جينيف -- طالب مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يوم الثلاثاء، 13 تموز/يوليو، بمحاسبة المسؤولين عن عمليات الاختفاء القسري "الواسعة المدى" التي حصلت في سوريا على مدار العقد الماضي من الصراع.
وتبنى أعضاء المجلس مشروع قرار أعربوا فيه عن أسفهم لدخول الأزمة السورية عقدها الثاني وهي ما تزال "تتسم بأنماط ثابتة من الانتهاكات الجسيمة".
وقدمت القرار المملكة المتحدة نيابة عن فرنسا وألمانيا وإيطاليا والأردن والكويت وهولندا وقطر وتركيا والولايات المتحدة، وهو يركز على قضيى المفقودين وبينهم المختفون قسرا.
ويدين نص القرار "بشدة استمرار استخدام الاختفاء القسري أو غير الطوعي في الجمهورية العربية السورية وما ترتب إثر ذلك من انتهاكات وتجاوزات لحقوق الإنسان".
وجاء في القرار أن عمليات الاختفاء القسري ارتكبت "بشكل ممنهج، والمسؤول الرئيس عنها هو النظام السوري".
وفيما انتقد القرار أيضا عمليات الاختفاء القسري التي نفذتها أطراف الصراع الأخرى كتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، أشار إلى أن النظام السوري هو الجاني الرئيس.
واستفاد القرار من عمل لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية والمفوضة من مجلس حقوق الإنسان التحقيق في كل انتهاكات القانون الدولي في سوريا وتوثيقها.
وكانت اللجنة قد أصدرت تقريرا مطولا في آذار/مارس استنادا إلى 2658 شهادة جُمعت على مدار عشر سنوات ونُفذت أثناء عمليات التحقيق في أكثر من 100 منشأة احتجاز.
ووجدت أن تقريبا كل طرف سيطر على أراض في سوريا منذ العام 2011، بمن في ذلك هيئة تحرير الشام، ارتكب تجاوزات وانتهاكات مرتبطة بالاحتجاز.
وقالت اللجنة في عرض بالفيديو لنتائجها إنه "لا توجد أياد نظيفة"، مشيرة إلى أن النظام السوري قد احتجز تعسفيا "أكثر بكثير من الجهات الأخرى".
اختفاء على نطاق ضخم
وقال رئيس لجنة التحقيق باولو بينهيرو أمام الجلسة 47 لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة إن "عشرات الآلاف من الأشخاص الذين احتجزوا ما يزالون مختفين".
وأضاف أن "الحكومة [السورية] تقوم على نطاق هائل، والأطراف الأخرى أيضا لكن على نطاق أصغر، وعلى نحو متعمد بإطالة أمد معاناة مئات الآلاف من أفراد الأسر عبر حجب المعلومات عنهم".
وتابع "نحث الحكومة السورية وكل الأطراف الأخرى التي تُخْضِع أفرادا للاختفاء القسري أن تأخذ خطوات عاجلة للكشف عن مصيرهم".
"وعلى الدول الأعضاء المتورطة في الصراع أن تكثف جهودها لإقناع الأطراف التي تدعمها بمشاركة المعلومات عن المفقودين".
وكررت عضو اللجنة كارين كونينج أبو زيد "بأشد العبارات أنه يجب تكثيف الجهود لإطلاق سراح المحتجزين تعسفيا وتحديد أماكن المفقودين وهويتهم".
وقالت إن "ترك مئات الآلاف من الأسر في حالة من المعاناة هو أمر لا إنساني ومهين. ومن شأن الإفصاح عن المعلومات حول مكان وجودهم وظروف عيشهم، أو مكان رفاتهم في حال وفاتهم، أن يُظهر الاحترام الأساسي لكرامة الأسر المتأصلة".
وأضافت أن "هذه قضية تؤثر على كل السوريين، وينبغي أن تُعطى الأولوية كضرورة إنسانية ملحة".
'فعل متعمد ينطوي على قسوة لا توصف'
وأثناء تقديمه القرار لمجلس حقوق الإنسان، انتقد السفير البريطاني سيمون مانلي بشدة دور النظام السوري في مثل هذا العدد الهائل من حالات الاختفاء ووصفه بأنه " ببساطة لا يغتفر".
وقال إن نظام بشار الأسد "لديه الوسائل البيروقراطية لتقديم المعلومات حول هؤلاء الأفراد المختفين، ولديه الوسائل الكفيلة بإنهاء معاناة أسر هؤلاء الأشخاص وأحبائهم ".
"لكنه يختار ألا يستخدم هذه الوسائل، وهذا فعل متعمد ينطوي على قسوة لا توصف".
وتابع أن "هذا القرار يسلط الضوء على حجم هذه القضية، وتأثيرها ليس فقط على الضحايا لكن أيضا على أحبائهم الذين اضطروا لتحمل سنوات طويلة دون معرفة مصير أولئك الذين اختفوا".
واستدرك "كما أنه يسلط الضوء على العمل الهام الذي قامت به المنظمات المعنية بالضحايا والأسر والناجين السوريين، بما في ذلك الحاجة للوصول العاجل لمثل هذه المعلومات، كما أنه يشجع المجتمع الدولي على تنسيق الجهود حول هذه القضية".