قال خبراء في مجال التكنولوجيا وحتى بعض المسؤولين الإيرانيين إن المبادرة الجديدة لطهران التي تهدف لتقييد الفضاء الإلكتروني في إيران، والتي تعرف باسم "خطة حماية الفضاء الإلكتروني"، من المرجح أن تلقى المصير نفسه كسائر محاولات النظام العديدة الأخرى لفرض الرقابة على المحتوى.
وتم التفكير في الخطة وتطويرها من قبل اللجنة الثقافية في البرلمان، وقد لاقت معارضة واسعة.
ورغم الاسم الذي تحمله، وهو "حماية حقوق المستخدمين في الفضاء الإلكتروني وتنظيم خدمات الإنترنت الرئيسية"، فإن الخطة ليست مصممة لحماية الشعب الإيراني بل إنها محاولة جديدة للسيطرة على الإنترنت وتقييد الوصول إليه، بحسب ما ذكره معارضون.
هذا وقد باءت المحاولات السابقة لتقييد الوصول إلى الإنترنت في إيران بالفشل إلى حد كبير، ذلك أن الشعب يجد طرقا لتجاوز القيود باستخدام الشبكات الافتراضية الخاصة (في.بي.أن) أو سبل أخرى للتحايل على عوامل التصفية والوصول إلى المحتوى المطلوب.
وتتم الآن مراجعة المبادرة الحالية، التي يدعمها وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عيسى زاريبور، من قبل مركز أبحاث البرلمان الإسلامي.
وفي حال أقرت المبادرة، سيتم رفعها إلى مجلس صيانة الدستور في البلاد لتتم المصادقة عليها بصورة نهائية.
وأوضح رئيس اللجنة الثقافية في البرلمان مرتضى آغا طهراني أن اللجنة ستسعى إلى تمرير التشريع و"ستقوم بمهامها" حتى في حال "تمت صياغة مائة مليون صفحة للاعتراض على الخطة".
وقال مراقبون من داخل وخارج إيران إنه في حال تم تطبيق الخطة، سيكون تأثيرها ضخما وسينعكس على آلاف الوظائف والأعمال عبر الإنترنت.
ʼمصيرها الفشلʻ
وفي هذا السياق، قالت الخبيرة في الفضاء الإلكتروني فرزانه تاغافي للمشارق إن "هذه المحاولة من قبل الجمهورية الإسلامية لحظر تطور التقنيات الجديدة مصيرها كالمساعي السابقة، الفشل".
وأضافت أنه "خلال العقود الثلاثة الماضية، تم حظر مسجلات الفيديو وأشرطة الفيديو، وتلتها أطباق الأقمار الصناعية وأجهزة الاستقبال".
وتابعت أن "كل هذه التدابير فشلت لأن الناس وجدوا طرقا للوصول إليها على أية حال، وبالتالي لم يكن أمام المنظومة الحاكمة أي خيار غير الرضوخ واستخدام هذه التقنيات الجديدة بنفسها".
وفي كانون الأول/ديسمبر، عبّر ممثلون عن النقابة الإيرانية لتكنولوجيا المعلومات، وهي المنظمة غير الحكومية الرائدة في إيران التي تمثل القطاع الخاص في مجال التكنولوجيا، عن معارضتهم لخطة حماية الفضاء الإلكتروني.
وقالوا إن مثل هذه القيود قد تؤدي إلى وضع مجموعتهم على القائمة السوداء لموفري الخدمة، في حين أنه سيكون من المستحيل تطوير منتجات محلية من دون اتصال بالبنى التحتية والخدمات الأجنبية.
ولفت مدير النقابة حسن هاشمي إلى تأثير سلبي حاد، في حال حصلت المبادرة على الموافقة النهائية للمضي قدما.
وقال المتخصص في مجال تكنولوجيا المعلومات نيما نمداري إن "الجزء الوحيد من اقتصاد البلاد الذي يتميز بنمو إيجابي مستقر هو قطاع الأعمال والوظائف المرتبطة بالتكنولوجيا والمعلومات".
وأضاف "من المستحيل تطوير منتجات محلية من دون اتصالات بالبنى التحتية والخدمات الأجنبية".
يُذكر أن شبكة المعلومات الوطنية، أو "الإنترنت الوطني"، هو مشروع تم اقتراحه أساسا في العام 2005 في ولاية الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، ولكن لم يتم تطبيقه بعد.
وفي حال مضت الخطة قدمًا، فسيتم تخزين البيانات على خوادم محلية ولن يكون من الممكن إعادة توجيهها إلى خارج البلاد.
وبحسب تاغافي، تحاول الحكومة الإيرانية محاكاة النماذج الصينية والروسية وتقييد المحتوى الإلكتروني لشعبها.
ولكنها تابعت أن هذا أمر غير ممكن في إيران.
ولفتت قائلة "أولا، يُسمح للشباب في الصين وروسيا بالوصول إلى شبكات ومواقع الموسيقى والترفيه والمواعدة، لإبعادهم عن اتباع المحتوى السياسي".
وأضافت أنه ثانيا، مع كل عامل تصفية تم تفعيله في إيران حتى اليوم، ظهرت على الفور شبكات افتراضية خاصة ومحددة في السوق.
تشريع ʼلا معنى لهʻ
وعبّر عدد من أعضاء البرلمان ومسؤولون آخرون عن معارضتهم لهذه الخطط.
ومن بينهم أحمد أمير عبادي فرحاني، وهو عضو في البرلمان وعضو بلجنة حماية الفضاء الإلكتروني.
وقال فرحاني إنه إلى جانب العديد من زملائه ومسؤولين آخرين رفيعي المستوى، لديه حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي نفسها، والبعض منها تتم تصفيته في إيران، بما في ذلك تويتر.
وتابع "عندما ينشط المسؤولون أنفسهم على مثل هذه الشبكات، ما السبب الحقيقي وراء الحظر والتصفية؟ إنه أمر لا معنى له".
ولكن الخطة واصلت مسارها في العملية التشريعية.
وفي مطلع كانون الثاني/يناير، شدد رئيس اللجنة الثقافية في البرلمان آغا طهراني على أن "تطبيق هذه الخطة ضروري لتنظيم الفضاء الإلكتروني، وإننا مصممون على الموافقة عليها".
وقال إن "تنفيذ أية مبادرة يثير في طبيعة الحال بعض الانتقادات".
وأوضح أن الزعيم الإيراني علي خامنئي قد "أصدر مرارا وتكرارا تحذيرات بشأن الفضاء الإلكتروني، مستخدما عبارات كالاعتداء الثقافي والكمين الثقافي والحلف الأطلسي الثقافي والنفوذ الثقافي".
وذكر فرحاني أنه في حين أن ثمة حاجة لتنفيذ خطة للحماية لئلا تتمكن المنصات الأجنبية من "تنفيذ أنشطة من دون أخذ قوانين البلاد في الاعتبار، إلا أننا لن نسمح قطعا بفلترة أو خفض سرعة الإنترنت بأي شكل".
وقال "في حال صدر مثل هذا القرار، سأتنحى وأخرج من اللجنة".