أثارت أعمال العنف التي شهدتها مؤخراً مدينة صيدا في جنوب لبنان المخاوف من انتشار الأسلحة غير الشرعية بين أيدي المجموعات الخارجة عن شرعية الدولة، وجدّدت الدعوات للبنان لتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701.
وسادت الفوضى مدينة صيدا ليل 2 تشرين الأول/أكتوبر، حين اتسعت رقعة نزاع وقع بين مالكي مولدات الكهرباء لتتحول إلى اشتباكات مسلحة عمّت الشوارع.
وسقط نتيجة هذا الحادث قتيلان وجريحان وقام شبان غاضبون بإحراق أحد المقاهي قبل أن ينتشر الجيش اللبناني في المدينة.
وسيّر الجيش دوريات وأقام حواجز في شوارع المدينة وأحيائها بحثاً عن مطلقي النار ومن أجل إعادة الهدوء إليها.
لكنّ النواب البنانيين حذروا من أن هذا الحادث ما هو إلا مؤشراً لظاهرة أكثر خطورة.
وفي هذا السياق، أكدت ممثلة صيدا في البرلمان النائب بهية الحريري أنّ "ما حصل لم يكن إشكالاً عابراً أو حادثاً فردياً تطوّر إلى أحداث وانتهى الأمر، بل هو اعتداء سافر وخطير على أمن المدينة على أيدي حفنة من المافيات المسلّحة الّتي تعبث فساداً في أحياء صيدا".
وأضافت أن هذه العصابات دأبت على استباحة أحياء صيدا وزعزعة أمنها ليلاً نهاراً.
انتشار السلاح الخارج على الشرعية
من جانبه، رأى النائب عمار حوري من تيار المستقبل أن "السبب في ما شهدته مدينة صيدا يعود في جزء منه إلى تفشّي ظاهرة السلاح السلاح الخارج على الشرعية واستسهال استعماله من قبل بعض الأطراف التي تحتمي بالميليشيات المسلحة".
وقال إن كتلة المستقبل "استنكرت بعد اجتماع لها في 4 تشرين الأول/ أكتوبر الأحداث وأعمال الشغب التي شهدتها مدينة صيدا والتي تنال من صورة المدينة الوادعة والمتمسّكة بسلطة الأمن الشرعي وهيبتها".
ومن المعروف أن ظاهرة اقتناء السلاح الشخصي في لبنان تعود لسنوات طويلة، إلا أنها تفاقمت بعد الحرب الأهلية التي شهدتها البلاد.
وتراجعت نسبياً بعد انتهاء الحرب، لينحصر السلاح غير الشرعي بأيدي حزب الله وسرايا المقاومة التابعة له.
وأدى هذا الأمر إلى إشكالات أمنية وتقويض لهيبة الأجهزة الأمنية في الدولة، ما دفع بالعديد من الأصوات إلى مطالبة حزب الله بتسليم ترسانته.
وكان مجلس الأمن الدولي قد أشار في تقريره لشهر تشرين الأول/أكتوبر إلى عدة قضايا مترابطة "أهمها الأسلحة التي يمتلكها حزب الله وغيره من الجهات الفاعلة غير الحكومية وتدفق الأسلحة إلى حزب الله عبر سوريا".
وأضاف المجلس أن هذا "الأمر يعيق بشكل مباشر قدرة الحكومة على ممارسة سلطتها كاملة على أراضيها".
وتابع أن "الأزمة السورية الراهنة ومشاركة حزب الله فيها إلى جانب الحكومة، ساهمت في تدفق هذا الكمّ من الاسلحة". وأكّد أن "هذه الأوضاع السائدة تشكّل تهديداً لسيادة لبنان واستقراره وتتعارض مع التزاماته الدولية بموجب القرارين 1559 و1701".
تأكيد سلطة الدولة
من جانبها، قالت إحدى سكان صيدا هنادي سعد للمشارق، إنه يجب على السلطات الأمنية اللبنانية أن "تضرب بيد من حديد وتُنزل عقوبات صارمة بحق المسلحين الذين روّعوا الناس وشاركوا في أعمال الشغب".
ولفتت إلى أهمية هذا الأمر لا سيّما لجهة "منع تكرار مثل هذه الجرائم والأفعال".
تجدر الإشارة إلى أن الحكومات اللبنانية المتعاقبة سعت لجمع السلاح غير الشرعي في لبنان، إلا أنها لم تتمكن من القضاء على هذه الظاهرة نظراً لتسيّب الحدود اللبنانية السورية ولوجود مناطق عصيّة على سلطة الدولة.
وأغفل اتفاق الطائف الذي وقّّع عام 1989 مسألة سحب الأسلحة الفردية، مكتفياً بالإشارة إلى ضرورة سحب الأسلحة الثقيلة والمتوسطة التي بحوزة المليشيات وعدد من الأحزاب.
إلى هذا، أكّد نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق في 14 شباط/فبراير الماضي ، أن "قرارات مجلس الأمن الدولي رقم 1559و1680 و1701 تدعو بوضوح إلى حلّ جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية، ونزع سلاحها".
وقال إن الأمين العام للأمم المتحدة أوصى في "تقارير سابقة بضرورة نزع أسلحة الميليشيات كما اعتبرت هذه التقارير أن احتفاظ حزب الله وجماعات أخرى بالسلاح خارج سيطرة الدولة يحدّ من قدرة لبنان على ممارسة سيادته الكاملة وسلطته على أراضيه".
وأضاف: "نعتبر أن التزام لبنان بجميع القرارات الدولية ذات الصلة يكتسب أهمية حيوية لاستقرار لبنان". وتابع: "نشجّع لبنان على اغتنام الزخم السياسي الحالي لاستئناف المباحثات حول استراتيجية الدفاع الوطني كجزء من عملية يقرّرها اللبنانيون وحدهم".