أكد خبراء ونشطاء للمشارق، أن أفرادا يقيمون في قطر يواصلون تقديم الدعم المالي المباشر للعديد من الفصائل المتطرفة العاملة في سوريا والعراق، ما يقوّض فرص السلام والأمن في البلدين.
ومن بين هذه الفصائل جبهة النصرة، التي حاولت أن تتموضع كفصيل معارض معتدل في سوريا عبر تغيير اسمها إلى جبهة فتح الشام وفك ارتباطها بالقاعدة.
وقال مراقبون إن دعم جماعات كجبهة النصرة يضعف المعارضة السورية المعتدلة ويعطل سبل إحلال سلام دائم في سوريا ونقل السلطة إلى حكومة تمثيلية تلبي تطلعات السوريين الذين يتوقون إلى الحرية والكرامة.
في هذا السياق، قال الناشط الإعلامي والإغاثي في حلب فيصل الأحمد، إن شخصيات تقيم في قطر دأبت منذ العام 2011 على تقديم الدعم لعدد من الفصائل السورية، بينها جماعات متطرفة.
وأضاف للمشارق أن تمويل هذه الجماعات وبينها جبهة النصرة، يتم عبر المنظمات الإغاثية المنتشرة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
وأشار إلى أن "العديد من هذه المؤسسات والجمعيات ناشطة في لبنان وفي سوريا، وغالباً ما تعمد إلى تمويه [نشاطها]".
وتابع أن العديد من هذه الجماعات يتلقى الدعم من أفراد يقيمون في قطر، وهي على اتصال مباشر معهم لتنسيق شراء الأسلحة ونقلها، إضافة إلى التجنيد ودفع الرواتب وتأمين الدعم اللوجستي.
من جهته، قال الباحث السياسي والأستاذ في كلية الشريعة بجامعة الأزهر عبد النبي بكار، إن العديد من الشخصيات والمؤسسات في قطر متورطة فعلياً بدعم العديد من الجماعات المتطرفة التي تقاتل في سوريا.
الأموال تُجمع عبر ’الجمعيات الخيرية‘
وأضاف أن شخصيات داخل قطر "استغلت الأحداث التي تشهدها المنطقة منذ العام 2011 لتعمل تحت ستار دعم الثوار والثورات واللاجئين والنازحين".
وغالباً ما يتم تمويل الجماعات المسلحة في سوريا تحت ستار التبرعات للجمعيات الخيرية، مقدماً جمعية مداد أهل الشام مثال على كيفية توظيف تلك الجمعيات لهذه الغاية.
وأوضح أن جمعية مدد أهل الشام استطاعت منذ إنشائها عام 2012 جمع ملايين الدولارات، نُقلت إلى سوريا لتوزع على الجماعات المسلحة العاملة هناك.
أما الصحافي المصري ماهر فرغلي، فذكر للمشارق أن المعلومات والتقارير الإعلامية أشارت إلى "عقد اجتماعات عدة بين [قائد جبهة النصرة] أبو محمد الجولاني وبعض الشخصيات القطرية استمرت حتى العام 2016".
وتابع أن هذه العلاقة أدت في نهاية المطاف إلى انفصال جبهة النصرة عن القاعدة وتغيير اسمها إلى جبهة فتح الشام، واصفاً هذا الأمر بأنه محاولة من الداعمين القطريين لإضفاء انطباع بأن جبهة النصرة وحلفائها أصبحوا جزءا من المعارضة المعتدلة.
إلا أنه في تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، أعلنت جبهة النصرة أن جماعة جند الأقصى ستنضم إلى صفوفها، وهي جماعة متطرفة تربطها علاقة خاصة بتنظيم القاعدة.
وفي 28 كانون الثاني/يناير، أعلنت جبهة النصرة وأربع فصائل معارضة أنها شكلت تحالفاً جديداً أطلقت عليه اسم هيئة تحرير الشام، وهو يضم أعضاء يتبنون أفكار زعيمي القاعدة السابقَين، أسامة بن لادن وأبو مصعب الزرقاوي.
قطريون متهمون بتمويل الإرهاب
هؤلاء الأفراد والمنظمات في الشرق الأوسط ليسوا الوحيدين المصنفين بكونهم جهات مانحة تتخذ من قطر مقراً لها بتمويل الجماعات المتطرفة.
ففي عام 2013، صنفت وزارة الخزانة الأميركية عبد الرحمن بن عمير النعيمي على "اللائحة الخاصة بالإرهابيين العالميين" لدعمه تنظيم القاعدة. وفي عام 2014، أضافته الأمم المتحدة إلى قائمة لجنة العقوبات ضد تنظيم القاعدة.
وبحسب وزارة الخزانة، أوعز النعيمي بنقل نحو 600 ألف دولار إلى القاعدة عبر ممثل التنظيم في سوريا، أبو خالد السوري، وكان ينوي أيضاً نقل 50 ألف دولار إضافية.
وأضافت وزارة الخزانة أن النعيمي سهل أيضاً تقديم دعم مالي كبير لتنظيم القاعدة في العراق، زاعمة أنه أشرف على نقل أكثر من مليوني دولار شهرياً لهذه المجموعة لفترة من الزمن.
وتابعت الوزارة أن النعيمي عمل أيضاً كمحاور بين قادة تنظيم القاعدة في العراق والجهات المانحة التي تتخذ من قطر مقراً لها.
وفي عام 2015، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات ضد سعد بن سعد محمد شريان الكعبي، وهو ممول قطري لجبهة النصرة، وضد الميسر القطري لتنظيم القاعدة عبد اللطيف بن عبد الله صالح محمد الكواري.
وتم تصنيف الاثنين على "اللائحة الخاصة بالإرهابيين العالميين".
وأوضح مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية بالوكالة آدم ج. زوبين، أن "هذه العقوبات تستهدف اثنين من الميسرين الرئيسيين لجبهة النصرة والقاعدة". وأضاف أن "وزارة الخزانة تؤكد التزامها استخدام استخباراتنا المالية وسلطاتنا لكشف وتعطيل خطط التمويل التي تستخدمها الجماعات الإرهابية".
حملات لجمع التبرعات في قطر
وكشفت وزارة الخزانة أنه اعتباراً من مطلع عام 2014، نظّم الكعبي حملات لجمع التبرعات في قطر استجابة لطلب أحد حلفاء جبهة النصرة الحصول على المال بهدف شراء الأسلحة والأغذية على حد سواء.
وفي نفس الفترة الزمنية، طلب مسؤول في جبهة النصرة من الكعبي لعب دور الوسيط لقبض فدية عن رهينة تحتجزها، وقد عمل فعلاً على تسهيل دفع الفدية مقابل الإفراج عن الرهينة.
ومنذ أواخر عام 2012 على أقل تقدير، والكعبي يقدم الدعم لجبهة النصرة في سوريا.
أما الكواري، فقد أقدم أيضاً بحسب وزارة الخزانة على جمع أموال دعماً لتنظيم القاعدة.
وفي مطلع عام 2012، عمل مع تنظيم القاعدة لتنسيق تسليمها الأموال من الداعمين القطريين لها وتقديم إيصالات تؤكد أن التنظيم استلم أموالاً من متطرفين يتخذون من قطر مقراً لهم.
وفي الفترة نفسها، سهل أيضاً رحلة دولية لشخص كان ينقل عشرات الآلاف من الدولارات إلى تنظيم القاعدة.
في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عمل الكواري مع الناشط في تنظيم القاعدة مصطفى حاجي محمد خان، المعروف أيضا باسم حسن غول، والميسر القطري لتنظيم القاعدة إبراهيم عيسى حاجي البكر، لتحويل الأموال إلى القاعدة في باكستان.
وتمكن الكواري خلال هذه الفترة من تزويد غول بجواز سفر مزور استخدمه هذا الأخير ليسافر إلى قطر مع الكواري والبكر.