مع محاولة كل من تنظيم القاعدة وتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) فرض سيطرته في سوريا، أكد خبراء للشرفة أن النزاع بين الطرفين المتحاربين قد بلغ ذروته.
وقالوا إن من شأن تزايد المواجهات المباشرة بين داعش والقاعدة القضاء على العديد من الفصائل الصغيرة الموالية لكل منهما، كجبهة النصرة التابعة للقاعدة.
الجهادي السابق والعضو المؤسس للجهاد الإسلامي في مصر الشيخ نبيل نعيم، قال إن الصراع بين التنظيمين قديم ويعود إلى زمن نشأة داعش وتوسعها لاحقا في سوريا والعراق.
وأضاف للشرفة أن "التحالف الذي نشأ مؤخرا بين القاعدة وطالبان إثر مبايعة زعيمها أيمن الظواهري لزعيم حركة طالبان الأفغانية الجديد هيبة الله آخندزاده، من شأنه أن يضع داعش في مواجهة التيار التكفيري المتشدد في أكثر من منطقة في العالم".
وتابع أن هذه المواجهة قد تندلع بخاصة في سوريا وأفغانستان وباكستان، حيث من مصلحة ثنائي القاعدة وطالبان القضاء على داعش.
وكان هيبة الله قد تولى زعامة حركة طالبان الأفغانية في أيار/مايو، وبايعه الظواهري في تسجيل صوتي بث على الانترنت يوم 27 أيار/مايو.
واعتبر نعيم أن مسار الأحداث في سوريا يشير إلى "اقتراب مرحلة الصدام بين داعش والنصرة".
وكشف أن "هذا الصراع بدأ فعليا على الأرض خلال العام 2015 بعد مواجهات مباشرة بين الفريقين"، إضافة إلى الحرب الإعلامية الدائرة بينهما منذ سنتين تقريبا.
تراكم الخسائر
من جانبه، قال اللواء المتقاعد في الجيش المصري وائل عبد المطلب، المتخصص بشؤون المنظمات الإرهابية والباحث في مركز الدراسات الإقليمية الإستراتيجية في القاهرة، إن "الصراع بين داعش وجبهة النصرة في سوريا من شأنه إضعاف القوة العسكرية لكلاهما".
وأوضح للشرفة أن المعارك المتوقعة بين الطرفين ستكون إما على شكل حرب شوارع في المدن والقرى، أو في الجبال حيث يوجد لديهما مواقع محصنة.
ورأى أنه بغض النظر عن النتيجة، من شأن هذه المعارك "إضعاف القوة العسكرية للطرفين وتخفيض عديدهم، إضافة إلى إنهاك مقاتليهما واستنزاف قدرتهما التكتيكية".
وتابع أن حدة التوتر بين التنظيمين تتصاعد مع وصول الحملة العسكرية الدولية إلى ذروتها لاسيما في مناطق الشمال السوري، حيث تضع التطورات على الأرض كلا من داعش والنصرة في موقف عسكري صعب.
فالتنظيمان يقاتلان على أكثر من جبهة ويعانيان من وضع مالي صعب مع قطع قوات التحرير لمصادر تمويلهما، حسبما أضاف.
وتوقع أن يدفعهما ذلك إلى إيجاد مناطق جديدة للسيطرة عليها لتأمين موارد مالية جديدة، كفرض الضرائب وجباية الزكاة والسيطرة على المحاصيل الزراعية وآبار النفط.
وأشار إلى أن "الاحتقان بين الفريقين سبق له وأن وصل إلى ذروته مع تكفير كل منهما للآخر، وتبادلهما الاتهامات بعدم السعي لإقامة 'الدولة الإسلامية' الصحيحة".
المدنيون السوريون ’يدفعون الثمن‘
بدوره، قال الصحافي السوري محمد العبد الله المقيم في القاهرة، إن كل الدلائل السياسية والعسكرية في سوريا تشير بوضوح إلى استحالة بقاء الأمورهادئة نسبيا بين تنظيم داعش وجبهة النصرة.
وأوضح للشرفة أن "تنظيم داعش يصف عناصر النصرة بالمرتدين بسبب عدم دعمه في المعارك بالشمال السوري".
من جهتها، تحاول جبهة النصرة إحكام قبضتها على المناطق التي تسيطر عليها عبر إقصاء أي فصيل مسلح لا يوافق على ممارساتها، وفقا لما تابع.
وأردف أن "الحرب بينهما على الأرض بدأت خلال العام الحالي 2016".
وقال إن الفريقين تعرضا لنكسات كبيرة في سوريا بعد أن فقدا السيطرة على الطرق الرئيسة التي كانا يستخدمانها لتهريب المقاتلين والأسلحة، وإدارة التجارة غير المشروعة للسلع كالنفط مثلا
وأكد أن ثمن هذا الصراع "يدفعه المواطنون السوريون"، الذين ما زالوا في البلاد حيث يستشري الفقر وتنعدم التربية والرعاية الصحية، أو الذين أجبروا على الهجرة بسبب الحرب.
وختم العبد الله قائلا إن "سيطرة أحد التنظيمين على أي منطقة يؤدي حتما إلى إفقارها بسبب قيامه بسرقة كل الموارد الموجودة فيها".