عدن -- شارك المئات في مراسم التشييع التي أقيمت في صنعاء يوم 11 تشرين الثاني/نوفمبر للصحافية رشا الحرازي التي قتلت مع جنينها حين انفجرت عبوة ناسفة زرعت أسفل سيارة زوجها أثناء اصطحابه لها إلى مستشفى في عدن.
وأصيب زوجها الصحافي محمود العتمي في الهجوم الذي نفذ يوم 9 تشرين الثاني/نوفمبر. ولدى الزوجان طفل في الثانية من العمر أصبح الآن يتيم الأم.
وعمت أجواء من الحزن الشديد في صنعاء أثناء الجنازة التي نظمتها أسرة رشا، وندد المشيعون بالهجوم الذي قالوا إنه يكشف مدى بشاعة الإرهاب وشناعة الحرب التي طال أمدها في اليمن.
ولم يستطع محمد الحرازي عم رشا السيطرة على نفسه وانخرط في البكاء، لكنه تمكن من القول إنها "أبشع جريمة عرفتها البشرية باعتبارها استهدفت أم حامل في طريقها إلى المستشفى للولادة".
وكتبت صديقتها غدير طيرة على موقع تويتر أن الصحافية الشابة كانت تحلم بتحقيق إنجاز يكون حديث الجميع. وكتبت "الحمد لله يا رشا، الكل قلبه عندك ويدعو لك وتحقق إللي نفسك فيه".
ووفق أصدقائها، كانت رشا محبة للحياة ومفعمة بالحيوية والتفاؤل والطموح، ويظهر ذلك من خلال احترافها مهنة التصوير حين كانت تعيش في صنعاء قبل زواجها.
وقالت إحدى صديقاتها إن رشا انتقلت مع العتمي إلى عدن بحثا عن الأمان في خضم الحرب المتواصلة، "لكنها وجدت العكس، رحمة الله تغشاها".
وقال فيصل العبسي مدير أستوديو التصوير الذي كانت تعمل فيه رشا في صنعاء إن"الجدية والإبداع كانا صفتين متلازمتين لأعمالها".
وأضاف أنها "كانت ملتزمة بعملها وتسعى لتطوير نفسها وتقديم الأفضل مع الالتزام الكامل بواجباتها".
مهنة خطيرة
بدوره قال الصحافي عصام الحرازي في حديثه عن الجريمة إن "الأجنة تموت في اليمن قبل أن تولد".
وطالب الصحافيين في اليمن بترك مهنة الصحافة والبحث عن مهن أخرى تبعدهم عن آلة الاستهداف من أطراف الحرب المختلفة.
من جانبه، قال وزير الداخلية اليمني، إبراهيم حيدان، إن عملية اغتيال رشا وجنينها "تحمل بصمات الحوثيين" ، مشيرا إلى أن الجماعة التي تدعمها إيران لها تاريخ في تصفية الخصوم والصحافيين المستقلين.
وأوعز إلى الأجهزة الأمنية في عدن "التحقيق في الجريمة وملاحقة العناصر المخلة بالأمن في المحافظة وتوقيفهم وتقديمهم إلى العدالة".
إلا أن الحوثيين لم يتبنوا المسؤولية عن الجريمة ولم يعلقوا عليها.
وأصدرت وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان بيانا دانت فيه الهجوم الذي استهدف الأسرة ووصفته بالعمل الوحشي والإجرامي.
وأكدت الوزارة أن استهداف الصحافيين بالعبوات الناسفة هو سابقة خطيرة واختراق أمني يجب التعامل معه بحزم من قبل القوات الأمنية.
وشددت على أن استهداف الصحافيين يعد انتهاكا صارخا للقوانين الوطنية والقانون الدولي الإنساني، مشيرة إلى أن مثل هكذا جرائم لا تسقط بالتقادم.
حملة إرهاب
من جانبه، أكد وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني، معمر الإرياني، أن مرتكبي هذه الجريمة يسعون لإرباك جهود الحكومة لتطبيع الأوضاع ويهدفون إلى زعزعة الأمن والاستقرار في العاصمة المؤقتة عدن.
وأضاف أنهم يحاولون إرهاب الصحافيين ومنعهم من أداء رسالتهم ودورهم المهني والوطني، زاعما أن رشا كانت قد تلقت رسائل تهديد من الحوثيين قبل موتها.
ودانت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن عملية الاغتيال في بيان نشرته عبر حسابها على تويتر قالت فيه إن "انتهاكات حقوق الصحافيين تضر بحرية التعبير"، ودعت إلى "إحالة مرتكبي الهجوم إلى العدالة".
كما ندد عدد من المنظمات المحلية والدولية بالجريمة، منها نقابة الصحافيين اليمنيين والاتحاد الدولي للصحافيين واتحاد الصحافيين العرب.
ووصفت نقابة الصحافيين اليمنيين هذه الجريمة بأنها "سابقة غير معهودة ومستهجنة"، مبدية خشيتها من أن تكون مؤشرا خطيرا لمرحلة جديدة وعنيفة تستهدف الصحافيين في اليمن.
وقال وكيل وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان، نبيل عبد الحفيظ، إن "الصحافيين أكثر الفئات استهدافا خلال فترة الحرب".
وأضاف أنهم "تعرضوا للاختطاف والاعتقال والتعذيب وبعد ذلك المحاكمات وإصدار أحكام بالإعدام ، رغم أنهم لم يحملوا سلاحا قط سوى القلم".