مع استمرار قادة العالم وعلماء الأوبئة في الضغط من أجل إجراء تحقيقات شفافة بشأن المصدر الأولي لفيروس كورونا، ازدادت عدوانية بكين في حملتها الدعائية لترويج سرديتها البديلة.
ومنذ اكتشاف حالات الإصابة الأولى بفيروس كوفيد-19 في ووهان في كانون الأول/ديسمبر 2019، كانت المعلومات الواردة من الصين غامضة في أحسن الأحوال.
واتهم النقاد بكين بالتقليل من حجم ونطاق تفشي الفيروس عندما ظهر للمرة الأولى، في حين يرجح بعض المنظرين أن يكون قد تسرب من مختبر في معهد ووهان لعلم الفيروسات.
وظهرت أدلة جديدة تشير إلى وجود علاقة محتملة بين المختبر المعني والجيش الصيني.
واتهمت وزارة الخارجية الأميركية في كانون الثاني/يناير معهد ووهان لعلم الفيروسات بالضلوع في "نشاط عسكري سري".
وقالت في ورقة وقائع نشرت في 15 كانون الثاني/يناير إنه "طوال أكثر من عام، منع الحزب الشيوعي الصيني بشكل ممنهج إجراء تحقيق شفاف ودقيق في المصدر الأولي لجائحة كوفيد-19، واختار بدلا عن ذلك تخصيص موارد هائلة لممارسة الخداع والتضليل".
وأضافت أن "هوس الحزب الشيوعي الصيني القاتل بالسرية والسيطرة يأتي على حساب الصحة العامة في الصين كما في جميع أنحاء العالم".
وإن هذا التكتم وثقافة الخداع يجلان من التحقيق الإضافي في مصدر فيروس كورونا وفي أعمال معهد ووهان لعلم الفيروسات بشكل محدد، أمرا ضروريا جدا.
وقالت وزارة الخارجية "لقد تعاون معهد ووهان لعلم الفيروسات مع الجيش الصيني في منشورات ومشاريع سرية. وقد شارك المعهد منذ العام 2017 على الأقل في أبحاث سرية لمصلحة الجيش الصيني، منها تجارب مخبرية على الحيوانات".
نظرة أخرى على نظرية تسرب الفيروس من المختبر
ووردت هذه الاتهامات بالتزامن مع وصول محققي منظمة الصحة العالمية أخيرا إلى ووهان بعد أكثر من عام من التأخير والمشاحنات السياسية، وذلك لبدء أبحاثهم حول المصدر الأولي لفيروس كورونا.
وخضع تحقيق منظمة الصحة العالمية المرتقب لرقابة صارمة فرضتها بكين.
ورفضت السلطات الصينية إعطاء محققي المنظمة بيانات أولية عن حالات كوفيد-19 الأولى، الأمر الذي أثار استياء فريق الخبراء الدولي. وبعد انتهاء المهمة التي دامت شهرا واحدا، لم يتوصل المشاركون فيها إلى أي نتائج حاسمة.
وبدلا من المساعدة في اكتشاف الحقيقة، ركزت السلطات الصينية على إبعاد اللوم عنها وتسليط الضوء على استجابتها "البطولية" للجائحة والانتعاش الاقتصادي الذي حققته.
وطرحت بكين بصورة متكررة نظريات مفادها أن الفيروس وصل إلى الصين في تغليف منتجات مثل المأكولات البحرية المثلجة، أو أشارت من دون أي دليل إلى أنه نشأ في إيطاليا أو الولايات المتحدة.
وبداية، بدت هذه الجهود وكأنها تصرف الانتباه عن معهد ووهان لعلم الفيروسات وعن نظرية تسرب الفيروس من المختبر.
ولكن عندما ذكر فريق منظمة الصحة العالمية في تقريره في آذار/مارس أن حدوث تسرب من معهد ووهان لعلم الفيروسات أمر مستبعد جدا، رفض النقاد هذا الافتراض معتبرين أنه متسرع، ومن بينهم المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس .
وقال غيبريسوس في 30 آذار/مارس "لا أعتقد أن هذا التقييم كان شاملا بما يكفي".
وفي أيار/مايو، أصدر الرئيس الأميركي جو بايدن توجيهات إلى وكالات الاستخبارات بالتحقيق في مسألة المصدر الأولي للفيروس، بما في ذلك نظرية تسربه من المختبر، وطلب إبلاغه بالنتيجة في غضون 90 يوما.
وفي الشهر الماضي وخلال انعقاد قمة مجموعة السبع، طالب قادة أغنى وأكبر الديمقراطيات في العالم الصين بالمشاركة في تحقيق جديد حول المصدر الأولي لفيروس كورونا. وناقشوا أهمية الوصول إلى المختبرات الصينية في إطار هذا التحقيق.
وأكد بايدن أن "الشفافية مهمة في جميع المجالات".
وقال جيمي ميتزل وهو أحد أعضاء لجنة الخبراء الاستشارية لمنظمة الصحة العالمية بشأن تعديل الجينوم البشري، "لا يمكننا أن نعطي الصين حق النقض بشأن ما إذا كنا سنحقق أم لا في أفظع جائحة شهدها العالم منذ قرن من الزمن".
الرابط العسكري
وأثار رفض الصين السماح بإجراء تحقيق مستقل في معهد ووهان لعلم الفيروسات أو مشاركة البيانات الخاصة بالأبحاث التي يجريها المعهد، شكوكا حول كيفية انتشار الوباء في المدينة نفسها التي تضم معهدا يعرف بعمله على فيروسات الخفافيش التاجية.
هذا وسلّط الاهتمام المتجدد على معهد ووهان لعلم الفيروسات، الضوء على الدكتورة شي زينغلي وهي من أبرز علماء الفيروسات في الصين وتدير مركز الأمراض المعدية الناشئة التابع للمعهد.
وقال بعض العلماء إن شي أجرت في المختبرات تجاربا محفوفة بالمخاطر على فيروسات الخفافيش من دون اتخاذ تدابير السلامة الكافية. وقال آخرون إن عمل شي مع علماء الجيش الصيني في معهد ووهان لعلم الفيروسات يتطلب تحقيقا إضافيا.
وعلى الرغم من أنها أنكرت أي صلة بالجيش الصيني خلال مقابلة نادرة وغير مجدولة مع صحيفة نيويورك تايمز في حزيران/يونيو، إلا أن علاقات عدة تربطها بمسؤولين عسكريين، حسبما ذكرت محطة أن.بي.سي نيوز.
وتعاونت هي وآخرون مع العالم العسكري الصيني تونغ ييغانغ في أبحاث عن فيروس كورونا في ربيع العام 2018، ومع تشو يوسن في كانون الأول/ديسمبر 2019.
وقد قدم تشو وهو عالم عسكري يعمل لصالح جيش التحرير الشعبي، في 24 شباط/فبراير 2020 براءة اختراع للقاح ضد فيروس كورونا، وذلك بعد 5 أسابيع فقط من اعتراف بكين بانتقال الفيروس من إنسان إلى آخر، حسبما ذكرت صحيفة ذي ويك أند أوسترالين.
ويثير هذا الاكتشاف مخاوف من أن يكون اللقاح غير المسمى قد اختُبر حتى قبل إقرار النظام الصيني علنا بتفشي كوفيد-19.
ولتزداد الأمور غموضا، توفي تشو في ظروف مجهولة في أيار/مايو 2020.
وعلى الرغم من مكانة تشو كعالم عسكري حائز على جوائز وله صلات بمعهد ووهان لعلم الفيروسات، لم تعلن وسائل الإعلام الصينية عن وفاته ولم نشر أي إشادات بعمله "البطولي".
وقال محللون إن علاقة العمل القوية بين شي وتشو إضافة إلى صمت النظام حيال وفاة تشو، تدعم نظرية أن معهد ووهان كان منخرطا في "نشاط عسكري سري".
وفي حديث لشبكة أن.بي.سي نيوز، قال المحقق السابق في وزارة الخارجية الأميركية ديفيد آشر، "أنا واثق جدا من أن الجيش كان يمول برنامجا سريا يتضمن فيروسات كورونا". وأضاف "سمعت هذا الكلام من عدة باحثين أجانب لاحظوا وجود باحثين في ذلك المختبر كانوا يرتدون ملابس المختبر العسكرية".
ومنذ بداية الجائحة، تعمد النظام الصيني حظر أو إتلاف الأدلة المرتبطة بالفيروس في "اعتداء على الشفافية الدولية"، حسبما ذكرت صحيفة ذي ساتورداي تلغراف الأسترالية في أيار/مايو 2020.
واستشهدت بتقرير أعده تحالف الخمسة أعين الاستخباراتي الذي يضم الولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا وكندا والمملكة المتحدة.
وذكرت الصحيفة أن الحكومة الصينية تسترت على أخبار الفيروس من خلال إسكات أو "إخفاء" الأطباء الذين تحدثوا عنه مع ما يعنيه ذلك من "تعريض الدول الأخرى للخطر"، ودمرت الأدلة على وجود فيروس كوفيد-19 في المختبرات ورفضت تقديم عينات للعلماء الذين يعملون على ابتكار لقاح مضاد.
تقرير راقي
الرد2 تعليق
عفا الله عن العالم أجمع
الرد2 تعليق