عدن -- شهدت حرب اليمن المدمرة زيادة في عمليات النهب والتهريب اللاأخلاقية للتراث الثقافي للبلاد، مع تكثيف الدعوات لترميم المواقع الأثرية وحماية المخطوطات التاريخية والتي يعود بعضها إلى فجر الإسلام.
وكان وزير الاعلام والثقافة والسياحة، معمر الإرياني، قد أشار في أيار/مايو الماضي إلى أن عناصر من ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران عمدوا بشكل ممنهج إلى تدمير الآثار اليمنية من خلال النهب والتهريب والتفجير، وحولوا المواقع الأثرية إلى مستودعات أسلحة وثكنات عسكرية.
وأوضح أنهم هربوا آلاف القطع الأثرية والمخطوطات إلى خارج اليمن بعد سرقتها من المتاحف والمواقع الأثرية.
ودان الإرياني عبث الحوثيين بالمخطوطات التاريخية، واتهمها بتهميش وإبعاد الكوادر الفنية والإدارية لدار المخطوطات ومخطوطات الجامع الكبير بصنعاء ومنعهم من أداء عملهم في المحافظة على هذه المخطوطات.
وجاء كلام الإرياني خلال المؤتمر الافتراضي الذي نظمته منظمة اليونسكو بتمويل من الاتحاد الأوروبي يومي 26-27 أيار/مايو الماضي تحت شعار "تسخير الثقافة من أجل إنعاش سبل العيش في اليمن".
وناقش المؤتمر، الذي عقده الصندوق الاجتماعي للتنمية باليمن ووكالة تنمية المنشآت الصغيرة والأصغر، سبل حماية التراث اليمني وتعزيز الصناعة الثقافية في البلاد.
وسلط الضوء أيضا على التقدم الذي شهده مشروع "النقد مقابل العمل: تحسين فرص كسب العيش لشباب المناطق الحضرية في اليمن"، والذي انطلق عام 2018.
نفذ هذا المشروع مكتب اليونسكو لدول الخليج واليمن، وتم في إطاره إعادة تأهيل أكثر من 150 معلما تاريخيا في ثلاثة من مواقع التراث العالمي المعرضة للخطر في اليمن، وهي مدينة صنعاء القديمة وشبام وزبيد، إضافة إلى مدينة عدن التاريخية.
وحتى تاريخه، وظف المشروع أكثر من 2360 شخصا من الرجال والنساء لإعادة تأهيل تلك المواقع، وأجرى دراسة استقصائية شملت ثمانية آلاف مبنى تاريخي خاص وعام، بغية وضع خطط حضرية مستنيرة لإعادة تأهيلها.
ويتضمن المشروع برامج ثقافية دعمت أكثر من 500 فنان شاب وثماني جمعيات ثقافية، بالإضافة إلى شن حملات توعية وإعداد محتوى إعلامي وصل إلى نحو سبعة ملايين يمني لتعزيز الحوار البناء حول ثقافتهم الفريدة.
المشروع يوظف الشباب
وفي هذا السياق، قال ضابط المشروع عبد الوهاب الأشول إن هذه المبادرة تساعد في الحفاظ على التراث الثقافي لليمن بالتزامن مع تدريب وتوظيف عدد من الشباب الذين حرمت الحرب الكثير منهم من مصادر الرزق.
وأشار إلى أن الصندوق الاجتماعي للتنمية غيّر من آليات عمله لتتواكب مع متطلبات المانحين، كتلبية حاجات الشباب الاقتصادية وبعضهم من النازحين.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي في مشروع النقد مقابل العمل عبد الإله تقي إن "الكثير من المواقع تعرضت للإهمال والتدمير، وأصبحت مسألة ترميمها في حكم المنسية في ظل استمرار الحرب".
ولفت تقي إلى تأهيل المشروع لسوق الحنظل بمدينة سيئون بمحافظة حضرموت، والذي أصبح مزارا لكل من يقصد المدينة.
وأضاف أنه تم اختيار مواقع صنعاء وشبام وحضرموت وزبيد وعدن لحمايتها من السيول المتكررة، مؤكدا أن نسبة الإنجاز وصلت إلى 60 في المائة.
وذكر أن وكالة تنمية المنشآت الصغيرة والأصغر شاركت في المشروع بهدف دعم المنظمات الثقافية المحلية من خلال تدريب كوادرها على كيفية الحفاظ على مواقع التراث والمخطوطات.
وأردف أن المشروع، وعبر توظيف الشباب، يشجع ويطور مهاراتهم الفنية والمهنية لتعزيز النسيج الاجتماعي في البلاد وإتاحة الفرص للجميع.
أما الخبير الاقتصادي عبد العزيز ثابت فاعتبر أن المبادرة التي تبلغ قيمتها 10 ملايين يورو (12 مليون دولار أميركي) تطور إيجابي.
وأعرب عن أمله في أن يساهم باقي المانحين في إقامة مشاريع مماثلة ويساعدوا في ترميم المواقع التاريخية التي دمرها مسلحو الحوثيين والقاعدة.
وأوضح ثابت أن الآثار اليمنية التي نهبها الحوثيون وهربوها إلى الخارج تُعرض اليوم في أكثر مزادات دول العالم، مردفا أن هذه الميليشيا تسعى إلى "طمس هوية المجتمع اليمني".
وكشف أن بعض التقارير تشير إلى أن "قيادات حوثية استطاعت تهريب 4800 قطعة أثرية ومخطوطة خارج اليمن بهدف إثراء قادتها وتوفير مصادر تمويل لحربها العبثية التي تخدم أجندة إيران الإقليمية".