بيروت -- في سهل البقاع اللبناني، تغلف العتمة مخيمات النزوح والتجمعات غير الرسمية حيث يعيش نحو 70 ألف لاجئ سوري.
فحتى 13 آذار/مارس، كانت التجمعات تنار يوميا بين الخامسة عصرا والحادية عشرة ليلا عبر اشتراك شهري لدى أصحاب المولدات الخاصة.
لكن بعد ارتفاع سعر المازوت، امتنع أصحاب المولدات الخاصة بمد المخيمات والتجمعات السكانية بالكهرباء، فغرقت المنطقة في ظلام تام.
وأصدر مالك مولدات اشتراك الزلعوم ببلدة عرسال بيانا أعلن فيه توقف المولدات عن العمل.
وعزا ذلك إلى انخفاض قيمة العملة اللبنانية و"ارتفاع سعر المازوت إلى مستويات خيالية في السوق السوداء".
ووصف رئيس تجمع أصحاب المولدات الخاصة بلبنان عبدو سعادة الوضع بالسيئ جدا، قائلا إنه إذا لم يتم إيجاد حلول لموضوع المازوت، "سيضطر أصحاب المولدات لإطفاء مولداتهم في بعض المناطق".
انقطاع التيار يعطل الحياة والخدمات
وقالت اللاجئة السورية حُسن إبراهيم إن "توقف المولدات قد حرم أطفالنا من التعلم عن بُعد وأفسد الطعام بالثلاجات".
فيما قال رئيس فريق صوت اللاجئ السوري بلبنان أبو أحمد صبيعة إن اللاجئين السوريين بعرسال "يعانون يوما بعد يوم" في ظل أزمة اقتصادية خانقة أثرت بالسلب على الواقع الخدماتي والمعيشي.
وتابع للمشارق "تعد مشكلة الكهرباء من أصعب المشاكل وأعقدها".
وأضاف "يواجه لاجئو عرسال أسوأ أزمة اقتصادية منذ تاريخ لجوئهم إلى لبنان".
وأوضح أن الأطفال الذين كانوا بالفعل غير قادرين على العودة إلى المدرسة لا يستطيعون الوصول للتعلم عن بعد، كما أن الأعمال المنزلية الروتينية من تنظيف وغسيل لا يمكن القيام بها، ما يؤدي إلى وجود بيئة غير نظيفة وغير صحية.
وتابع أن الكثير من مرضى الحالات المزمنة "في حال يرثى لها، خصوصا مرضى الالتهاب الصدري والربو ممن يحتاجون لجلسات رذاذ دورية".
وأشار صبيعة إلى ارتفاع معدلات الجريمة نتيجة لانقطاع الكهرباء، حيث وقعت سلسلة من السرقات في المخيمات تحت جنح الظلام.
إلى هذا، أوضح مدير مستشفى الهيئة الطبية بعرسال، أحمد عبد الحق، أن المستشفى يواجه صعوبة في تقديم خدماته الطبية جراء الانقطاعات المتواصلة لكهرباء المولدات الخاصة.
وقال إن أكثر من مائة ألف لاجئ سوري ومواطن يعتمدون على هذه الخدمات.
وأضاف أن انقطاع الكهرباء قد أثر بشكل خاص على خدمات غسيل الكلي وحاضنات الأطفال حديثي الولادة وغرف العمليات وأجهزة الأوكسيجين.
بدوره، قال مدير مركز الأمل الطبي بعرسال، طلال بكور، إن جميع المراكز الصحية في المدينة "تحذر من كارثة صحية وشيكة جراء الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي".
وأضاف أن الوضع الراهن يعرض حياة العديد من المرضى للخطر، لاسيما المصابين بأمراض مزمنة، محذرا أيضا من احتمال تفشي العدوى.
العتمة 'في القلوب والخيم'
ووفق مزياد علي، وهو لاجئ سوري يعمل مع جمعية بيوند، وهي منظمة إنسانية محلية، فإن الأضواء قد انطفأت في مخيم مجدل عنجر.
وقال "نعيش عتمة في قلوبنا وعتمة في خيمنا منذ شهرين بعدما رفع أصحاب المولدات التعريفة الشهرية".
وأكد "لا يستطيع أي لاجئ دفع هذا المبلغ".
وتابع "كنا ندفع 500 ألف ليرة (330 دولارا أميركيا) شهريا لقاء كهرباء بين الرابعة عصرا والحادية عشرة ليلا، لكن التسعيرة تضاعفت، ما دفعنا لإيقاف الاشتراك، وتوفير إنارة باهتة من بطاريات صغيرة نشحنها نهارا من أشعة الشمس".
وأوضح أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة "كانت تخصص لكل فرد 27 دولارا شهريا، وبعد الأزمة خفضته إلى 15 دولارا، فيما سعر برميل المازوت 230 دولارا. ما يعني أننا سنبقى بالعتمة".
من جانبها، أوضحت الناطقة الإعلامية باسم المفوضية دلال حرب للمشارق، أن عددا كبيرا من اللبنانيين واللاجئين "يعانون من تداعيات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة".
وأشارت إلى أن المفوضية ما تزال تقدم المساعدات لإغاثة اللاجئين واللبنانيين الأكثر ضعفا في ظل انقطاع الكهرباء والمياه بالعديد من المناطق.
هذا ويحمل الكثير من اللبنانيين حزب الله مسؤولية الظروف القاسية التي يواجهونها، والتي تتضمن انقطاع الكهرباء لفترات طويلة، مع الكشف عن فساده وتسليط الضوء على ذلك بصورة منتظمة.
ويحذر البعض من أن حزب الله يسعى لاستغلال الأزمة لجذب عروض إيرانية لبناء محطات كهرباء من شأنها أن تسمح بوجود خبراء وفنيين إيرانيين من الحرس الثوري الإيراني على الأراضي اللبنانية.