قالت هيومن رايتس ووتش يوم الثلاثاء، 16 آذار/مارس، إن "قذائف مجهولة النوع" أطلقها الحوثيون (أنصار الله) المدعومون من إيران هي التي تسببت في اندلاع حريق أسفر عن مقتل عشرات المهاجرين في مركز احتجاز بصنعاء.
وأوضحت المنظمة في بيان أن عشرات المهاجرين قضوا احتراقا "بعد أن أطلقت قوات الأمن الحوثية قذائف مجهولة النوع على مركز احتجاز للمهاجرين في صنعاء، ما تسبب في اندلاع حريق".
وأضافت المنظمة أن المحتجزين، ومعظمهم من المهاجرين الإثيوبيين، كانوا يحتجون على ظروف الاكتظاظ حين حبس حراس المركز المئات منهم في عنبر وأطلقوا قذيفتين على المبنى.
وتابعت أن المئات من هؤلاء يتلقون العلاج في مستشفيات بصنعاء حيث تسبب "الوجود الأمني الكثيف" في تعذر وصول الوكالات الإنسانية إليهم.
وقالت الباحثة في حقوق اللاجئين والمهاجرين بالمنظمة، نادية هاردمان، إن "استخدام الحوثيين المتهور للأسلحة الذي أدى إلى مقتل عشرات المهاجرين الإثيوبيين احتراقا، يشكل تذكيرا مروعا بالمخاطر المحدقة بالمهاجرين في اليمن الذي شلّعت الحرب أوصاله".
وأكدت أن "على السلطات الحوثية محاسبة المسؤولين، والكف عن توقيف المهاجرين في منشآت احتجاز يرثى لها حيث تتعرض حياتهم وسلامتهم للخطر".
'اتلوا صلواتكم الأخيرة'
وفي تقرير يوم الثلاثاء، قالت هيومن رايتس ووتش إنها تحدثت إلى خمسة من المهاجرين الإثيوبيين المحتجزين في منشأة الاحتجاز التابعة لمصلحة الهجرة والجوازات والجنسية في صنعاء حيث وقع الحادث المميت.
ووصف المهاجرون المركز بأنه مكتظ وغير صحي، إذ حُشر نحو 550 مهاجرا في عنبر واحد داخل مجمع المنشأة.
وقالوا إنهم لم يُعطوا مراتب ليناموا عليها، لكن كان بإمكانهم شرائها من الحراس. وأضافوا أن الطعام كان قليلا ومياه الشرب شحيحة، ما أجبرهم على الشرب من الصنابير الموضوعة فوق مراحيض القرفصاء.
وبعد أسابيع من الإقامة في المنشأة المكتظة، نظم المحتجزون إضرابا عن الطعام احتجاجا على ظروفهم واستمرار احتجازهم.
وأوضحوا أن الطريقة الوحيدة لإطلاق سراحهم هي دفع 70 ألف ريال يمني (280 دولارا أميركيا) للحراس. وروى المهاجرون عما تعرضوا له من إساءات لفظية من قبل الحراس، تضمنت إهانات عنصرية وتهديدات وشتائم المتكررة.
ويوم 7 آذار/مارس، رفضوا تناول وجبة الإفطار أو الغداء، وقال المحتجزون أن اشتباكا وقع بعد ذلك تعرف خلاله حراس الأمن على منظمي الاحتجاج وأخذوهم إلى الخارج وضربوهم بالعصي والأسلحة النارية.
وتابع المحتجزون أنه بعدها قام الحراس بتجميع المهاجرين في مكان قريب قبل أن يحبسوهم في العنبر، ليعودوا لاحقا وبصحبتهم عناصر من القوات الحوثية.
وأشاروا إلى أن الحراس طلبوا من المحتجزين تلاوة "صلواتهم الأخيرة".
ثم صعد أحد عناصر القوة الوافدة إلى سطح العنبر وأطلق قذيفتين عليه.
وذكرت هيومن رايتس ووتش أنها لم تتمكن من التحقق من نوع القذائف المستخدمة، لكن روايات الشهود تشير إلى احتمال أن يكونوا قنابل دخان أو خراطيش من الغاز المسيل للدموع أو قنابل صوتية، وجميعها تسمى أيضا بالأجهزة "الوميضة".
تقطع السبل بآلاف المهاجرين
من جانبها، قالت منظمة الهجرة الدولية إن أكثر من 350 مهاجرا، معظمهم من إثيوبيا، كانوا في محيط العنبر حيث اندلع الحريق.
وعقب الحادث، حثت المنظمة الحوثيين على تأمين الوصول للمصابين في الحريق دون أي عوائق، مشيرة إلى أن الأذى الذي أحدثه "مروع بالتأكيد" مع مقتل 60 شخصا وإصابة أكثر من 170 آخرين، جروح أكثر من نصفهم بالغة.
وطالبت بإطلاق سراح كل المهاجرين من المركز، "وتجديد الالتزام بتأمين حق المهاجرين بالتحرك بشكل آمن ومعروف".
وفي رسالة وجهها إلى هيومن رايتس ووتش وحاول فيها التنصل من المسؤولية عن الحادث، وصف الناطق باسم الحوثيين محمد عبد السلام المأساة بأنها "نتيجة عادية لحوادث مماثلة تحصل في جميع أنحاء العالم".
وكانت القيود المفروضة على الحركة أثناء جائحة فيروس كورونا قد أدت إلى تضاؤل عدد المهاجرين الذين يصلون إلى اليمن، إذ تراجع من أكثر من 138 ألف شخص عام 2019 إلى نحو 37 ألف و500 مهاجر عام 2020.
لكن تلك القيود أدت أيضا إلى "تقطع السبل بآلاف المهاجرين مع إمكانية محدودة لحصولهم على الخدمات أو الحماية"، بحسب ما أوضحت منظمة الهجرة الدولية.