أكد ناشطون واكاديميون إيرانيون تحدثوا للمشارق، أن محاولات إيران الأخيرة لقمع المعارضة والتغطية على أنباء المظاهرات ضد الحكومة تظهر الإحباط الذي تعيشه في محاولة إخفاء عدم الاستقرار الداخلي فيما تسعى لحشد النفوذ في دول أخرى في المنطقة.
ونظم متظاهرون في أنحاء البلاد بين 28 كانون الأول/ديسمبر و1 كانون الثاني/يناير احتجاجات على الوضع الاقتصادي المتأزم، فيما أبدى العديد من المعارضين اعتراضهم من استخدام النظام الإيراني لموارد البلاد من أجل دعم وكلائه، مثل حزب الله اللبناني والنظام السوري.
هذا وقتل 25 شخصا خلال الاضطرابات، بحسب السلطات.
الناشط الإيراني في مجال حقوق الانسان حيدر حميدي قال للمشارق إن "الحرس الثوري سعى منذ الثورة الاسلامية والانقلاب على الشاه [محمد رضا بهلوي] إلى الانتشار خارج الحدود الإيرانية".
وقد سعى الحرس الثوري إلى ذلك عن طريق محاولة تصدير الثورة تحت حجة كاذبة وهي نصرة المستضعفين، ونجح جزئيا بالأمر في بعض الدول العربية من خلال استقطاب أبناء الطائفة الشيعية لمناصرة قضاياهم، وفق ما ذكر حميدي.
إلا أن التظاهرات الشعبية الأخيرة وما تكشفه عن الفقر والوضع الاقتصادي المتردي داخل إيران "سيؤثر دون شك على مصداقية الحرس الثوري"، بحسب ما أشار.
حيث يتم طرح السؤال، وفق ما تابع حميدي: "كيف تنصر المستضعفين وانت تقمع وتفقر شعبك؟"
واضاف أن الكثير من الإيرانيين يعيشون تحت خط الفقر، ولفت إلى أن النظام يقوم بقتل الشباب الناقم بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات على الأوضاع السيئة في البلاد.
وأضاف "بالتالي فإن مواجهة إيران اقليميا والمواجهات الشعبية في الداخل تصب في نفس الخانة التي تؤدي إلى اضعاف الحرس الثوري واحلامه التوسعية، لذا نراه يحاول بشتى الطرق وكل الأساليب الجرمية والمنافية لحقوق الإنسان إسكات الاصوات المعارضة بل القضاء عليها".
التغطية على الاضطرابات الداخلية
من حهته، قال عباس محمدي الأستاذ المحاضر بكلية الحقوق بجامعة طهران، للمشارق إن "الحرس الثوري الإيراني وجد في الفترة الاخيرة نفسه في مأزق كبير".
وأوضح محمدي الذي طلب استخدام اسم مستعار خوفا على سلامته، "في الوقت الذي يسعى فيه لتصوير نفسه بأنه القوة التي لا تقهر في الخارج، خصوصا في سوريا والعراق واليمن ولبنان، بدأ الداخل الإيراني بالاهتزاز".
ولفت إلى أن ذلك بدأ يؤثر على الهيبة التي يحاول الحرس التسلط من خلالها.
وأشار محمدي إلى أن استمرار التظاهرات تظهر في منظر "الضعيف"، الأمر الذي سيؤثر على طموحاتها الاقليمية وحلمها في فرض سيطرتها على منطقة الشرق الأوسط.
وتابع "من هنا نجد السلطات الامنية وكافة أفرع الحرس الثوري تسعى جاهدة وبشتى الطرق إلى اخفاء ما يجري في مختلف المناطق الإيرانية من حالة غليان شعبي وتظاهرات".
وأضاف "ذلك إما من خلال الإعلام المضاد الذي ينفي هذه الوقائع أو من خلال التلاعب وقطع خدمات الإنترنت وحجب مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت الوسيلة الأنجح للشباب المعارض لنقل الاحداث عبر العالم".
قطع خدمات الانترنت
وفي هذا الاطار، قالت الطالبة في كلية الحقوق بجامعة طهران زهرة دوست محمدي للمشارق إنها شاركت في عدد من المظاهرات في العاصمة ضمن التكتلات الشبابية الجامعية.
وأشارت إلى أنه "رغم الاندفاع والشجاعة التي تسيطر على تصرفات المتظاهرين، إلا أن الشعور بامكانية التعرض للقتل من قبل قوات الشرطة المحلية او الشرطة السرية منتشر بشكل كبير".
وأكدت "أن المتظاهرين يحاولون بأي شكل من الاشكال عدم التعرض للاعتقال ليقينهم بالمصير الذي ينتظرهم خلال التحقيقات التي تجريها فروع الأمن او المصير الذي قد يتعرضون له في المعتقلات والسجون".
واعتبرت أن السلطات الامنية تعمد وبشكل علني إلى "محاولة قطع التواصل بين ابناء الشعب الإيراني لدى احساسها باي نوع من أنواع المعارضة".
وتقوم السلطات بذلك من خلال قطع خدمات الانترنت "بشكل تام أو العمل على اضعافها لتصبح غير فعالة، أو تقوم بين الحين والاخر بحجب مواقع التواصل الاجتماعي الاساسية والمستعملة من قبل المتظاهرين الشباب"، وفق ما تابعت.
ولفتت إلى أن تويتر وتليغرام من التطبيقات الأبرز التي يتم قطعها.
وتابعت "وبذلك تكون [سلطات النظام الإيراني] قد منعت جزئيا التواصل الداخلي، بالاضافة إلى نجاحها جزئيا بحجب أي معلومة قد ترسل إلى الخارج".
ووصفت ذلك بأنه "تعمّد من السلطات لحجب الصورة الحقيقية للشارع والمجتمع الإيراني، ولكي تبقى دائما حسنة الصورة للمحافظة على هيبتها".
’استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين‘
في الإطار ذاته، أكد الأستاذ عباس محمدي أن "النظام الحاكم في إيران لا يفرق بين كبير وصغير أو متظاهر شاب ببداية عمره أو اكاديمي أو كهل".
"فجميع معارضي النظام سواسية من ناحية والمصير الأسود ينتظرهم"، وفق ما رأى.
"لكن الاوضاع الان اختلفت ونسبة الوعي باتت مختلفة، وبالتالي فإن القمع يبقى الحل الوحيد للنظام لإسكات أي صوت معارض"، بحسب ما ذكر.
وأوضح أن استخدام "القوة المفرطة ضد المتظاهرين والمعارضين للنظام أدى إلى مقتل العديد من الناشطين والمتظاهرين".
ولفت حميدي إلى أن الناشطين في إيران يقومون بجهد كبير لمعرفة مصير آلاف المعتقلين، بالاضافة إلى كشف الممارسات اللاإنسانية الممارسة في المعتقلات.
وأشار إلى أن عدد المعتقلين الذين توفوا في الاعتقال غير معروف، نظرا لأن أي معلومات من السجون أو مراكز الاعتقال قليلة جدا.
وأضاف أن "المعتقلين محرومون من ابسط حقوقهم القانونية والمدنية والانسانية كما يتم منع لجوئهم إلى توكيل المحامين أو الاتصال بذويهم".