قالت مصادر حكومية عراقية إنه يتم إحراز تقدم في مشروع ميناء الفاو الكبير بالبصرة، في ظل اكتمال إعمار البنية التحتية الأساسية بنسبة تزيد عن 60 في المائة وتصميم الحكومة على الانتهاء وفق الجدول الزمني المحدد.
وبدأ العمل على مشروع الميناء عام 2010 مع بناء كاسر أمواج شرقي بطول 8 كيلومترات وكاسر أمواج غربي آخر بطول 16 كيلومترا، ومن شأنهما إبقاء الطمي خارج قناة الشحن عند مصب نهري دجلة والفرات.
وتنفذ هذه الأعمال من قبل شركة أركيرودون اليونانية وشركة دايو الجنوبية الكورية.
وتعرقلت أعمال بناء مشروع الميناء البحري الضخم الذي يغطي مساحة إجمالية تبلغ 54 كيلومترا مربعا، جراء معركة طرد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من البلاد وضغوطات أخرى بشأن الميزانية الاتحادية.
كذلك، واجه المشروع عراقيل من مؤيدين نافذين لإيران، وقد حارب هؤلاء ليتم منحه لشركة صينية عوضا عن دايو التي فازت به بنهاية المطاف.
وفي كانون الأول/ديسمبر، وقعت الحكومة على صفقة بقيمة 2.625 مليار دولار مع دايو بعد استبعاد شركة خدمات الجمارك البحرية الصينية من المنافسة كونها غير متخصصة ببناء الموانئ.
تمويل عراقي
ومع أن مشروع الميناء طرح للاستثمار عدة مرات ولا سيما خلال مؤتمر عقد في 2016 بالبصرة بحضور عشرات الشركات العملاقة، إلا أنه لم تظهر أي عروض استثمارية تنافسية.
وبغياب أي اهتمام خارجي، قررت الحكومة العراقية تمويل أعمال بناء البنية التحتية للميناء بنفسها، في مسعى لتشجيع المستثمرين.
ومن المنتظر أن تكتمل المرحلة الأولى من المشروع التي تتمثل ببناء البنية التحتية مع نهاية العام 2025.
وبعد ذلك، سيتم طرح عقود لتشغيل الميناء وأعمال التوسيع والتطوير كفرص استثمارية.
وقال مدير عام شركة الموانئ العراقية فرحان الفرطوسي للمشارق إن "الأعمال في ميناء الفاو الكبير تتصاعد بوتيرة جيدة".
وأضاف "حققنا نسبة إنجاز تخطت 60 بالمائة في بعض الأعمال الخاصة ببناء الأرصفة".
وبشكل أولي، سيتألف الميناء من 5 أرصفة تخصصية لاستقبال السفن، بالإضافة إلى معدات التشغيل والتحميل وفناء لمناولة وتخزين الحاويات.
ومن خلال الاستثمارات، من الممكن أن يتسع الميناء ليضم 90 رصيفا مع طاقة إجمالية تبلغ 99 مليون طن في السنة، ما سيجعله من أكبر الموانئ المطلة على الخليج والعاشر عالميا.
بنية تحتية داعمة
وأشار الفرطوسي إلى تحقيق نسبة جيدة في بقية الأعمال التحتية، بما في ذلك إنشاء طريق يربط ميناء الفاو بالطريق السريع في أم قصر.
وستكون هذه نقطة الانطلاقة لمشروع طريق التنمية الخاص بالعراق والذي من المتوقع أن يربط موانئ العراق البحرية بتركيا ومنها لأوروبا.
وسيبلغ طول الطريق الذي يربط بين ميناء الفاو وأم قصر 63 كيلومترا، وسيضم 4 مسارات بكل اتجاه وجسرين و3 دوارات ومرافق خدمية.
وسيمتد الطريق عبر نفق مغمور تحت الماء يتم بناؤه في قناة خور الزبير الملاحية بطول 2250 مترا وعرض 38 مترا، على أن يضم 3 مسارات ذهابا ومثلها إيابا.
ويعتبر النفق الأول من نوعه في الشرق الأوسط من حيث قدرته على استيعاب مرور شاحنات النقل العملاقة.
ويهدف إنشاء الطريق الجديد والنفق لتأمين بديل مختصر عن طريق البصرة القديم الذي يمتد بمسافة تعادل أكثر من ضعف الطريق الجديد.
وأكد الفرطوسي أن الحكومة مهتمة للغاية بمشروع ميناء الفاو الكبير، وأنها حريصة على إكماله بدون تأخير نظرا لما له من أهمية ومنفعة للبلد.
تعزيز الحركة بسوق العمل
يُذكر أن إيرادات الميناء المتوقعة ستتجاوز بعد اكتماله الـ 5 مليارات دولار سنويا.
وذكرت النائبة زهرة البجاري رئيسة لجنة النقل والاتصالات في البرلمان العراقي للمشارق أن الميناء وفي حال إنجازه سيحقق للعراق قفزة اقتصادية كبيرة.
وأوضحت أنه من المتوقع أن يعزز موارد الدولة المالية ويقلل اعتمادها على عائدات النفط.
وأشارت إلى أنه يفتح أبواب الاستثمار ويضع البلاد على مسار التنمية والازدهار، لا سيما إذا ما تكامل مع مشاريع اقتصادية أخرى كطريق التنمية الاستراتيجي.
ووفّر مشروع ميناء الفاو حتى الآن أكثر من 10 آلاف فرصة عمل للعمال العراقيين وغالبيتهم من مدينة البصرة، وتبلغ نسبة العمالة العراقية في المشروع حوالي 70 في المائة.
ومن المتوقع عند افتتاح الميناء أن يوفر الآلاف من الوظائف وينعش سوق العمل في البلاد.
وتشير البجاري إلى توفير التخصيصات المالية اللازمة للميناء ضمن موازنة الدولة العامة للسنوات الثلاثة المقبلة وذلك من أجل إنجازه في التوقيتات الزمنية المحددة له.