في شهر أيلول/سبتمبر من العام 2014، نفذ الحوثيون المدعومون من إيران (أنصار الله) انقلابا في صنعاء نتج عنه صراع طويل دمر البنية التحتية للبلاد وشرد وقتل شعبها وأفقره.
واليوم، تشهد المحكمة الجزائية في العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية، عدن، محاكمة غيابية لمجموعة من 32 قائدا من قياديي الحوثيين، بينهم قائد الميليشيا عبد الملك الحوثي.
وعقدت المحكمة الجزائية المتخصصة في عدن جلستها الأولى للنظر في هذه القضية يوم 2 أبريل/نيسان، قدمت خلالها النيابة الجزائية عريضة اتهام ضد 32 قائدا من قادة الحوثيين.
ووجهت للمتهمين تهما تترواح بين تشكيل ميليشيات تابعة لإيران وتنظيم انقلاب مسلح ضد الحكومة وارتكاب جرائم قتل وخطف وتعذيب وسرقة احتياطيات مالية من البنك المركزي.
وشملت التهم أيضا محاصرة الرئيس اليمني ومحاولة اغتياله وحل البرلمان والاستيلاء على عتاد عسكري، إضافة إلى احتلال مؤسسات الدولة وتنفيذ اجتياحات مسلحة للمدن.
وضمت أيضا تهمة التخابر مع دولة أجنبية بقصد الإضرار بموقع اليمن العسكري والسياسي والدبلوماسي والاقتصادي، وتوسيع نفوذ هذه الدولة في المنطقة.
ووجهت للحوثي تهمة تشكيل ميليشيات مسلحة تأخذ أوامرها من إيران وتهدف لإسقاط الدولة والنظام السياسي والاجتماعي عبر استخدام القوة، ما يعرض استقلال اليمن ووحدة أراضيه للخطر.
واتهم أيضا بقيادة عصابة تضم منشقين عن القوات المسلحة تلقت تدريبا على أيدي حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني بقصد الإطاحة بالحكومة.
وطالبت النيابية الجزائية في عريضة الاتهام المحكمة بفرض العقوبات التي ينص عليها القانون، مع الأخذ في الاعتبار أن المتهمين الـ 32 فارون من العدالة.
واستدعت المحكمة المتهمين وأمرتهم بالمثول أمامها في الجلسة المقبلة التي حددت في 1 تموز/يوليو.
ضمان صدور أحكام تدين المتهمين
وفي حديث للمشارق، قال وكيل وزارة العدل اليمنية فيصل المجيدي، إن "أهمية هذه القضية تكمن في التوصل إلى إدانة هؤلاء المتهمين لينالوا جزائهم العادل قضائيا".
وأوضح أن تأجيل الجلسة لاستدعاء المتهمين "يتوافق مع قانون الإجراءات الجزائية"، متوقعا أن تجري محاكمة المتهمين غيابيا.
وأكد أن ضمان صدور أحكام تدين هؤلاء سيكون الخطوة الأهم، "وسنبحث لاحقا في كيفية تنفيذ هذه الاحكام".
وتأتي هذه المحاكمة بعد ان دانت محكمة تابعة للحوثيين في صنعاء الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وكبار قيادات الدولة، وأصدرت بحقهم حكما بالإعدام وبمصادرة ممتلكاتهم بتهم التخابر مع السعوديين.
وذكر المجيدي أن المحاكم في مناطق سيطرة الحوثيين لم يعد لها صفة قانونية لا سيما بعد أن استبدلت الميليشيا قضاتها والعاملين فيها بآخرين موالين لها.
وأردف: "لذلك، هذه الأحكام هي أحكام سياسية ولا تتمتع بأي خلفية قانونية".
أما عن القضية المرفوعة ضد زعيم الحوثيين وبقية المتهمين، فأوضح "أننا نتحدث عن إجراءات حكومية مؤسسية تقوم على ادلة".
وأضاف "أن فرصة الدفاع متاحة أمام المتهمين بالشكل المطلوب".
’خطوة في الاتجاه الصحيح‘
من جانبه، قال المحامي والناشط الحقوقي عبد الرحمن برمان للمشارق، إن إجراءات محكمة عدن الجنائية تجري غيابيا وهذا الأمر يتوافق مع القانون في حال عجزت السلطة عن القبض على المتهمين.
وتابع أنه في هذه الحالة، "يطلب من الجهات الدولية المختصة المساعدة في إلقاء القبض عليهم، وعند حصول ذلك يسلمون إلى القضاء المحلي".
ووصف برمان المحاكمة بأنها "خطوة في الاتجاه الصحيح".
بدوره، أكد المحلل السياسي عادل الشجاع للمشارق، أن هذه المحاكمة ستكون "مجدية أكثر لو تمت مباشرة بعد استقرار الحكومة الشرعية في عدن".
"ومع ذلك، تعد خطوة سليمة حتى ولو جاءت متأخرة، وسيكون لها فاعلية إذا تم التعامل معها عبر القنوات الصحيحة والسليمة"، حسبما أضاف.