يشكل إرسال مجموعة حاملة الطائرات الهجومية شارل ديغول إلى المحيط الهندي أحدث استعراض لالتزام فرنسا تجاه حلفائها وحرية الملاحة في المحيطين الهندي والهادئ.
وقالت السفارة الفرنسية في الهند في بيان صدر يوم 25 كانون الثاني/يناير، إن مجموعة حاملة الطائرات الهجومية شارل ديغول شاركت بين 16 و20 كانون الثاني/يناير في مناورات واسعة النطاق مع البحرية الهندية قبالة ساحل غوا، أطلق عليها اسم فارونا.
وذكرت أن "الهدف من مناورات فارونا المشتركة كان تجهيز أطقم هاتين الدولتين في المحيط الهندي لمواجهة مجموعة متنوعة من التحديات معا وتعبئة أصولها المضادة للسفن على سطح المياه والغواصات والطائرات، فضلا عن السيطرة المشتركة على البيئتين الجوية والبحرية ومراقبة السفن".
وتابعت أن "إعادة التزويد بالوقود في البحر والمناورات القتالية الجوية المعقدة بشكل متزايد وتدريبات إطلاق النار، كمّلت هذه السيناريوهات العملياتية الواقعية".
وأضافت السفارة "يساهم هذا الانتشار المشترك في المحيط الهندي في ضمان استقرار المنطقة تماشيا مع نهج فرنسا والهند المشترك بضمان الأمن الجماعي القائم على احترام القانون الدولي في البحر والجو".
وأشارت إلى أن النسخة الأخيرة من مناورات فارونا التي تعود إلى العام 1983، تحمل أهمية خاصة مع احتفال فرنسا والهند بالذكرى السنوية الـ 25 للشراكة الاستراتيجية بينهما.
استعراض للقوة
هذا وتم نشر مجموعة حاملة الطائرات الهجومية شارل ديغول الفرنسية في المحيط الهندي كجزء من مهمة أنتاريس، وتضم المدمرتين فوربين وبروفانس وسفينة التزويد مارن، حسبما أفاد الموقع الإخباري التابع للمعهد البحري للولايات المتحدة.
وقبل التوجه إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ، أجرت مجموعة حاملة الطائرات الهجومية شارل ديغول عمليات في البحر الأبيض المتوسط وبحر العرب لمدة شهرين كجزء من المهمة، وقد شارك فيها 3000 عنصر من الجيش الفرنسي وجنود الشركاء المتحالفين معه.
وتضمنت تلك العمليات عمليات محاكاة قتالية كجزء من عملية العزم الصلب، وهي مهمة التحالف الدولي لإلحاق الهزيمة بتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وتعد شارل ديغول التي تم تكليفها عام 2001، حاملة الطائرات الرائدة في البحرية الفرنسية وعاشر حاملة طائرات فرنسية، بحسب موقع نايفي ريكوغنيشن.
وتعد هذه أول سفينة سطحية فرنسية تعمل بالطاقة النووية والناقلة الوحيدة التي تمتلك هذه الميزة خارج البحرية الأميركية.
وأشار الموقع إلى أن "السفينة تحمل مجموعة من طائرات داسو رافال إم وهاوكآي إي-2 سي ومروحيات دوفين بيدرو إي إس 365 إف وكاراكال إي سي 725 وكوغار AS532 للبحث والإنقاذ القتالي، بالإضافة إلى الإلكترونيات الحديثة وصواريخ أستر".
وتضم المجموعة الجوية لحاملة الطائرات 3 أسراب يتكون كل منها من 15 مقاتلة من طراز رافال إم وسرب واحد مؤلف من 3 طائرات من طراز هاوكآي إي-2 سي.
وإن رافال كناية عن مقاتلة مزودة بمحرك مزدوج تستطيع العمل من حاملات الطائرات والقواعد الساحلية على حد سواء.
وتم تصميمها لتنفيذ مجموعة واسعة من المهام القتالية، بينها التفوق الجوي والضربات العميقة داخل أراضي العدو والاستطلاع والعمل المضاد للسفن وقد أثبتت قدرتها على القتال جنبا إلى جنب مع الحلفاء الذين يتعاونون ويتواصلون في الوقت الفعلي، وفقا للشركة المصنعة داسو للطيران.
وأثناء تنفيذ مناورات فارونا مع البحرية الهندية، أرسلت مجموعة حاملة الطائرات الهجومية شارل ديغول في 17 كانون الثاني/يناير 3 مقاتلات رافال إلى قاعدة بايا ليبار الجوية في سنغافورة، قاطعة نحو 4000 كيلومتر (2159 ميلا بحريا).
وتمت مرافقة ودعم مقاتلات رافال من قبل ناقلة وقود متعددة المهام من طراز إيرباص تابعة لفرنسا، وذلك في إطار مناورة راستابان المشتركة مع القوات الجوية الفرنسية لاستعراض القوة.
وتصف مجلة أفييشن ويكلي الرحلة إلى سنغافورة بأنها أطول استعراض للقوة تنفذه رافال حتى الآن.
تواجد في المحيطين الهندي والهادئ
هذا وتعد فرنسا الدولة الأوروبية الوحيدة التي لها وجود عسكري دائم في المحيط الهندي.
ونقلت صحيفة ديبلومات في حزيران/يونيو الماضي أنه "مع وجود 1.65 مليون مواطن فرنسي على الأراضي الفرنسية في المحيط الهادئ والمحيط الهندي والمنطقة الاقتصادية الخالصة التي تبلغ مساحتها 9 ملايين كيلومتر مربع، لا تعد منطقة المحيطين الهندي والهادئ منطقة ذات أهمية استراتيجية فحسب، بل هي منطقة تعتبر فيها السيادة الفرنسية مباشرة على المحك".
وتابعت "يضاف إلى ذلك أن هذه الأراضي تواجه تحديات عدة، منها تغير المناخ وتزايد الأحداث المناخية العاتية (الأعاصير وارتفاع منسوب البحار وما إلى ذلك) والصيد غير القانوني وتهريب المخدرات والهجرة غير الشرعية".
ويتمركز بشكل دائم في المنطقة نحو 7000 عنصر عسكري إلى جانب 20 سفينة و 40 طائرة، وهي منظمة بحسب 5 مراكز قيادة.
وفي آخر تحديث لوزارة القوات المسلحة الفرنسية بشأن استراتيجيتها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ صدر في شباط/فبراير 2022، أشارت فرنسا إلى شراكاتها في المنطقة.
ولفت التحديث إلى تعزيز العلاقة مع الهند في عدد من المجالات المهمة، مثل الدفاع والطاقة النووية المدنية والفضاء والأمن بما في ذلك مكافحة الإرهاب والأمن السيبراني.
وسلط الضوء أيضا على الجهود المبذولة لتعزيز التعاون الفرنسي-الياباني في منطقة المحيطين الهندي والهادئ كهدف رئيس.
وقال مسؤولون إنه حتى مع الغزو الروسي لأوكرانيا، تعتزم فرنسا الحفاظ على وجودها في المحيطين الهندي والهادئ.
وقال وزير القوات المسلحة الفرنسية سيباستيان لوكورنو في كلمة ألقاها في حوار شانغريلا 2022 في سنغافورة "يخشى البعض من أن الأزمة في أوكرانيا قد تعمينا وتدفع فرنسا إلى التراجع عن التزاماتها تجاه المنطقة، ولكن ذلك لن يحصل".
مخاوف بشأن الصين
وتشير المناورات الجارية في جزء منها إلى المخاوف المتزايدة من الصين.
يذكر أن الصين تطالب بتقريبا كل بحر الصين الجنوبي الذي تمر عبره حركة تجارية بتريليونات الدولارات سنويا، مع وجود مطالبات منافسة من بروناي وماليزيا والفلبين وتايوان وفيتنام.
وتدفع بيجين باتجاه مبادرة بنية تحتية ضخمة لربط البر الرئيسي الصيني بالقرن الإفريقي عبر شبكة من المنشآت العسكرية والتجارية.
وضمن استراتيجية "عقد اللؤلؤ" التي تتبناها، تمر الخطوط البحرية للصين عبر عدة موانئ رئيسية من جزر المالديف إلى بنغلاديش وسريلانكا وباكستان وإيران والصومال.
هذا وتتواصل مبادرة البنية التحتية العالمية لبيجين والتي تعرف باسم مبادرة الحزام والطريق أو حزام واحد طريق واحد، في المناطق الداخلية من تلك الموانئ البحرية الهامة وتصل إلى أجزاء أخرى من منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأفريقيا.
ويعطي عقد اللؤلؤ لبيجين كذلك ميزة وورقة ضغط في حال اندلاع صراع شامل بشأن تايوان.