بعد أن رفعت عنها السرية مؤخرا، أظهرت تقارير حول تحقيقات مهمة جرت خلال فترة سجن الزعيم الراهن لتنظيم 'الدولة الإسلامية' (داعش) أمير محمد عبد الرحمن المولى عام 2008، أنه كان متحمسا للوشاية بمنافسية.
والمولى شخصية غامضة ويكنى أيضا بـ "أبو إبراهيم الهاشمي القرشي"، وكان قد احتجز في سجن كامب بوكا الذي كانت الولايات المتحدة تديره في العراق بين أواخر عام 2007 أو أوائل 2008 وتموز/يوليو 2008 على الأقل، وهو التاريخ الذي توقفت عنده سجلات التحقيقات.
وأثناء اعتقاله، كان يشغل منصب المسؤول الشرعي الأعلى للتنظيم المتطرف، الذي كان آنذاك يعمل باسم القاعدة في العراق.
ويبلغ عدد التقارير التي رفعت عنها السرية مؤخرا 53 تقريرا، وتم نشرها يوم الثلاثاء، 6 نيسان/أبريل من قبل مركز مكافحة الإرهاب في الأكاديمية العسكرية الأميركية التي تعرف باسم وست بوينت، وهي تكمل معلومات ثلاثة تقارير عن التحقيقات نشرت في أيلول/سبتمبر.
وأوردت صحيفة واشنطن بوست يوم الأربعاء أن هذه التقارير "تقدم تفاصيل نادرة" حول الأنشطة الأولى للمولى وتقدم صورة تفصيلية عن شخصية زعيم داعش ودوافعه.
'واش بالسجن'
وقالت الصحيفة إن السجلات التي رفعت عنها السرية مؤخرا تقدم "صورة ودودة لواش في السجن غزير الإنتاج، حتى أنه كان يندفع أحيانا ويقدم للقوات الأميركية كما هائلا من التفاصيل التي لا تقدر بثمن والتي ساعدتهم في محاربة التنظيم الإرهابي الذي يتولى الآن زعامته".
"والشيء الذي يتضح من التقارير هو أنه على مدار فترة شهرين على الأقل في أوائل عام 2008، شكل المولى حلما للمحققين إذ أنه كان يكشف عن هويات زعماء الإرهاب ويقدم تفاصيل دقيقة للغاية حول كيفية العثور عليهم".
وقاد المولى القوات الأميركية إلى منافسيه في تنظيم القاعدة في العراق، بأن قدم لهم أرقام هواتف وساعدهم في الصور التي يرسمها الفنانون [للمطلوبين] وحدد أماكن منازلهم وسياراتهم والمناطق التي يمكن العثور عليهم فيها.
وقدم أيضا وصفا جسديا دقيقا لبعض أعضاء التنظيم.
وأضافت الصحيفة أنه "في تحول مثير للسخرية، ظهر المولى في التقارير أنه كان مفيدا بشكل خاص في توجيه الأميركيين لملاحقة وحدة الدعاية بالتنظيم وأيضا عناصره من غير العراقيين".
وتظهر أحدث التقارير التي صدرت بتنقيحات، أن المولى كان حريصا على نحو خاص على الإبلاغ عن أعضاء التنظيم من غير العراقيين، بمن فيهم أولئك الذين ينحدرون من شمال أفريقيا.
وعلى نحو خاص، فقد "باع" الرجل الثاني في تنظيم القاعدة في العراق، وهو أبو قسورة المغربي المولد، حيث قام برسم خرائط لمجمعه وحدد هوية أحد المقربين منه.
وقد قتلت القوات الأميركية أبو قسورة لاحقا في مدينة الموصل.
'خليفة الكناري'
وكتب مدير الأبحاث بمركز مكافحة الإرهاب دانيال ميلتون يوم الثلاثاء في لاوفار، وهي مدونة أمن قومي أميركية، أن المولى خدم في السابق كمحافظ للموصل في تنظيم القاعدة في العراق.
وقال ميلتون إنه "قبل اعتقاله، كان المولى قياديا متطورا يروج لمصالحه الخاصة ويصقل مهارات صنع القرار والتأمل لديه ويصعد على سلم القيادة بالتنظيم".
"إلا أنه حين تم اعتقاله، فقد كان كاطير لا يسكت ويدلي بمعلومات غزيرة حول منظمته، وأصبح مثلما وصفه أحد العلماء 'خليفة الكناري‘، بحسب ما أضاف.
وقد كان تاريخ المولى السابق كواش معروف بالفعل في دوائر المتشددين عند موت زعيم داعش أبو بكر البغدادي في غارة أميركية في سوريا.
وكان التنظيم قد سمى المولى كخليفة للبغدادي في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2019.
وأوردت صحيفة واشنطن بوست أنه في ذلك الوقت، انتقد "معلقون بارزون على مواقع التواصل الاجتماعي المؤيدة لداعش" قرار ترقية المولى.
ووضعته وزارة الخارجية الأميركية على قائمتها للإرهابيين العالميين المحددين بصفة خاصة، كما أن برنامجها مكافآت من أجل العدالة يعرض 10 مليون دولار أميركي لمن يدلي بمعلومات حول مكانه.
'صانع سياسات متوحش'
وولد المولى عام 1976 لعائلة تركمانية على الأرجح في مدينة تلعفر التي تقع على بعد نحو 70 كلم من مدينة الموصل، ما يجعله أحد غير العرب القلائل الذي يرتقون أعلى التسلسل الهرمي للسلطة بداعش.
ووفقا لمشروع مكافحة الإرهاب، فإن المولى "أثبت نفسه بسرعة" وسط الصفوف الأولى لتنظيم داعش، وأطلقت عليه بعض الكنيات مثل 'الأستاذ' و'المدمر'.
وكان يعرف داخل دوائر داعش بـ "صانع سياسيات متوحش" وكان مسؤولا عن "التخلص من أولئك الذين يعارضون زعامة البغدادي".
واشتهر المولى على الأرجح لتبريره استهداف الأقلية الآيزيدية في العراق عبر المذابح والتهجير والعبودية الجنسية.
وفي تحليله بمدونة لوفار، يشير ميلتون إلى أن "مجال مكافحة الإرهاب يضفي، إلى حد ما، الرومانسية على التزام المسلحين والمتطرفين بحركاتهم".
لكن التقارير التي رفعت عنها السرية مؤخرا تساعد في تبديد التصور الذي مفاده أن أعضاء الجماعات المتطرفة "ملتزمون ومتحمسون وقادرون وماكرون".
وتابع ميلتون "في حين أن هذا الأمر صحيح بالتأكيد في بعض الحالات، فقد أظهرت الأبحاث والتقارير السابقة أن هذه المجموعات تواجه صعوبات في التعامل مع تفاهات الإدارة التنظيمية. والوثائق ترسم صورة مشوقة لهذا الأمر".
ويضيف "في هذه التقارير، نرى المولى وهو يتعامل مع أفراد على مستويات متفاوتة من الكفاءة والالتزام. ونظرا للعدد الكبير من الأسماء التي أبلغ عنها، يبدو أن المولى قد اختلف في هذه السمات أيضا".