يمضي تحالف سياسي بقيادة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر قدما في تشكيل حكومة أغلبية دون مشاركة الإطار التنسيقي الشيعي المنافس الذي يضم قوى متحالفة مع إيران.
ويتألف تحالف الصدر الثلاثي، الذي بات يعرف بـ "تحالف إنقاذ وطن"، من الصدريين وجماعات سياسية من السنة والأكراد.
وأعلن التحالف في 23 آذار/مارس أنه شكل الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي، الأمر الذي يمنحه الحق الدستوري في تشكيل الحكومة.
لكن قبل أن يتحقق ذلك، على النواب العراقيين أولا انتخاب رئيس جديد الذي تناط به مهمة تعيين رئيس الحكومة الجديد.
لكنهم فشلوا للمرة الثالثة في انتخاب رئيس يوم الأربعاء، 30 آذار/مارس، بسبب مقاطعة تحالف الإطار التنسيقي الشيعي.
ورشّح تحالف إنقاذ وطن كلا من السياسي الكردي ريبر أحمد لشغل منصب رئيس الجهورية وجعفر الصدر لرئاسة الوزراء، وهو سفير العراق لدى بريطانيا وابن عم مقتدى الصدر.
وخطب الصدر ود عدد كبير من النواب لضمان تصويت ثلثي أعضاء البرلمان للحكومة التي ينوي تشكيلها، وأيضا لمجابهة معارضة الإطار التنسيقي.
وثمة مؤشرات على أن تحالف الصدر الجديد قد تمكن من كسر الجمود السياسي بالرغم من اعتراض الإطار ودعوته لتشكيل "حكومة إجماع" يحصل فيها أعضاؤه على مناصب.
قوة المستقلين السياسية
وفي حديثه للمشارق، قال الكاتب والمحلل السياسي علي البيدر إنالذين شكلوا تحالفا للمرة الأولى، أظهروا أنهم قوة سياسية لا يمكن تجاوز دورها في العراق.
وأوضح أن تلك القوة هي بمثابة "حزب ثالث"، لذا تمثل ثقلا موازنا في العملية السياسية، خصوصا أن اشتداد الانقسام بين تحالف الصدر والإطار منع تلك الجماعات من التوصل لاتفاق.
وظهر النواب المستقلون من رحم الحركة الاحتجاجية التي بدأت في تشرين الأول/أكتوبر 2019 حين وجد العراقيون أنفسهم في مواجهة خيارات أحلاها مّر.
ووفق البيدر، تتملك المستقلون مخاوف من إخفاق تحالف الصدريين المحتمل في تنفيذ وعوده الإصلاحية، ما سيؤدي تاليا إلى اهتزاز صورتهم أمام ناخبيهم.
وتابع أنه إذا انضموا للأغلبية، أي تحالف إنقاذ وطن بزعامة الصدريين، فإن ذلك قد يضعهم في بيئة خطرة، في إشارة للهجمات الأخيرة التي طالت مقرات حلفاء الصدر من السنة والأكراد.
هذا ووجهت أصابع الاتهام في تلك الهجمات إلى الفصائل المسلحة الموالية لإيران.
ويرى البيدر أن خيار البقاء كمستقلين كان أيضا غير مناسب للتكتل، إذ يصب ذلك في صالح الإطار "الذي لا يريد لحكومة الصدريين أن ترى النور".
وأشار إلى أن البقاء كمستقلين قد يكون له نتائج عكسية على النواب في ذلك التكتل، إذ أنه قد يضعهم في دائرة الاتهام بأنهم يساعدون الأحزاب الموالية لإيران التي تشكل الإطار التنسيقي الشيعي.
لكن بعض النواب المستقلين أظهروا تجاوبا مع دعوة الصدر الذي شكرهم في تغريدة له يوم 23 آذار/مارس على تقديم "مصلحة الوطن على المصالح الخاصة".
وأشار البيدر إلى أن العلاقة بين الصدريين والإطار قد وصلت الآن إلى مفترق طرق بعد سلسلة من الاختلافات بينهم، لا سيما حول موضوع محاربة الفساد وحق المواطنين في حمل السلاح علانية.
ومع ترجيح كفة حكومة الأغلبية، يرى مراقبون أن ذلك يعتبر انتكاسة كبيرة لإيران ووكلائها.
فمن شأن حكومة أغلبية الإطاحة بمساعي إيران للهيمنة على القرار الوطني للعراق وتقويض جماعاتها المسلحة والتي طالب الصدر مرارا بتجريدها من السلاح أو انضمامها للجيش العراقي.
الشعب يطالب بإصلاح حقيقي
بدوره، يرى أستاذ علم السياسة بالجامعة المستنصرية، عصام الفيلي، أن النتاج الطبيعي لأي انتخابات يتمثل في انبثاق حكومة ومعارضة تراقب الأداء الحكومي.
وأضاف "علينا الإقرار بأن نمطية الحكم التي تريد القوى الشيعية التقليدية إعادة تدويرها من خلال تشكيل حكومة توافق لم تجلب سوى الفشل السياسي".
وتابع أن زعماء الإطار التنسيقي الشيعي أنفسهم اعترفوا بذلك، مشيرا إلى أن المضي بحكومة الأغلبية هو تعبير عن نضوج في العمل السياسي فرضه الضغط الشعبي.
وأوضح "لدينا اليوم فاعل مهم في المشهد وهو الجمهور الذي يطالب بإصلاح حقيقي يضع حدا لمعاناته ويعيد للدولة هيبتها وسيادتها".
يبقى الأهم وفقا له هو أن من سيتصدى لمسؤولية الحكومة عليه التحلي بالشجاعة وتحمل الأعباء ليتم بناء مشروع الدولة ولا يكون أحد فوق القانون أو مصلحة العراق الوطنية.
واستبعد الفيلي إمكانية تحقق أهداف الإطار التنسيقي لأنه سيحتاج إلى ثلثي عدد النواب لتمرير أجندته.
ورأى أنه من الضروري في كل الأحوال إبقاء باب الحوارات السياسية مفتوحا بين كل الأطراف في العراق.