تواصل المحاكم المصرية جلساتها الخاصة بمحاكمة عناصر من تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، حيث تم خلال السنوات الثلاث الماضية القبض على عدد كبير منهم لتورطهم بعمليات إرهابية.
في هذا الإطار، أوضح الباحث السياسي عبد النبي بكار، وهو أستاذ في جامعة الأزهر كلية الشريعة والقانون، للمشارق "أنه منذ عام 2013 وبعد انتشار أفكار تنظيم داعش وظهور خلاياه في مصر بدأت الملاحقات الأمنية وبدأت الاعتقالات التي أدت إلى توقيف عدد كبير من مبايعي التنظيم".
وأوضح أن عددا من الاشخاص تورطوا بالترويج لفكر التنظيم والتجنيد للعمل معه.
وأكد أن "الملاحقات القانونية للمتهمين بالانتماء إلى التنظيمات الإرهابية خصوصا تنظيم داعش من العمليات القانونية الطويلة والمعقدة جدا، فالعديد من الاجراءات تميز هذه المحاكمات عن باقي المحاكمات الاخرى المتعلقة بالامور الجنائية كجرائم القتل أو الشروع بالقتل".
وتابع "لذلك فإن محاكمات الإرهاب تأخذ وقتا طويلا جدا خصوصا أنها تتعلق بمسالة الامن القومي".
ولفت إلى أن المتهمين يخضعون للتحقيق بعدها يتم نقلهم إلى مرحلة المحاكمات، حيث يمثلون أمام المحاكم الجنائية التي تنقلهم بدورها إلى الغرف المختصة بالإرهاب.
قضايا متعددة
وفي هذا المجال اعتبر المحامي أحمد عمر استاذ القانون الجنائي في جامعة المنصورة، للمشارق أن أبرز قضايا الإرهاب التي يتناقلها الاعلام تعرف بقضية "ولاية داعش حلوان".
وقد اتهم فيها أربعة اشخاص "للسعي للانضمام بجماعة إرهابية مقرها خارج مصر تمهيدا للقيام بأعمال إرهابية داخل مصر وتحديدا ضد مؤسسات الدولة".
وذكر "وجهت للمتهمين تهما السعي للتوجه إلى سوريا وليبيا لتلقي التدريبات واكتسبات الخبرات القتالية".
وأضاف أنه تليهم بالأهمية مجموعة مكونة من 16 شخصا وهم معروفون اعلاميا بـ "العائدون" من ليبيا وكانوا قد أوقفوا عند أحد المعابر مع ليبيا أثناء محاولتهم العودة إلى مصر قادمين من ليبيا، وتم اتهامهم بالمشاركة بأعمال عنف خارج مصر والعمل على تنفيذ اعتداءات إرهابية داخلها.
وتجري حاليا، وفق ما تابع عمر، محاكمة لمجموعة معروفة بخلية "الوراق" المكونة من تسعة افراد تم اتهامهم بمهاجمة رجال الشرطة والسعي إلى توتير الاوضاع الداخلية وتعكير السلم الاهلي.
ومن الخلايا ايضا الخاضعة للمحاكمات خلية تم تسميتها اعلاميا بـ "ولاية داعش القاهرة"، وهي مكونة من ثمانية متهمين تم توقيف خمسة منهم وجاري البحث عن الآخرين.
أما من القضايا التي شارفت على نهايتها وقرب النطق بالأحكام فهي قضية خلية "طنطا" المكونة من تسعة متهمين الذين "ثبت تورطهم بالاتصال مع عناصر داعش في الخارج للتنسيق لاستهداف قوات الامن في منطقة دلتا النيل".
قانون مكافحة الإرهاب
من جانبه، شرح وائل الشريمي استاذ القانون الجنائي الدولي في جامعة القاهرة، للمشارق أن المتهمين الذين يثبت تورطهم بالأعمال الإرهابية المسلحة وغير المسلحة، كالترويج لأفكار جماعة إرهابية أو تجنيد العناصر لصالحها يقدمون إلى المحاكمة التي تنظر في القضية بموجب قانون الإرهاب.
وأضاف أن القانون تمت المصادقة عليه من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي بتاريخ 16 آب/أغسطس 2015، والذي جاء مع كافة تعديلاته ليحدد بدقة أوصاف الجماعات والاشخاص الذين تتم محاكمتهم بموجبه.
وأوضح أن تعريف الجريمة الإرهابية حسب هذا القانون جاء بأنها " كل جريمة منصوص عليها في هذا القانون وكذا كل جناية أو جنحة ترتكب باستخدام إحدى وسائل الإرهاب أو بقصد تحقيق أو تنفيذ غرض إرهابي أو بقصد الدعوة إلى ارتكاب أي جريمة مما تقدم أو التهديد بها وذلك دون إخلال بأحكام قانون العقوبات".
أما العمل الإرهابي فمن توصيفاته حسب القانون، وفق ما تابع الشريمي، بأنه كل "استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع في الداخل أو الخارج بغرض الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع أو مصالحه أو أمنه للخطر، أو إيذاء الأفراد أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو حقوقهم العامة أو الخاصة أو أمنهم للخطر أو غيرها من الحريات والحقوق التي كفلها الدستور".
وكذلك كل سلوك يرتكب بقصد "الإضرار بالاتصالات أو بالنظم المعلوماتية أو بالنظم المالية أو البنكية أو بالاقتصاد الوطني أو بمخزون الطاقة أو بالمخزون الأمني من السلع والمواد الغذائية والمياه أو بسلامتها أو بالخدمات الطبية في الكوارث والأزمات".
وأشار الشريمي إلى أن "قانون الإرهاب لم يترك أي ثغرة يستطيع الإرهابي أو الجماعات الإرهابية الإفلات [من العقاب]".
ورأى أن "القانون راعى روح العصر بسبب تطرقه بل وتركيزه على مسألة التواصل مع الخارج من خلال شبكات الاتصال الحديث".
وأشار إلى أن القانون نص أيضا على خضوع المتهمين للمحاكمة بموجب قانون الإرهاب إذا ما ثبت استغلالهم لشبكات الاتصال لأعمال الترويج للجماعات الإرهابية وتلقي الاموال والقيام بأعمال التجنيد.
عقوبات مشددة
وحول العقوبات التي ينص عليها القانون، قال الشريمي إنها تعتبر "مشددة جدا".
وتتفاوت بين السجن لخمس سنوات وهي اقل حكم ممكن أن يصدر عن محكمة مختصة بالإرهاب، وبين السجن المؤبد وصولا إلى حكم الاعدام.
حيث إن السجن لمدة لا تقل عن عشر سنوات تصدر بحق من انتسب لجماعة إرهابية أو تلقى تدريبات عسكرية من تلك الجماعات، بحسب ما أضاف.
ولفت إلى أن عقوبة السجن المؤبد أو الاعدام تصدر لمن أنشا أو تزعم أو أسس أو ادار جماعة إرهابية، أما بالنسبة للتمويل فهي المؤبد وتصل إلى الاعدام.
وشدد القانون العقوبة لمن يروّج للأفكار الإرهابية، بحسب الشريمي حيث يُسجن لمدة لا تقل عن خمس سنوات من يثبت تورطه بالترويج الاعلامي لأي تنظيم إرهابي.