بعد عام من تأزم علاقته مع السعودية نتيجة لتدخل حزب الله في الحرب السورية ، يسعى لبنان إلى استئناف تعاونه المالي والتربوي والأمني مع المملكة.
وكان الرئيس اللبناني ميشال عون قد زار الرياض على رأس وفد رسمي ضمّ العديد من الوزراء ، في محاولة "لاستكشاف سبل للتعاون" المشترك بين البلدين.
وشكلت الحرب في اليمن عاملاً إضافياً ساهم في تعميق الخلاف بين البلدين، مع إدانة السعودية لمساندة حزب الله، المدعوم من إيران، الحوثيين (أنصار الله) .
ونتيجة لتوتر العلاقات بين الرياض وبيروت، منعت الممكلة مواطنيها من السفر إلى لبنان وجمدت هبة بقيمة ثلاثة مليارات دولار كانت قد خصصتها للجيش اللبناني، ما ترك أثاراً سلبية على الاقتصاد اللبناني.
وبحسب مركز الدراسات الاقتصادية التابع لغرفة التجارة والصناعة اللبنانية، وصل حجم الاستثمارات السعودية في لبنان بين عامي 1985 و2009 إلى 4.8 مليارات دولار.
وذهب 56 في المائة من هذه الاستثمارات إلى قطاع العقارات و20 في المائة إلى القطاع المصرفي و13 في المائة إلى قطاع السياحة.
ومع عودة العلاقات مع السعودية إلى طبيعتها، يأمل لبنان بإنعاش اقتصاده وتنشيط حركة الاستثمارات السعودية بشكل خاص والخليجية بشكل عام.
وفي هذا السياق، قال النائب في كتلة المستقبل محمد قباني، إن "العلاقة بين البلدين تستعيد تدريجياً عافيتها".
واعتبر أن انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة وزيارة عون الأخيرة إلى المملكة، ساهموا بترميم هذه العلاقة ووجهوا رسالة إلى المجتمع الدولي بأن لبنان بدأ يتعافى.
ولفت في حديث للمشارق إلى وجود "عوامل عدة ساهمت بتوتر العلاقة بين البلدين، كتدخل حزب الله في الحرب السورية وفشل لبنان في انتخاب رئيس لأكثر من عامين، ما وضع البلاد في أسفل سلم أولويات السياسة الدولية".
وأضاف قباني: "اليوم، يسعى لبنان لتصحيح مساره ويعمل على إزالة العقبات التي تعترض طريق تحقيق هذا المسعى".
نتائج مفيدة للطرفين
من جهته، أكد المحلل الاستراتيجي والعميد المتقاعد ريشار داغر أن تطبيع العلاقات بين السعودية ولبنان "يعود بالفائدة على البلدين".
وقال للمشارق إن للسعودية ودول الخليج "مصلحة كبرى في العودة إلى لبنان، لا سيما في ظل الأحداث التي تشهدها المنطقة والتمدد الإيراني فيها".
وأضاف أن "السعودية ستعمل ما في وسعها لمنع المحور الإيراني من ابتلاع لبنان".
وتابع أن "التعاون بين البلدين في الحرب ضد الإرهاب سيستمر لأن هذه الحرب هي "مهمة مشتركة ومصدر قلق للجميع".
إلى هذا، سيستفيد لبنان من عودة الاستثمارات والمساعدات والسياح إليه وسيساهم ذلك في تحقيق الاستقرار في البلاد.
بدوره، أشار الخبير الاقتصادي والاستراتيجي جاسم عجاقة للمشارق إلى أنه بعيد إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري عام 2011 وانغماس لبنان في الحرب السورية عبر تدخل حزب الله فيها، توقف تدفق الاستثمارات الخليجية إلى لبنان وتضررت الحركة التجارية مع السعودية".
"ونتج عن ذلك وقف الاستثمارات الخليجية في لبنان ومنع السياح الخليجيين من السفر إليه، إضافة إلى تعليق الهبة العسكرية السعودية للجيش وقوى الأمن الداخلي"، وفقاً لما أضاف.
وقال: "يضاف إلى ذلك انتكاسة أخرى وهي تراجع حركة التبادل التجاري بين لبنان والدول الخليجية وخصوصاً مع السعودية، إذ أنها تحتل المرتبة الأولى بين دول الخليج لجهة الشراكة الاقتصادية".
وأردف أنه مع استقامة مسار العلاقات "سنلحظ عودة الإستثمارات الخليجية إلى لبنان...وزيادة التبادل التجاري بينه وبين دول الخيج".
وذكر أنه منذ 2011، تراجعت نسبة السياح السعوديين في لبنان 75 بالمائة، كما تراجعت الصادرات اللبنانية إلى السعودية بنسبة 25 بالمائة والإستثمارات السعودية بنسبة 40 بالمائة.
وختم عجاقة حديثه معرباً عن تفاؤله بعودة العلاقات بين لبنان ودول المنطقة إلى طبيعتها، إلا أنه حذّر من أن "تحسن العلاقة هذا يبقى رهناً بتطورات الأزمة السورية".
إنه جيد. الناس ينشرون الأخبار بدون ممارسة الرقابة عليها.
الرد1 تعليق