انضم مسؤولون وناشطون يمنيون إلى منظمات دولية لحقوق الإنسان في إدانة أحكام إعدام أصدرتها محكمة خاضعة لسيطرة الحوثيين بالعاصمة اليمنية صنعاء ضد 30 أكاديميا ونقابيا وواعظا.
وكانت المحكمة الجزائية الخاصة بصنعاء قد أصدرت في 9 تموز/يوليو حكما يقضي بإعدام 30 شخصا على خلفية اتهامهم بالتجسس وتقديم معلومات وإحداثيات للتحالف العربي لشن غارات جوية، فيما حكمت ببراءة ستة آخرين.
وأعلن الحوثيون عن نيتهم تنفيذ أحكام الإعدام خلال 15 يوما.
وطالبت وزارة حقوق الإنسان اليمنية ومنظمة العفو الدولية ورابطة أمهات المعتقلين وناشطون حقوقيون آخرون بإلغاء هذه الأحكام.
ووصفت الوزارة هذه المحاكمة بـ "الهزلية"، مشيرة إلى أن مجلس القضاء الأعلى جرّد المحكمة التي أصدرت الأحكام من صلاحياتها قبل 18 شهرا.
وفي حديثه للمشارق، قال وكيل وزارة حقوق الإنسان نبيل عبد الحفيظ: "ندين ونستنكر كل جرائم الحوثيين، بما في ذلك الأحكام الصادرة بإعدام 30 أكاديميا وناشطا وحقوقيا".
واعتبر عبد الحفيظ إصدار هذه الأحكام جريمة وإطالة لمحنة المتهمين، لافتا إلى أنهم مدنيون اختطفوا من منازلهم منذ أربعة أعوام وتعرضوا للتعذيب.
وتابع: "طالبنا المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والمبعوث الأممي إلى اليمن بسرعة التحرك لإنقاذ المحكومين".
وأكد أنهم "لم يرتكبوا أي جريمة بحق الآخرين أو بحق وطنهم سوى معارضتهم لحكم الحوثيين وطريقة العيش التي يفرضونها في مناطق سيطرتهم".
'استهزاء بالعدالة'
من جانبها، وصفت منظمة العفو الدولية أحكام الإعدام بأنها "استهزاء بالعدالة" وتأكيد أن القضاء تحول إلى أداة للقمع بدلا من تطبيق العدالة.
وأضافت أن الأحكام تظهر نمطا ممنهجا في توظيف القضاء لتسوية الحسابات السياسية، داعية من أسمتها بـ "سلطات الأمر الواقع" في صنعاء إلى إلغاء تلك الأحكام الجائرة والقاسية وإلى الإفراج عن الرجال الثلاثين فورا.
بدوره، قال المحامي والناشط الحقوقي عبد الرحمن برمان للمشارق، إن هذه الأحكام تعتبر جريمة بحق المحكوم عليهم وأهاليهم الذين يعيشون حالة حزن وخوف شديد.
وأضاف أن الأحكام صدرت عن قضاة اغتصبوا السلطة وعن محكمة ألغاها مجلس القضاء الأعلى قبل عام ونصف حين نقل صلاحياتها إلى المحكمة الجزائية بمأرب.
وتابع برمان أن الحوثيين يستخدمون المؤسسة القضائية التي سيطروا عليها في المناطق الواقعة تحت قبضتهم لاضطهاد أساتذة الجامعات وطلابها إضافة إلى الناشطين، كما حصل في هذه المحاكمة الأخيرة.
وذكر أن بين المتهمين أستاذ الألسنية في جامعة صنعاء يوسف البواب، وهو يعتبر علامة في مجاله، فضلا عن الأستاذ الجامعي نصر السلامي الذي كان يشغل منصب رئيس قسم الإفتاء الشرعي في مصرف كاك الإسلامي.
وذكر أن المحكمة حكمت ببراءة ستة أشخاص لأن النيابة العامة وجهت إليهم تهما بالتورط بأحداث وقعت عام 2016 بينما يقبعون في السجون منذ العام 2015.
وأكد أن هذا الأمر سبب إحراجا للمحكمة.
قمع الخصوم السياسيين
وقال برمان إن الحوثيين يسعون للقضاء على معارضيهم من أصحاب الفكر في محاولة لقمع نفوذ الأشخاص الذين يعارضون سياساتهم.
وأوضح أن هذا الأسلوب يحاكي طريقة عمل النظام القانوني في إيران التي "تعد الأولى في العالم من حيث إصدار الأحكام سنويا ضد السياسيين والمعارضين لها".
وطالب برمان الأمم المتحدة بالتحرك لإلغاء هذه الأحكام التي وصفها بإنها نسف لجهود السلام واتفاق ستوكهولم الموقع في كانون الأول/ديسمبر، 2018.
من جانبه، قال الناشط السياسي والصحافي رشاد الشرعبي للمشارق، إن هذه الأحكام صادرة عن محكمة غير شرعية يسيطر عليها الحوثيون وترقى لعملية تصفية جماعية بحق 30 ناشطا سياسيا.
وأضاف أن هؤلاء الرجال تم اختطافهم قبل أربع سنوات وتعرضوا لشتى أنواع التعذيب النفسي والجسدي.
وأوضح أنهم "شخصيات مدنية وأساتذة جامعات ومعلمون وأطباء ومهندسون وطلاب جامعات، اختطفوا من منازلهم ومقرات عملهم".
وأكد أن اختطافهم يأتي ضمن عملية تهدف إلى تجريف الحياة السياسية، مشيرا إلى أن الحوثيين سيطروا بقوة السلاح على مساحات شاسعة من البلاد وعلى مؤسسات الدولة وبينها القضاء.