومي منذ أكثر من سنتين ونصف، بمن فيهم الأطباء والأخصائيون الاجتماعيون وغيرهم من العاملين في القطاع العام".
وجاء في التقرير أن عدم دفع الرواتب أدى إلى إلغاء أو تخفيض ساعات عمل المرافق الصحية والمدارس ومرافق المياه والصرف الصحي وغيرها من الخدمات الاجتماعية الأساسية.
وأشار إلى أن 51 في المائة فقط من إجمالي المرافق الصحية ما تزال تعمل بشكل كامل، علمًا أن هذه الأخيرة تعاني أيضًا من نقص حاد في الأدوية والمعدات والموظفين.
وتابع أن معدل وفيات الأمهات ارتفع بشكل حاد خلال الحرب، من 5 حالات في اليوم عام 2013، إلى 12 حالة في 2018. ولفت إلى أن "موت الأمهات يزيد بشكل كبير من خطر وفاة أطفالهن".
حيث أن الطفل الرضيع الذي توفيت والدته معرض لخطر الموت بشكل أكبر، إما بسبب سوء التغذية أو بصورة غير مباشرة من خلال التعرض للعدوى.
انقطاع الرواتب يؤدي إلى انهيار الخدمات
وفي هذا السياق، قال نبيل عبدالحفيظ وكيل وزارة حقوق الإنسان إن انهيار قطاع الخدمات الصحيةوقطاع التعليم جاء نتيجة لتوقف الرواتب، الأمر الذي زاد من معاناة المواطنين بشكل مباشر أو غير مباشر.
وبالحديث عن التأثير المباشر، قال عبدالحفيظ للمشارق إن توقف الرواتب المطول جعل الناس غير قادرين على تحمل تكاليف الرعاية الصحية والمتطلبات الأساسية للدراسة.
وتابع أن "التأثير غير المباشر ينعكس في الأداء السيء للعاملين في القطاع الصحي وقطاع التعليم"، بحيث لا تبلغ نسبة الإنتاج في هذين القطاعين النصف مقارنة بالفترة التي كان يتم فيها دفع رواتب الموظفين.
وأشار إلى أن الحوثيين المدعومين من إيران "تملصوا عن دفع المرتبات للموظفين في مناطق سيطرتهم".
وذكر أن موظفي القطاع العام يحصلون فقط على نصف راتبهم كل 4 أشهر تقريبًا، لافتًا إلى أن الحوثيين "يمارسون الضغوط والأساليب القسرية على موظفي قطاع الصحة والتعليم لإجبارهم على العمل".
وأضاف أن ذلك "أثر على أداء العاملين في هذين القطاعين بشكل مباشر"، وعلى قطاع الصحة بشكل خاص.
وتابع أن الإمارات قدمت دعمًا كان من المقرر استخدامه لدفع 50 دولارًا شهريًا لكل مدرس ليستمر بالعمل.
ولكن حصل البعض على دولارين في الشهر، فيما لم يستلم الـ 800 ألف الآخرين المبلغ "ذلك أن الحوثيين منحوه لأنصارهم الذين استبدلوهم مكان المعلمين الأساسيين".
وقال عبدالحفيظ إن "الحوثيين يتعمدون مضاعفة معاناة اليمنيين من خلال استخدام الجوع والجهل والمرض كأدوات لتركيع الشعب وإذلاله وإخضاعه".
تدهور القطاع الصحي
وذكر عبدالحفيظ أن "بعض الموظفين سافروا إلى عدن من أجل استلام الراتب، لكن قبض عليهم أثناء عودتهم إلى صنعاء"، فيما اعتُقل آخرون في منازلهم.
وقال إن الحوثيين اتهموا من استلموا رواتبهم من الحكومة الشرعية في عدن، واصفين إياهم بـ"المرتزقة والخونة".
ومن جانبه، أوضح المحلل السياسي وضاح الجليل في حديث للمشارق أن توقف الرواتب أدى إلى زيادة الركود الاقتصادي مع تراجع إيرادات المطاعم والمحلات التجارية.
وقال الجليل إن "توقف المرتبات أدى أيضًا إلى نزوح الكثير من أسر موظفي [القطاع العام] إلى قراهم لعدم القدرة على سداد الإيجارات".
وتابع أن كثيرين أجبروا على البحث عن مصادر دخل بديلة.
كذلك، أشار إلى أن الخدمات الصحية تراجعت بصورة ملحوظة، "إذ فقد القطاع الصحي الكثير من الكوادر التي نزحت إلى خارج البلاد للبحث عن فرص عمل".
ولفت إلى أن المستشفيات الحكومية التي بقيت شغالة وقعت ضحية الفساد والنهب والهجمات التي نفذها الحوثيون.
وختم الجليل قائلًا إن تدهور القطاع الصحي أدى إلى تدهور وضع الصحة العامة "وحد من قدرة القطاع الطبي على السيطرة على الأمراض والأوبئة، ما أسفر عن ارتفاع في حالات الوفيات".