عدالة

الإدارة الكردية تحاكم عناصر داعش في سوريا

وائل أبو الخير

عنصر من قوات سوريا الديموقراطية يقف بالقرب من عناصر داعش المسجونين في سجن بمحافظة الحسكة يوم 26 تشرين الأول/أكتوبر 2019. [فاضل سنا/وكالة الصحافة الفرنسية]

عنصر من قوات سوريا الديموقراطية يقف بالقرب من عناصر داعش المسجونين في سجن بمحافظة الحسكة يوم 26 تشرين الأول/أكتوبر 2019. [فاضل سنا/وكالة الصحافة الفرنسية]

أعلنت الإدارة الكردية التي تسيطر على أجزاء من شمالي وشرقي سوريا أنها تعتزم محاكمة "مئات" السجناء من عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على الجرائم التي ارتكبوها.

وأعرب محامون في المنطقة تحدثوا للمشارق عن ترحيبهم بهذه الخطوة لأن تقديم المجرمين إلى العدالة سيكون مهما ليس فقط للشعب السوري والإدارة الكردية، ولكن أيضا على المستوى العالمي.

وإن عناصر داعش المعنيين محتجزون لدى الإدارة الكردية في نحو 20 مركز احتجاز تشرف عليها قوات سوريا الديموقراطية.

وفي هذا السياق، قال أستاذ القانون الجنائي الدولي بجامعة القاهرة وائل الشريمي، إن محاكمة عناصر داعش من قبل الإدارة الكردية "مسألة حساسة للغاية وتتطلب النظر إلى الكثير من التفاصيل قبل أن تبدأ".

صورة لمخيم الهول الذي يديره الأكراد في محافظة الحسكة حيث يحتجز أقارب مقاتلين يشتبه بانتمائهم لداعش، وذلك خلال عملية أمنية نفذتها قوات الأسايش الكردية والقوات الخاصة التابعة لقوات سوريا الديموقراطية يوم 26 آب/أغسطس. [دليل سليمان/وكالة الصحافة الفرنسية]

صورة لمخيم الهول الذي يديره الأكراد في محافظة الحسكة حيث يحتجز أقارب مقاتلين يشتبه بانتمائهم لداعش، وذلك خلال عملية أمنية نفذتها قوات الأسايش الكردية والقوات الخاصة التابعة لقوات سوريا الديموقراطية يوم 26 آب/أغسطس. [دليل سليمان/وكالة الصحافة الفرنسية]

عنصر من قوات الأسايش الكردية السورية يؤمن الحراسة خلال عملية تفتيش للخيم في مخيم الهول الذي يديره الأكراد ويحتجز فيه أقارب مقاتلين يشتبه بانتمائهم إلى داعش وذلك يوم 28 آب/أغسطس ضمن حملة أمنية شنتها قوات سوريا الديموقراطية ضد خلايا داعش النائمة في المخيم. [دليل سليمان/وكالة الصحافة الفرنسية]

عنصر من قوات الأسايش الكردية السورية يؤمن الحراسة خلال عملية تفتيش للخيم في مخيم الهول الذي يديره الأكراد ويحتجز فيه أقارب مقاتلين يشتبه بانتمائهم إلى داعش وذلك يوم 28 آب/أغسطس ضمن حملة أمنية شنتها قوات سوريا الديموقراطية ضد خلايا داعش النائمة في المخيم. [دليل سليمان/وكالة الصحافة الفرنسية]

وأوضح للمشارق أن أهم المسائل هي اختيار قضاة مؤهلين وفرق محامين مؤهلة وضمان شفافية المحاكمات.

ومن المهم أيضا الحصول على دعم من دول أخرى ومن الأمم المتحدة.

ولفت إلى أن العديد من السجناء كانوا مقاتلين قاصرين في صفوف داعش وقت اعتقالهم، لكنهم باتوا اليوم في سن يسمح لهم بالوقوف أمام المحكمة، مضيفا أنه يجب مراعاة سنهم عندما صدرت بحقهم تهم بارتكاب جرائم.

ومن جانبه، كشف الضابط في قوات سوريا الديموقراطية فرهاد خوجة، أن قرار الإدارة الكردية بإجراء المحاكمات يأتي بعد رفض عدد من الدول التي يتواجد مواطنوها في سوريا "إعادة مواطنيها إلى ديارهم ومحاكمتهم على الجرائم التي اتهموا بارتكابها".

وأوضح للمشارق أن الإدارة بدأت بوضع خطة للمحاكمات منذ 3 سنوات وأجرت اتصالات مع دول لديها مواطنين محتجزين في سوريا.

وأوضح أن "العدد الكبير من عناصر داعش المعتقلين والمتهمين بالإرهاب يشكل عبئا ماليا وأمنيا ضخما على الإدارة [الكردية]".

وأشار خوجة إلى أن مراكز الاحتجاز والمعسكرات الحالية مزدحمة وتتطلب جهودا كبيرة لمنع العناصر من نشر الفكر المتطرف وتربية جيل جديد من الإرهابيين.

وأكد أن الإدارة قادرة ومستعدة من خلال قوات سوريا الديموقراطية على توفير خدمات الأمن والنقل للسجناء أثناء المحاكمات.

عدالة وشفافية

ومن جهته، أكد المحامي السوري بشير البسام للمشارق أن قرار الإدارة الكردية بمحاكمة عناصر داعش المتهمين بارتكاب جرائم أمر ضروري وقد تأخر كثيرا.

وقال إنه على الرغم من أن المعتقلين يواجهون اتهامات تتعلق بالإرهاب، إلا أنه ينبغي إجراء محاكمات عادلة وشفافة "ومن شأن دعوة الوكالات الدولية والدول الغربية للمشاركة في المحاكمات أن تضمن عدالتها".

وأشار إلى أن المشاكل الحقيقية ستبدأ عند صدور الأحكام، حيث ستنشأ الحاجة إلى "سجون حقيقية" عوضا عن مراكز الاعتقال التي يحتجز فيها المتهمون حاليا.

وأضاف البسام أن هذا الأمر مهم بشكل خاص لأن مدة الأحكام الصادرة قد تصل إلى 20 عاما أو حتى إلى السجن المؤبد.

وكانت الإدارة الكردية قد ناشدت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان لمساعدتها في تسهيل المحاكمات. واستمرت في المطالبة بمحكمة دولية لمقاتلي داعش المحتجزين في المناطق التي تسيطر عليها.

تواصل عمليات الإعادة إلى الوطن

وفي غضون ذلك، تتواصل عمليات إعادة مقاتلي داعش الأجانب وأقاربهم إلى أوطانهم.

فيوم الثلاثاء، 4 تموز/يوليو، أعادت فرنسا إلى البلاد 10 نساء و 25 طفلا كانوا محتجزين في مخيمات بشمالي شرقي سوريا.

وقالت وزارة الخارجية إن هذه رابع عملية إعادة خلال العام الماضي لأقارب مقاتلين يشتبه في انتمائهم إلى داعش.

وأوضحت الوزارة في بيان أنه سيتم تسليم القاصرين الذين تمت إعادتهم الثلاثاء، لخدمات رعاية الأطفال في حين سيسلم البالغون إلى السلطات القضائية المختصة.

وأعلن مكتب الادعاء العام لمكافحة الإرهاب في البلاد إن 3 من النساء المطلوبات أساسا بموجب مذكرات توقيف دولية، تم سجنهن بتهمة التآمر على الإرهاب.

وفي مطلع حزيران/يونيو الماضي، تعهدت الولايات المتحدة بتقديم 148 مليون دولار لجهود تحقيق الاستقرار في العراق وسوريا، وقد انضمت إلى السعودية في الدعوة إلى تكثيف عمليات الإعادة إلى الوطن.

وأشاد وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن بالدول التي أعادت مواطنيها من سوريا، ومن بينها العراق وألمانيا وفرنسا وبلجيكا وطاجيكستان، وحث الدول الأخرى على أن تحذو حذوها.

ولفت إلى أن "إعادة المواطنين إلى ديارهم أمر بالغ الأهمية" لتقليص عدد سكان المخيمات غير الرسمية الكبيرة مثل مخيم الهول السوري الذي يأوي 10 آلاف أجنبي، بمن فيهم أقارب عناصر داعش.

وأضاف أن "عدم إعادة المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى أوطانهم يهدد باحتمال أن يتمكنوا من حمل السلاح مرة أخرى ومحاولة لإعادة إحياء" دولة داعش المزعومة.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500