قال خبراء إن الأيديولوجية المتشددة لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، بدأت تفسح المجال لأفكار الجيل الجديد، في ظل حلول ضباط شباب محل كبار الضباط الذين برزت أسماؤهم في حقبة الحرب العراقية الإيرانية.
ويواجه الفيلق النخبوي الذي يشرف على عمليات إيران الخارجية، آثار تغير الأجيال في صفوفه وتجد المقاربة التقليدية للضباط الكبار نفسها مهددة من قبل الضباط الجدد الانتهازيين.
وقد أضعف صراع الأجيال على صعيد الحافز والقيم، هيبة الفيلق وتسبب بحالة من الاستياء في صفوفه، ذلك أن بعض الأعضاء الجدد غير الملتزمين بشكل كامل بقضيته يستغلون مناصبهم لمصلحتهم الخاصة.
وقد استغل بعضهم حتى منصبهم في القوة النخبوية للحصول على امتيازات والتورط في أعمال إجرامية كتهريب المخدرات والإتجار بها.
تغير الشباب الإيراني
وفي هذا السياق، قال فتحي السيد الباحث في مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية، إن "فيلق القدس لطالما كان الذراع الخارجية للحرس الثوري".
وأوضح للمشارق أن القوة بالتالي "تضم أكثر المتشددين المنتمين للجيل الأول للثورة الإيرانية".
وأضاف أنه في ظل خروج ضباط تلك الحقبة واستبدالهم بالشباب الإيراني، يحاول الفيلق الحفاظ على صيته عبر محاولة التعتيم على التغيرات التي طرأت عليه بعد توغل الضباط الشباب في صفوفه.
وقال إن "هذه الأجيال نقلت معها إلى الفيلق التغيرات العامة التي طرأت على عموم الشباب الإيراني الذي بات أقل التزاما وتزمتا وبعيدا عن التشدد".
وذكر أن بعض الضباط الشباب يعتبرون الفيلق فرصة عمل وليس دعوة أيديولوجية، ويعود ذلك جزئيا إلى الظروف الاقتصادية المتدهورة التي تواجهها إيران.
وأدت هذه الظروف إلى تظاهرات دعت لإصلاح اقتصادي، مع مطالبة العديد من الشباب بالإصلاح الاجتماعي في أجزاء مختلفة من البلاد.
وأشار السيد إلى أن الشباب الإيراني تغير وأصبحت أفكاره أقل تقليدية، وقد أخذ هذه الأفكار معه إلى القطعات العسكرية التي يخدم فيها، ومنها فيلق القدس.
وأوضح "بشكل طبيعي، حدث صدام بينهم وبين قدامى الفيلق الذين يعتبرون من الحرس القديم ومؤسسي الفيلق ومن الجيلين الأول والثاني".
فساد داخل فيلق القدس
وفي هذا السياق، قال الصحافي السوري محمد العبدالله للمشارق إن معلومات واردة من مناطق سيطرة الحرس الثوري الإيراني في سوريا، تشير إلى أن عددا من العناصر الشابة في الحرس الثوري "يقومون بالكثير من الصفقات الخاصة لحسابهم".
وأوضح أن ذلك يتم بمساعدة عناصر الميليشيات المنتشرة في تلك المناطق، وخصوصا الميليشيات السورية واللبنانية.
وأضاف "تحصل معظم عمليات التهريب وبيع المسروقات بعلم الضباط الشباب وبغطاء وتسهيلات منهم".
وأكد أن "فساد عناصر وضباط فيلق القدس وصل إلى تسهيل تهريب المواد المخدرة والمخدرات من وإلى سوريا مقابل مبالغ مالية ضخمة من المهربين".
وقال إن "الأمر الأهم هو السماح لعناصر حزب الله اللبناني بفرض الاتاوات في بعض المعابر الأساسية، خصوصا في مناطق دير الزور والبوكمال مقابل نسبة من الأموال تخصص لهم".
وأشار العبدالله إلى أن قيادة الحرس الثوري قامت باستبدال العديد من الضباط بهدف استعادة السيطرة، إلا أن الأمور لم تتغير على الأرض.
تأثير وسائل التواصل الاجتماعي
وبدوره، قال مدير قسم الإعلام الجديد في مركز ابن الوليد للدراسات والأبحاث الميدانية مازن زكي، إن "مواقع التواصل الاجتماعي ووسائط التواصل كان لها دور لو جزئي في التغيير النمطي لتفكير الشباب في إيران".
وأضاف أن هذه المواقع والوسائط وفرت مساحة أكبر يستطيع فيها الشباب مناقشة أوضاعهم وأفكارهم مع نظرائهم في البلدان الأخرى.
وأكد للمشارق أن جيلا كاملا من الإيرانيين نشأ ويبتعد معظمه عن التعصب ويميل إلى الحداثة.
وقال زكي إنه ورغم محاولة السلطات الإيرانية إقفال مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي للسيطرة على الشباب، إلا أن هؤلاء استطاعوا الالتفاف على هذه المحاولات وأوجدوا طرقا للتواصل والتعبير عن آرائهم.