إقتصاد

مصرف اليمن المركزي يعوّم سعر صرف الريال

فيصل درام من صنعاء

مواطن يمني يعدّ رزماً من الريالات اليمنية في شارع بصنعاء يوم 12 شباط/فبراير الماضي. استقبل المصرفيون قرار المصرف المركزي تعويم سعر الصرف بردود فعل متباينة. [محمد حويس/وكالة الصحافة الفرنسية]

مواطن يمني يعدّ رزماً من الريالات اليمنية في شارع بصنعاء يوم 12 شباط/فبراير الماضي. استقبل المصرفيون قرار المصرف المركزي تعويم سعر الصرف بردود فعل متباينة. [محمد حويس/وكالة الصحافة الفرنسية]

باشرت المصارف التجارية وشركات الصرافة في اليمن يوم الثلاثاء، 15 آب/أغسطس، بتنفيذ قرار المصرف المركزي في عدن تعويم سعر صرف الريال اليمني.

وجاءت هذه الخطوة وسط تحذيرات من ارتفاع أسعار السلع المستوردة، إذ أن الظروف المعيشية الصعبة التي يواجهها اليمنيون نتيجة للحرب أثرت سلباً على جميع نواحي الحياة.

وكان المصرف المركزي قد قرر يوم الاثنين، 14 آب/أغسطس، تعويم الريال مما يعني أن سعر الفائدة مقابل العملات الأجنبية الأخرى سيحدد حسب العرض والطلب، وليس وفقاً لسعر ثابت تحدده الحكومة.

ونتيجة لهذه الخطوة، ارتفع سعر الصرف الثابت للدولار الأميركي مقابل الريال اليمني والذي كان مثبتاً عند حدود 250 ريالاً، ليصل إلى 370 ريالاً وفقاً لأسعار السوق الفعلية.

وفي حديث للمشارق، وصف رئيس البنك الوطني محمد حسن حلبوب قرار تعويم الريال بأنه "إيجابي"، لأنه سيضع حداً لبعض الممارسات الفاسدة ويحدّ من الواردات ويزيد من عائدات الجمارك.

وأضاف أن "المصرف المركزي نفسه والمصارف التجارية لم تلتزم بسعر الصرف الرسمي وكان السوق يتعامل بسعر السوق"، ولذلك فإن "قرار التعويم ليس جديد وسيكون تأثيره محدوداً لأننا نعيش في الظروف نفسها منذ عام تقريباً".

تحفظات حيال القرار

من جانبه اعتبر فارس الجعدبي نائب رئيس بنك التسليف التعاوني الزراعي (كاك بنك)، أن القرار صائب نظرياً، ولكن عملياً كان يجب اتخاذه على مراحل وبالتنسيق مع المصارف.

ولفت إلى أن تصرفاً كهذا كان ليحدّ من الخسائر ويعيد الدورة النقدية ويفعّل السياسة النقدية للدولة ويعيد للمصرف المركزي التأثير على العرض النقدي.

وأضاف أن "إصدار هذا القرار فجأة دون الخطوات السابقة، سيكون له تداعيات سلبية كبيرة أهمها ارتفاع سعر الصرف بشكل غير مخطط وفقدان العملة المحلية المزيد من قيمتها".

وقد تفقد العملة المحلية من قيمتها بسبب ارتفاع المضاربة على الدولار في السوق "نتيجة حالة الخوف والطمع"، معتبراً أن ذلك "قد يرفع سعر الدولار إلى 400 ريال في وقت قصير جداً".

ومن التداعيات السلبية الأخرى، بحسب الجعدبي، تعزيز قدرات السوق السوداء التي يسيطر الحوثيون (أنصار الله) على نحو 70 في المائة منها.

وإضافة إلى ذلك، قال "إن المصرف المركزي لا يملك أي سلطة للتدخل في العرض النقدي أو توجيه سعر السوق"، أقله في الوقت الراهن.

وأشار إلى أن "الآثار الناتجة عن تطبيق هذا القرار تشمل زعزعة استقرار السوق المصرفي وفقدانه المزيد من الثقة لصالح السوق السوداء".

المصارف اليمنية تواجه خسائر حادة

وأوضح الجعدبي أن "هناك مصارف لديها عجز في العملة الصعبة يصل إلى 300 مليون دولار وعلى رأسها كاك بنك الذي يعتبر ثالث أكبر بنك حكومي وتجاري في اليمن من حيث حجم ودائعه".

وقال إن "خسارة كاك بنك يمكن أن تصل إلى 30 مليار ريال (120 مليون دولار) بسبب هذا القرار"، علماً أن عدد موظفي هذا المصرف يبلغ 3000 موظف ولديه نحو 400 ألف عميل ويسيطر على نحو 30 في المائة من السوق اليمنية.

وأردف أن "خسائره ستتجاوز رأس ماله".

وتابع الجعدبي أن تطبيق هذا القرار سيدفع المنظمات الدولية إلى تصنيف اليمن "كدولة غير مصرفية أسوة بإيران و كوريا الشمالية"، في حال انهيار أي بنك في اليمن.

وكشف أن هذه المنظمات تدرس حالياً هذا الخيار وكانت تنظر فيه قبل إصدار قرار التعويم بسبب عدم التزام المصرف المركزي بتعليماتها.

بالإضافة الى ذلك، "ستتضاغف مخاطر انهيار العملة المحلية أمام الدولار لأن المصرف المركزي يتبع حالياً سياسة الإصدار النقدي الجديد بالطباعة لسد العجز النقدي للحكومة".

التعويم 'قد يكون كارثة'

ولفت الجعدبي إلى أن القرار سيخدم الحوثيين.

وبرّر ذلك بقوله إن القرار سيعزّز حجة المصارف المحلية المدعومة من الحوثيين من أن الحكومة الشرعية فشلت في إدارة الملف المالي والاقتصادي للبلاد، وسيعطي جهود الحوثيين لتولي السلطة في البلاد مصداقية أكبر ويمنحهم شرعية أكبر في نظر الدول الأخرى.

من جهته، حذر رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر، من مساوئ قرار المصرف المركزي.

وقال للمشارق إن "تعويم سعر صرف الريال أمام الدولار الأميركي والعملات الأجنبية الأخرى، قد يشكّل كارثة للبنك المركزي التابع للحكومة الشرعية"، إذا لم يعترف به الحوثيون وحلفاؤهم.

وأشار إلى "افتقاد البنك المركزي بعدن لإدارة فاعلة للسياسة النقدية قد يضاعف سوء الظروف المعيشية للمواطنين".

وأضاف أن "قرار التعويم يتطلب إدارة فاعلة للسياسة النقدية تخفف من آثاره السلبية، وهذا ما تفتقر إليه إدارة المصرف المركزي الحالية".

وعن إيجابية هذا القرار، قال إن سعر العملة الجديد سيرفع الإيرادات الجمركية بشكل حاد ما قد يلعب لمصلحة الدولة.

واستدرك قائلاً أن "هذا الأمر سيكون سلبياً على المواطنين، لأنه سينعكس سلباً على أسعار السلع المستوردة".

هل أعجبك هذا المقال؟

1 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500

اعتقد ان هناك تحيز سياسي في هذا المقال والقرار صائب في ظل هذه الطقوس الماليه. ومن يقول بأنه قرار غير صائب عليه إخبارنا بماذا كان يجب اتخاذه في ظل استغلال الصرافين والسوق السودا للقيمة المتزايدة لسعر الدولار الامريكي مقابل انخفاض الريال.

الرد