قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته يوم الأربعاء، 20 تشرين الأول/أكتوبر، إن اللاجئين السوريين العائدين قد تعرضوا للتعذيب والاعتقالات التعسفية والقتل خارج نطاق القضاء.
وركز التقرير على عودة اللاجئين السوريين من لبنان والأردن المجاورين، موثقا وقوع "انتهاكات جسيمة" على أيدي قوات النظام السوري ضد 65 عائدا وأفراد عائلاتهم بين عامي 2017 و2021.
ويأتي ذلك في الوقت الذي يواصل فيه السوريون الفرار من وطنهم، وفي بعض الأحيان في ظروف شديدة الخطورة مع اكتشاف جثتي مهاجرين على الحدود النمساوية المجرية يوم الثلاثاء عندما فتشت القوات النمساوية حافلة صغيرة كانت تقل مهاجرين سوريين.
وبحسب تقرير هيومن رايتس ووتش، تعرض 21 من أصل 65 عائدا للاعتقال والاحتجاز التعسفي، وكشف 13 منهم تعرضهم للتعذيب.
وسُجِلت 5 حالات قتل خارج نطاق القضاء، ووردت روايات عن 17 حالة اختفاء قسري و3 عمليات اختطاف وحالة واحدة عن تعرض إلى عنف جنسي مزعوم.
وقالت الباحثة في هيومن رايتس ووتش نادية هاردمان إن "الروايات المروعة عن التعذيب والاختفاء القسري والانتهاكات التي تعرض لها اللاجئون العائدون إلى سوريا تبين بوضوح أن سوريا ليست وجهة آمنة للعودة".
العودة ليست آمنة
ومنذ العام 2011، أجبر أكثر من 6.6 مليون سوري على الفرار من بلدهم ولا يزال 6.7 مليون شخص آخر نازحين داخل البلاد، وفقا لمفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين.
ولجأت الغالبية العظمى من اللاجئين أي نحو 5.5 مليون لاجئ إلى البلدان المجاورة، وخاصة تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر.
وواجه اللاجئون في لبنان والأردن على وجه الخصوص ضغوطا متزايدة مباشرة وغير مباشرة للعودة إلى سوريا، حسبما جاء في تقرير هيومن رايتس ووتش.
واوضحت هاردمان "لا ينبغي لأي دولة أن تجبر اللاجئين على العودة إلى سوريا طالما أن الحكومة السورية ترتكب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان".
وتابعت "بعد عقد من الزمن، ما يزال اللاجئون العائدون معرضين لخطر الاضطهاد من الحكومة نفسها التي فروا منها".
وفي الدنمارك حيث يقيم حاليا نحو 35 ألف و500 لاجئ سوري، حصلت عريضة تطالب الدولة بوقف سياسة إلغاء إقامة بعض اللاجئين السوريين يوم الثلاثاء على العدد المطلوب من التواقيع لرفعها إلى البرلمان.
وحتى يوم الثلاثاء، وقع على العريضة أكثر من 53 ألف شخص وكانت بحاجة إلى 50 ألف توقيع لكي ينظر البرلمان فيها.
وبموجب قانون الهجرة الدنماركي، يتم إصدار تصاريح الإقامة المؤقتة دون تاريخ انتهاء في حالات "الوضع الخطير بشكل خاص في البلد الأصلي الذي يتسم بالعنف التعسفي والهجوم على المدنيين".
لكن من الممكن أن تلغى بمجرد اعتبار أن الظروف التي استوجبت إصدارها قد تحسنت.
سوريا في حالة يرثى لها
وبالإضافة إلى المخاطر الشخصية التي قد يواجهها العائدون السوريون، فإن اقتصاد البلاد وبنيتها التحتية في حالة يرثى لها بعد أكثر من عقد من الحرب.
ففي تقرير صدر يوم الثلاثاء، أفادت منظمة بناء السلام الهولندية باكس، عن تعرض الساحل السوري لأضرار كبيرة جراء النزاع.
واستنادا إلى تحليل صور الأقمار الصناعية العامة والتجارية قبالة ميناء بانياس، قالت إن التسريبات من الناقلات الراسية وخطوط الأنابيب تحت الماء وأنظمة الصرف الصحي حولت الساحل السوري إلى بؤرة بيئية خطيرة.
وأكد التقرير أن "الهجمات المباشرة على البنية التحتية للطاقة وتدهورها ونقص الصيانة وفشل الإدارة البيئية" هي المصادر الرئيسة للتلوث الحاصل في مناطق الصراع.
وأظهر الاستشعار عن بعد الذي أجرته باكس زيادة في حالات الانسكاب النفطي بين عامي 2019 و2021، بلغت ذروتها مع حدوث تسرب كبير في آب/أغسطس من هذا العام.
وأضافت أن الشواطئ والحاجز المرجاني والتلال الرملية في اللاذقية تأثرت بشكل كبير نتيجة الانسكاب الذي انبعث من ناقلة تخزين حرارية.
وحذر المؤلف المشارك للتقرير ويم زويجننبرغ، من أن خطر تكرار السيناريو نفسه أو أسوء منه مرتفع، مع عدم تخصيص النظام السوري "أي موارد" لإصلاح وإعادة تشغيل البنية التحتية المتهالكة والمتداعية للطاقة والمياه.
العثور على جثتي مهاجرين
ويواصل السوريون الفرار من وحشية نظام بشار الأسد والتحديات العديدة التي يواجهونها في وطنهم، ويعتمدون أحيانا على شبكات المتاجرة بالبشر للقيام بذلك في خطوة لا تحمد عقباها.
وفي هذا الصدد، أفادت الشرطة النمساوية عن عثور القوات النمساوية يوم الثلاثاء على جثتي مهاجرين، وذلك عندما أوقفت حافلة صغيرة على الحدود مع المجر وفتشتها، فيما فر سائقها من مكان الحادث.
وكانت الحافلة المشتبه بها قد عبرت من المجر وعثر الجنود على نحو 30 مهاجرا محشورين داخلها، توفي اثنان منهم.
وذكرت وكالة الأنباء النمساوية أن جميع الناجين رجال معظمهم من سوريا.
وأعادت الحادثة إلى الأذهان حدثا مأساويا وقع في آب/أغسطس 2015 عندما اختنق 71 مهاجرا من سوريا والعراق وأفغانستان في مؤخرة شاحنة محكمة الإغلاق حيث خبأهم المهربون.
وحكمت المحاكم المجرية على المهربين حينها بالسجن مدى الحياة.