بيروت -- عمل حزب الله بشكل غير علني على سحب الأسلحة التي كان قد قدمها لسرايا المقاومة، وهي جماعة شبه عسكرية تابعة له، في خطوة اعتبرها محللون مؤشرا على خلافات متزايدة بين الطرفين.
وبعد اشتباكات مسلحة جرت في خلدة جنوبي بيروت خلال موسم الصيف المنصرم، تخوف حزب الله من إمكانية أن تستخدم الأسلحة التي بحوزة سرايا المقاومة ضده.
وأورد موقع ليبانون ديبايت في 30 تشرين الثاني/نوفمبر أن حزب الله يعقد اجتماعات لتسهيل عملية تسليم السلاح في عموم منطقة البقاع الغربي والأوسط والشمالي.
ونظمت الاجتماعات في أعقاب اشتباكات مسلحة دارت في بلدة خلدة بين مؤيدي حزب الله وسكان من الطائفة السنية، ما أدى إلى مقتل شخصين على الأقل.
واندلعت الاشتباكات بعد أن رفع مؤيدو حزب الله راية اعتبرها الشيخ عمر غصن وأنصاره، وبينهم بعض العشائر السنية، مسيئة.
وأفادت بعض وسائل الإعلام أن الاشتباكات اندلعت بعد أن رفع حزب الله رايات عاشورائية. ولكن آخرين ادعوا أن الشجار كان حول صورة لسليم عياش، وهو أحد عملاء حزب الله.
يُذكر أن عياش أدين غيابيا بتهمة القتل والإرهاب لدوره في التفجير الذي أسفر في العام 2005 عن مقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، وصدرت بحقه في 11 كانون الأول/ديسمبر خمسة أحكام بالسجن المؤبد لجريمته هذه.
وبحسب موقع ليبانون ديبايت، أقنع مسؤولون من حزب الله خلال الاجتماعات التي جرت في منطقة البقاع سرايا المقاومة بسحب أسلحتها مقابل تبديلها "بأخرى أفضل وأكثر فعالية".
ولكن عدة مصادر ذكرت أن حزب الله باشر بسحب السلاح من سرايا المقاومة تخوفا من ارتداد هذا السلاح عليه.
يُذكر أن سرايا المقاومة، التي تخضع لقيادة حزب الله المباشرة، هي ميليشيات غير نظامية مؤلفة من عناصر من الطائفة السنية والمسيحية والدرزية ينحدرون من مختلف المناطق ولا سيما البقاع.
وهم يتلقون التدريب في مخيمات يديرها الحزب، إلى جانب المجندين في حزب الله.
علاقات متوترة مع حزب الله
وفي هذا السياق، قال الخبير الأمني الضابط المتقاعد في الجيش اللبناني ناجي ملاعب إن قرار حزب الله باستعادة الأسلحة من سرايا المقاومة هو "قرار اتخذ لضبط بعض المناطق وإنهاء التواجد العسكري بمناطق أخرى".
وأضاف أن حزب الله أسس سرايا المقاومة من أجل التغلغل في الطوائف الأخرى وتحدي الطائفة السنية وتوحيد الجهود تحت مظلة خدمة مصالح إيران.
ولفت إلى أن سرايا المقاومة "لاقت قبولا بين الفئات السنية الفقيرة"، ولكن العلاقات مع حزب الله بدأت تشهد بعض التوتر بعد أن زاد وعي عناصر الجماعة حيال مدى هيمنة الحزب على السياسة اللبنانية.
وقال ملاعب إن حزب الله قرر السيطرة على الوضع عبر سحب الأسلحة التي أعطاها لسرايا المقاومة، خوفا من ارتدادها عليه كما حصل في خلدة في آب/أغسطس الماضي.
وتابع أن "حزب الله يرد عبر السعي لاستعادة السيطرة على الوضع، وهو ما يفسر قرار سحب سلاح سرايا المقاومة بالمناطق البقاعية".
وأضاف أن الحزب أيقن أيضا أن غالبية الشارع اللبناني، بما في ذلك عناصر سرايا المقاومة، "قد فقدت الثقة به وترى أنه ينفذ إرادة إيرانية".
ʼإجراء احترازيʻ
وبدوره، أشار المحلل السياسي جوني منيّر إلى أن قرار حزب الله سحب سلاح سرايا المقاومة هو "إجراء احترازي تحسبا للأيام الصعبة المقبلة على لبنان".
وتابع أن الأزمة الاقتصادية والصراع الاجتماعي المتواصل قد يؤديان إلى صدامات.
وقال "لربما أراد حزب الله من هذا القرار ضبط الوضع على الأرض، خصوصا أن غالبية المنضوين تحت لواء سرايا المقاومة هم من الطائفة السنية".
وأوضح أنهم كغالبية اللبنانيين، تعاني هذه الشريحة من المجتمع من الفقر والضائقة المالية، ما دفعها للنزول إلى الشارع.
وختم قائلا إن ذلك يزيد من احتمال حصول اشتباكات مسلحة، وتحول حزب الله إلى هدف في مثل هذه الاشتباكات.