يعمل لبنان على وضع استراتيجية وطنية للأمن السيبراني، من شأنها حماية مواطنيه وقطاعيه العام والخاص.
وتم تشكيل لجنة في تشرين الثاني/نوفمبر بتوصية من رئيس الوزراء سعد الحريري وردا على اقتراح من للجنة الاعلام والاتصالات في البرلمان اللبناني، وقد أوكلت إليها مهمة وضع استراتيجية وطنية للأمن السيبراني.
ومن توصيات اللجنة الجديدة التي من المنتظر تقديمها رسميا في موسم الربيع المقبل، تشكيل هيئة وطنية لمعالجة مسألة الأمن السيبراني.
وقال المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، إن اللجنة مؤلفة من ممثلين عن مختلف الوزارات والقطاعات الاقتصادية والهيئات الأمنية والعسكرية.
وأوضح أن مهمتها تتمثل في "إعداد خطة وطنية لتأمين الفضاء السيبراني وحماية المواطنين والتبادلات الاقتصادية والتجارية من أي تهديد محتمل".
ومن المتوقع أن تعالج الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني والهيئة المنتظر تشكيلها، الخطر المتزايد المتمثل في القرصنة والاحتيال الإلكتروني، نظرا لتزايد المعاملات الإلكترونية والتقنيات لا سيما في القطاع المصرفي.
جزء حيوي من الأمن الوطني
وفي هذا السياق، قالت المنسقة الوطنية لمكافحة جرائم المعلوماتية لينا عويدات، إنه يتم الحفاظ على الأمن الإلكتروني عبر مجموعة من الوسائل التقنية والتنظيمية والإدارية التي تمنع الاستخدام غير المصرح به للمعلومات المتوفرة عبر الإنترنت واستغلالها وقرصنتها.
وأضافت في حديث للمشارق، "يفتقر لبنان إلى وجود مؤسسة وطنية تهتم بالأمن السيبراني على الصعيد الوطني، وقد صنف لبنان بالمرتبة 119 بين الدول لجهة الأمن السيبراني، في حين أنه يحتل المرتبة 67 في مستوى استخدام المعلوماتية".
وأكدت أن "الأمن السيبراني يشكل جزء أساسي من أي سياسة أمنية وطنية"، لافتة إلى أن أكثر من 130 بلدا لديه أقسام وخطط مخصصة للحرب السيبرانية ضمن منظومتها الأمنية الوطنية.
وأشارت إلى أن الهيئة الوطنية المقترح تشكيلها للأمن السيبراني ستكون تابعة للأمانة العامة للمجلس الأعلى للدفاع المرتبطة برئاسة الحكومة.
وأضافت أن الهيئة ستكون مؤلفة من ممثلين عن الوزارات المعنية بالأمن السيبراني والأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى "المصرف المركزي الذي يمتلك خبرة واسعة في الأمن السيبراني، بصفته ممثلا للقطاع الخاص".
وتابعت أنه فور الانتهاء من وضع استراتيجية الأمن السيبراني بعد أربعة أشهر تقريبا، سيتم عرضها على الحكومة لتوافق عليها، قبل أن تتحول إلى مجلس النواب لإقرارها.
وذكرت عويدات "تمت دراسة استراتيجيات الأمن السيبراني لست دول، وجرى العمل مع خبراء لبنانيين وأجانب لتحليل الوضع اللبناني والخروج باستراتيجية تناسب لبنان".
واعتبرت أن الهدف من ذلك يكمن في "وضع السلطة السياسية أمام مسؤوليتها وحماية لبنان من تحوله إلى منصة للجرائم الإلكترونية وغسل الأموال وتمويل الإرهاب".
وأضافت أن الهدف هو أيضا تحديد المشاكل التي يعاني منها لبنان في مجال الأمن السيبراني وتحديد سبل حلها.
استراتيجية الأمن السيبراني ʼحاجة ملحةʻ
وفي هذا السياق، قال الرئيس السابق لجمعية الإنترنت في لبنان غابي الديك في حديث للمشارق، إن التهديدات التي يتعرض لها الأمن السيبراني لا تأتي من الدول فقط، بل تأتي أيضا من العصابات المنظمة التي تسرق المعلومات للابتزاز والمساومة وبيع المعلومات في السوق السوداء.
وأكد أن "وجود استراتيجية للأمن السيبراني حاجة ملحة اليوم، ووجودها يتطلب توفر إمكانات مالية لجهة البنى التحتية المطلوب توفرها".
وأوضح "لدينا حاليا خطان فايبر أوبتيك في البحر يصلانا بالعالم، أحدهما يذهب إلى قبرص والآخر إلى الإسكندرية في مصر".
وتابع "ينتهي كلاهما في مدينة مارسيه الفرنسية، وهما يعرضان الأمن السيبراني للخطر بتجمعهما في منطقة واحدة".
واعتبر الديك أن أحد الحلول للحفاظ على الأمن السيبراني، هو في عدم وصول الخطوط الأربعة كلها إلى مارسيه، بحيث يتم توفير وجهات مختلفة لنقل البيانات، إلى جانب تركيب أجهزة للكشف عن المعدات المستخدمة في الهجمات السيبرانية.
ومن جانبه، قال رئيس لجنة المعلوماتية في نقابة المحامين ببيروت شربل القارح، إن النصوص القانونية متوفرة في لبنان، "فهناك تشريع متقدم دخل حيز التنفيذ الشهر الجاري حول المعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي".
وأضاف في حديثه للمشارق "كما أن القطاع الخاص جاهز ولديه القدرة لحماية الأمن السيبراني للشركات والأفراد".
وتابع "يبقى على القطاع العام أن يلاقي القطاع الخاص ليكون الأمن مكتملا"، مشيرا إلى أن القطاع العام غير جاهز بعد "لافتقاره للميزانية والتجهيزات المطلوبة".