عبّر محللون سياسيون وأمنيون عراقيون عن قلقهم حيال تدخل إيران في شؤون بلادهم، قائلين إن إيران حاولت قتل شخصيات عراقية بارزة تعارض سياساتها الرامية إلى فرض هيمنتها في العراق.
وفي تقرير صدر في 29 تشرين الثاني/نوفمبر، أشارت الصحيفة البريطانية "ذي تيليغراف" إلى استخدام إيران "فرق استهداف سرية لإسكات من انتقدوا المحاولات الإيرانية للتدخل في شؤون الحكومة الجديدة في العراق".
وبحسب "ذي تيليغراف"، قيل إن هذه الفرق السرية انتشرت بأمر من اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
وقالت الصحيفة إن من بين من تمت تصفيتهم السياسي العراقي عادل شاكر التميمي، وهو من الناقدين اللاذعين للنظام الإيراني وحليف لرئيس الوزراء السابق حيدر العبادي وزعم أنه اغتيل على يد قوة من فيلق القدس في أيلول/سبتمبر الماضي.
وفي آب/أغسطس، نجا راضي الطائي وهو مستشار المرجع الديني الشيعي علي السيستاني، من محاولة اغتيال بعد مطالبته بالحد من النفوذ الإيراني في الحكومة الجديدة.
وفي 3 تموز/يوليو، اغتيل شوقي الحداد الذي كان حليفا لرجل الدين مقتدى الصدر، بعدما اتهم إيران بالتلاعب بالعملية الانتخابية العراقية.
ʼسياسة تصفيةʻ
وفي هذا السياق، قال عادل الأشرم بن عمار وهو محلل سياسي عراقي لديارنا إن الاغتيالات الأخيرة هي "جزء من سياسة التصفية التي يمارسها النظام الإيراني" ضد معارضيه.
وأضاف أن لإيران "تاريخا طويلا" في ارتكاب مثل هذه الجرائم ضد من يقاومون نفوذها وطموحاتها.
وتابع أن إيران تحاول تجميع المعلومات حول جميع السياسيين العراقيين ورجال الدين والناشطين الذين لا يدعمونها.
وجرى ذلك بشكل خاص بعد التظاهرات التي نظمت ضد إيران في العراق والاستياء المتزايد من الدور المدمر الذي تلعبه إيران في العراق من خلال الميليشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني.
وقال بن عمار إنه على الصعيد السياسي، ركزت إيران على محاولة جر العراق إلى صفها في ظل مواجهتها العقوبات الاقتصادية والضغط الدولي.
وأوضح "هناك سعي حثيث لفتح السوق الإيرانية [على العراق] بشكل كامل والتحايل على العقوبات والتخفيف من وطأتها على الاقتصاد الإيراني".
الانتشار الإيراني في العراق
وبدوره، أكد الشيخ مزاحم الحويت الناطق باسم مجلس العشائر في نينوى لديارنا أن فرقا من فيلق القدس التابع للحرس الثوري وقوات الباسيج شبه العسكرية وأجهزة المخابرات الإيرانية انتشرت بصورة سرية في بغداد وفي محافظات العراق الجنوبية.
وأشار إلى أن "هذه الفرق تلقت أوامر من قيادات إيرانية أبرزها قائد فيلق القدس قاسم سليماني لتنفيذ عمليات اغتيال ذات طابع انتقائي".
وذكر أن هذه العمليات استهدفت "شخصيات سياسية ودينية ونشطاء وطنيين يعارضون سياسة إيران وينتقدون علنا تدخلها بالشأن العراقي".
وشدد الحويت على أن هذه "محاولة أخرى لتكميم الأصوات العراقية الحرة التي تنتهج مسارا وطنيا رافضا للتوسع الإيراني".
ولفت إلى أن إيران هي في الوقت الراهن في مأزق كبير، إذ أن اقتصادها يتهاوى بفعل العقوبات الأميركية وتتزايد العزلة الدولية عليها.
وتابع الحويت أن الاغتيالات الأخيرة "هي جزء من سياسة فرض الهيمنة" وتمارس ضغطا على السيادة العراقية "بقوة الترهيب".
وأضاف "إنه توجه خطر وكنا قد حذرنا مسبقا بأن طهران ربما ستلجأ إلى وسائل أكثر عنفا للإبقاء على قوة تأثيرها بالمنطقة مقابل ما تتعرض له من ضغوطات".
ʼرسالة تهديدʻ
ومن جهته، قال الخبير الاستراتيجي علاء النشوع لديارنا إن إيران تنوي تصدير مشاكلها وأزماتها مع المجتمع الدولي إلى البلدان المجاورة.
وأضاف أن "الهدف الإيراني يتمثل بزيادة الهيمنة على تلك البلدان وإجبارها على الخضوع لإرادتها عبر اللعب على ورقة تصفية الخصوم والمناوئين".
وأكد النشوع على أن الاغتيالات تنفذ على يد "عناصر الاستخبارات الإيرانية والحرس الثوري الإيراني وبمساعدة مليشيات عراقية مدعومة من طهران"، لافتا إلى أنها تأتي في سياق القضاء على الشخصيات العراقي التي "تقف في وجه طموحات الإيرانيين".
وذكر أن إيران تسعى أيضا إلى "إرسال رسالة تهديد إلى العالم" عبر محاولة إظهار أنها قادرة على "إغراق العراق والمنطقة في الفوضى والمنازعات الداخلية"، مقابل زيادة الضغوطات والعقوبات المفروضة عليها.