تواجه وزارة شؤون النازحين التي أسست حديثاً في لبنان تحديات عديدة، لا سيما لجهة البنية التحتية المتهالكة ومخيمات النازحين غير المنظمة والاقتصاد المنكمش وتجمع النازحين بشكل كثيف في المناطق الفقيرة.
وبحسب وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي، تتمحور المهمة الأساسية للوزارة حول وضع السياسات والتنسيق بين السلطات المعنية لمساعدة لبنان في التعامل مع أزمة الناحين.
وعُيّن المرعبي في منصبه الجديد في كانون الأول/ديسمبر، وقد خصّ موقع المشارق بحديث تناول فيه طبيعة دوره وتداعيات أزمة النازحين السوريين على لبنان التي كلّفته لغاية اليوم 18 مليار دولار.
المشارق:ما أبرز المسؤوليات الملقاة على وزارة شؤون النازحين التي شكلت حديثاً؟
معين المرعبي:يشكل إنشاء هذه الوزارة وإن بتأخير دام ست سنوات، نقطة قوة لتعامل لبنان مع المجتمع الدولي بملف النازحين.
وتساعد الوزارة في وضع السياسات المتعلقة بالنزوح السوري، كما تنسق بين الوزارات المعنية كوزارات الداخلية والصحة العامة والشؤون الاجتماعية والتربية من جهة، والجهات المانحة من جهة أخرى. [...]
وكان للوزارة دور فعال في وضع خطة لبنان للإستجابة للأزمةوالتي تشمل الدعوة إلى الاستثمار في مشاريع البنى التحتية، لا سيما في المناطق التي تشهد كثافة في وجود النازحين.
المشارق:في مؤتمر بروكسل حول سوريا الذي عقد في 4 و5 نيسان/أبريل، حذر رئيس الحكومة سعد الحريري من أن الوضع الراهن في لبنان هو أشبه بالقنبلة الموقوتة، مطالباً المجتمع الدولي بالاستثمار في البنية التحتية ومشاريع أخرى في لبنان. واختتمت أعمال المؤتمر بوعود بلغت قيمتها ستة مليارات دولار. فما حصة لبنان منها؟
المرعبي:ستكون حصة لبنان منها نحو مليار و500 مليون دولار وفق ما أُبلغنا، ولن تكون مخصصة للاستثمار في البنى التحتية. نحتاج سنوياً إلى نحو ثلاثة مليارات و800 مليون دولار، لم يصل منها عام 2016 سوى مليار و500 مليون دولار.
نصرف ما نتلقى من دعم مالي ولكنه لا يكفي لتغطية إحتياجات النازحين والمجتمعات المضيفة لهم، وهي فقيرة أصلاً. وهذا ما يفسر وجود عائلات سورية تعيش بأقل من دولارين إثنين يومياً.
لكننا بدأنا بتلقي بعض الأموال لدعم خطة لبنان للاستجابة، فوصلنا حتى اليوم 100 مليون دولار للمدارس و200 مليون دولار للطرقات وننتظر مبلغاً لم يحدد بعد [لقطاع] المستشفيات والصحة.
المشارق:ما هو حجم خسائر لبنان جراء تحمله عبء النزوح؟
المرعبي:الخسائر فادحة لبلد مثل لبنان يبلغ عدد سكانه أربعة ملايين و200 ألف نسمة ويترتب عليه دين عام حجمه 75 مليار دولار، ونسبة النمو فيه تحت الواحد بالمائة. تكلف لبنان حتى الآن خسائر بين 15 و18 مليار دولار نتيجة أزمة النزوح، وذلك مع عدد نازحين يبلغ مليون وأكثر من 300 ألف نازح.
المشارق:ما أبرز المشاكل التي يواجهها لبنان بسبب أزمة النزوح؟
المرعبي:نواجه مشاكل عديدة، أهمها تجمع النازحين بكثافة في مناطق لبنانية فقيرة.
ثمة مناطق يتعدى عدد النازحين فيها عدد سكانها الأصليين بخمسة أضعاف. وتشهد هذه المناطق نزاعات بين اللبنانيين والسوريين حول المياه والصرف الصحي والنفايات والطبابة والاستشفاء والمواصلات.
هناك أيضاً تنافس على فرص العمل وتنافس بين الطلاب اللبنانيين والسوريين للحصول على أماكن في المدارس التي تنظم ثلاثة دوامات تدريس لتعليم أكبر عدد ممكن من الطلاب من الجهتين.
مشاكلنا كبيرة وعديدة. فعكار مثلاً [في الشمال] طرقاتها غير معبدة منذ عقود، و92 بالمائة من بيوتها غير موصولة بشبكات المياه وبالصرف الصحي. أما المستشفى الحكومي فمجهز بـ 60 سريراً فقط. كل ذلك لا يكفي أهالي عكار البالغ عددهم 652 ألف لبناني، يضاف إليهم 300 ألف نازح سوري.
المشارق:هل تتوقعون من الدول المانحة أن تدعم خطة لبنان الاستثمارية بالبنى التحتية؟
المرعبي:لبنان اليوم أمام فرصة تأهيل بناه التحتية، بما في ذلك المياه والصرف الصحي والكهرباء والطرقات والمدارس والمستشفيات. المجتمع الدولي متحمس ونحن حاضرون بخطتنا التي تشمل تأهيلاً لقطاعات تفيد اللبنانيين والسوريين. فعندما نؤهل المدارس مثلاً، نساهم بتعليم الأطفال السوريين ليكون لهم مستقبل أفضل حين يعودون إلى بلدهم.
المشارق:ما هي التحديات التي يواجهها لبنان داخل مخيمات النازحين؟
المرعبي:أغلب هذه التحديات هي تحديات أمنية، تتطلب منا كوزارة المزيد من اليقظة. ولكن لغاية اليوم، لم يحدد دورنا على هذا الصعيد، إذ أن وزارة الشؤون الاجتماعية هي المسؤولة عن المخيمات بالتنسيق مع المنظمات الدولية.
لم يستطع لبنان بناء مخيمات نظامية منذ بداية الأزمة، الأمر الذي حال دون تحديد أماكن وجود النازحين لمساعدتهم والوقوف على وضعهم الاجتماعي.
المشارق:وماذا عن عرسال التي تستضيف أكبر عدد من النازحين وشهدت تحديات أمنية؟
المرعبي:تستضيف بلدة عرسال 110 آلاف نازح، فيما عدد سكانها 30 ألفاً. تواجه البلدة مشاكل أمنية وخدماتية متعلقة بالمياه والصرف الصحي والنفايات.
وبطلب منا، أجرى المكتب التقني للدراسات بالتعاون مع مهندس متخصص من وزارة البيئة، دراسات أولية حول عرسال. وستطلق اليونيسف بعد شهر مناقصة لتنفيذ أعمال تتعلق بالبنى التحتية لمعالجة المشاكل التي تعاني منها البلدة.
المشارق:هل ستنفذ الوزارة مشاريع تساهم في حل الأزمة الاقتصادية للنازحين والمجتمعات المضيفة لهم؟
المرعبي: ستساهم مشاريع البنى التحتية المنوي تنفيذها في حل الأزمة الاقتصادية، لأنها ستجذب الاستثمارات التي نأمل أن تكون صناعية وزراعية، كما أنها ستخلق فرص عمل لليد العاملة اللبنانية والسورية. [...]
تواصلت مع ثلاث جامعات للاستفادة من أفكار طلابها بما يختص [كيفية حل] أزمة النزوح. وعقدت الجامعة الأميركية مؤتمراً حول إعادة إعمار سوريا، أطلقت خلاله أفكار عديدة يمكن للنازحين الاستفادة منها.
في غضون ذلك، يعمل طلاب الجامعتين العربية والقديس يوسف أيضاً على بلورة أفكار لمشاريع يمكن تنفيذها يداً بيد مع النازحين.
وستساعد هذه المشاريع في إنعاش الاقتصاد اللبناني وستؤمن الاستقرار المادي والاجتماعي للنازحين. علينا أن نفكر في كيفية تحويل النزوح السوري إلى فرصة إيجابية منتجة.