قال محللون إن الدور الأساسي الذي لعبته قوات سوريا الديموقراطية (قسد) في عملية تصفية زعيم تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) أبو إبراهيم الهاشمي القرشي يسلط الضوء على قدراتها وأهميتها الإقليمية.
وقامت قوات العمليات الخاصة الأميركية في 3 شباط/فبراير، بمحاصرة المنزل الذي كان يتواجد فيه القرشي في محافظة إدلب السورية، قبل أن يفجّر نفسه مع زوجته وولديه.
وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن في بيان عقب العملية "ليل أمس وبناء على أوامري، نجحت قوات عسكرية أميركية في شمالي غربي سوريا بتنفيذ عملية في إطار مكافحة الإرهاب لحماية الشعب الأميركي وحلفائنا وجعل العالم أكثر أمانا".
ولفت بايدن إلى "الشراكة الأساسية" مع قوات قسد التي شاركت في العملية، وقال إن الولايات المتحدة ستستمر بالعمل مع حلفائها وشركائها "لمواصلة الضغط على داعش".
وذكر المتحدث باسم قوات قسد فرهاد شامي للمشارق أن المروحيات الأميركية انطلقت من قاعدة خراب عاشق في منطقة كوباني بتنسيق مباشر مع قوات قسد.
وأشار إلى أن هذه القوات "لم تشارك في عملية الهجوم لحساسية الموقف كون المنطقة مكتظة بالقواعد التركية".
ولكنه أكد أن "قوّات قسد هي من أتاحت إمكانية قتل القرشي من خلال جمع المعلومات الاستخباراتية عن مكان تواجده قبل مدة [ومشاركتها] مع الشركاء في التحالف الدولي".
وتابع "توصلت قواتنا إلى معلومات دقيقة عن المربع الصغير الذي كان يحتمي فيه القرشي، لذا انتظرنا فترة طويلة حتى تثبيت نقطة الصفر لمكان تواجده".
وفي هذا السياق، قال قائد قوات قسد مظلوم عبدي في مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس ليل الخميس، 10 شباط/فبراير، إن القوات بقيادة كردية سهّلت أيضا إمكانية المرور والجوانب اللوجستية للولايات المتحدة، فوفرت السلامة والأمن للعناصر الذين نفذوا المداهمة.
معلومات استخبارية أساسية
وأشار شامي إلى أن المعلومات التي تم جمعها بعد هجوم نفذه مؤخرا عناصر من داعش على سجن الصناعة في الحسكة كشفت تفاصيل عن المنزل الذي كان يختبئ فيه القرشي.
وهاجم أكثر من مائة عنصر من تنظيم داعش سجن الصناعة في حي غويران في كانون الثاني/يناير، مما أدى إلى مواجهات استمرت لأيام عدة.
وتمكنت قوات قسد بعد أيام عدة من العمليات من بسط سيطرتها على السجن الذي يضم آلاف عناصر داعش. وأدى الهجوم إلى مقتل 121 عنصرا من القوات ذات القيادة الكردية.
ولفتت وزارة الخارجية الأميركية في بيان يوم الأربعاء، إلى أن "التحركات السريعة لشركائنا المحليين، والتي جاءت على حساب خسائر في صفوف قواتهم، لوقف الهجوم ضد سجن الحسكة وضعت حدا لمحاولة داعش إعادة تجميع صفوفهم بضم المعتقلين في السجن إليها".
وقال شامي إن المعلومات الاستخبارية أشارت إلى أن القرشي الذي يعتقد أنه كان وراء الهجوم على السجن، كان ينوي الانتقال بعد فشل هذا الهجوم إلى منطقة أحراش عفرين الشمالية أو إلى الشريط الشمالي لحدود عفرين مع تركيا.
وتابع أنه لو نجح الهجوم على السجن، لكان القرشي قد انتقل لربما إلى الحسكة أو إلى دير الزور.
وأوضح شامي أن تنظيم داعش يعيش حاليا مرحلة تشتت بعد فشله في تحقيق أهدافه من الهجوم، مضيفا أن مشاكل التنظيم قد تفاقمت مع مقتل القرشي.
ولكنه أشار إلى أن التنظيم سيحاول التعويض عن فشله الأخير عبر استخدام طرق أخرى لإثبات مكانته ورفع معنويات مؤيديه.
وقال إن العودة المحتملة لداعش لن تعتمد فقط على محاولات "عناصره الخطيرين" شن هجمات، بل ستعتمد أيضا على مدى حزم التحالف الدولي في محاربة التنظيم الإرهابي.
وتابع أنه بالمجمل، بات تنظيم داعش اليوم بحاجة إلى جيل جديد للاستمرار، ومن شأن توجيه الضربات المميتة للعقول المدبرة في التنظيم أن تمنع العناصر المحتملين من الانضمام إليه.
دور مهم
ومن جانبها، قالت روشان كوباني وهي من عناصر قوات قسد، إن العملية التي استهدفت القرشي اعتمدت بشكل أساسي على المعلومات الاستخباراتية الدقيقة التي وفرتها قوات قسد.
وأضافت أن عاملا أساسيا لعب دوره أيضا تمثل بوجود المدنيين في المنطقة المحيطة بمنزل القريشي، وتعاونهم مع قوات قسد.
وأشارت إلى أن "المعلومات تقاطعت مع اعترافات تم الحصول عليها من عناصر داعش الذين تم القبض عليهم خلال العملية التي حصلت في سجن الصناعة بالحسكة".
وقالت إن هذا العامل، إلى جانب "عمليات مراقبة دقيقة" نفذتها قوات التحالف، أدى إلى تنفيذ المداهمة في مخبأ القرشي.
وذكرت أن المعلومات الاستخباراتية تؤكد على الدور الذي تلعبه قوات قسد في مجال مكافحة الإرهاب وتسلط الضوء على ضرورة دعمها للتخلص نهائيا من الجماعات الإرهابية ومنع داعش من الظهور مجددا.
ومن جانبه، قال عبدي "إننا محاطون بعناصر داعش".
وأضاف "لقد كررنا ذلك مرارا. إذا لم نركز على محاربة داعش اليوم، فسينشر عناصره مجددا".
يُذكر أن غارات مكافحة الإرهاب التي تنفذها قوات قسد والتحالف الدولي تتواصل خلال الشهر الجاري في مختلف أنحاء شمال شرق سوريا. وفي 31 كانون الثاني/يناير، اعتقلت قوات قسد 27 عنصرا يشتبه بانتمائهم للتنظيم في محيط الرقة.
وقدّر تقرير صدر عن الأمم المتحدة العام الماضي انتشار نحو 10 آلاف عنصر من داعش في العراق وسوريا، والعديد منهم في المناطق الخاضعة للسيطرة الكردية.
وقالت السلطات الكردية إن نحو 12 ألف عنصر يشتبه بانتمائهم لداعش ويحملون أكثر من 50 جنسية مختلفة هم محتجزون حاليا في عدة سجون تابعة لها في شمال شرق سوريا.
وتقيم زوجات وأطفال السجناء في مخيمات نزوح مكتظة تتحول أكثر فأكثر إلى بيئات حاضنة للتطرف والتشدد.