قالت السلطات اليمنية إن ميليشيا الحوثي (أنصار الله) المدعومة من إيران، خسرت مؤخرا في معاركها مع الجيش اليمني الحصيلة الأكبر من القتلى منذ العام 2014.
وأوضح وزير الاعلام اليمني معمر الأرياني في 7 أيلول/سبتمبر، أن القتال في محافظات الجوف ومأرب والبيضاء كبد الحوثيين آلاف القتلى، بينهم قادة تدربوا على أيدي ميليشيا حزب الله اللبنانية والحرس الثوري الإيراني.
وأضاف الأرياني أن الميليشيا لا تقيم أي وزن لخسائرها البشرية التي بلغت مؤخرا ذروتها، مقابل تحقيق انتصارات كاذبة وتنفيذ مخططات إيران التدميرية.
وأكد الأرياني أن الميليشيا تواصل استغلال الفئة الأشد فقرا بين اليمنيين في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، وتجندهم بالقوة والإكراه والشعارات الفارغة لإرسالهم إلى جبهات القتال.
ودعا الأهالي في مناطق سيطرة الحوثيين إلى "توقيف محاولات [الحوثيين] إرسال أبنائهم إلى ساحات القتال".
ووثق المركز الإعلامي للقوات المسلحة مقتل 2251 عنصرا من ميليشيا الحوثي في الفترة الممتدة من 1 حزيران/يونيو إلى 30 آب/أغسطس، بينهم قادة ميدانيون.
ووقع القتلى في جبهة الجوف وجبهة مأرب، إضافة إلى جبهات القتال في مديرية نهم بصنعاء والقانية شمال محافظة البيضاء.
وأعلن المركز الإعلامي أن أكثر من 5000 عنصرا من الميليشيا أصيبوا خلال الفترة نفسها.
وأفاد أنه خلال النصف الأول من أيلول/سبتمبر، قُتل 382 مقاتلا حوثيا قضى معظمهم في غارات جوية نفذها التحالف العربي، بينهم 91 من كبار قادة الميليشيا.
وقال الناطق باسم الجيش العميد عبده مجلي في بيان يوم 5 أيلول/سبتمبر، إن الجيش اليمني ولجان المقاومة الشعبية حرروا عددا من المناطق في محافظات الجوف ومأرب والبيضاء.
إلى هذا، قطعوا خطوط الإمداد والطرق في عمليات أسفرت عن مقتل وجرح العشرات من عناصر الميليشيا وتدمير آليات قتالية وعربات مدرعة تابعة لها.
وسلط مجلي الضوء على دعم التحالف العربي الذي نفذ ضربات جوية استهدفت مواقع الحوثيين، وأمن تعزيزات بشرية وعتاد عسكري.
وحققت قوات الجيش اليمني تقدما نوعيا على جبهات نجد العتق بمديرية نهم، وقانية وهيلان وصرواح والمخدرة والضالع.
جماعة الحوثي لا يهمها عدد قتلاها
وفي حديثه للمشارق، قال وكيل وزارة حقوق الإنسان نبيل عبد الحفيظ، إن "ميليشيا الحوثي لا يهمها عدد القتلى [بين عناصرها]، وهي مستعدة للتضحية بكل أبناء اليمن لصالح المشروع الإيراني في المنطقة".
وتابع أن الميليشيا تستغل نفوذها في كل مؤسسات الدولة في المناطق الواقعة تحت سيطرتها لتجنيد الشباب في صفوفها.
ويتعرض الشباب اليمني إلى "عملية غسل أدمغة عقائدية في المدارس والمخيمات الصيفية" الواقعة تحت سيطرة الحوثيين على حد قوله، كاشفا أنه في بعض الأحيان "يجبر قادة الأحياء على تقديم مجندين".
وأضاف أن "الحوثيين يدفعون الأبرياء إلى حتفهم ويضعوهم في صفوف القتال الأمامية، بينما يبقون على مقاتليهم العقائديين في الصفوف الخلفية".
وأردف عبد العزيز أن شوارع العاصمة صنعاء والمدن الواقعة تحت سيطرة الميليشيا "مليئة بصور قتلاهم"، وأصبحت انجازات الحوثيين تقتصر على "افتتاح مقابر جديدة".
من جانبه، قال المحلل السياسي فيصل أحمد للمشارق إنه "لا يكاد يمر يوم في صنعاء إلا ونشاهد مواكب جنائز لمجندي جماعة الحوثي وقيادتها".
ولفت إلى أن الحوثيين يعانون من نقص في المقاتلين، ما اضطرهم إلى تجنيد مقاتلين من بين أبناء العائلات الفقيرة والمهاجرين من القرن الإفريقي.
وأكد أحمد أنهم يجبرون موظفي الدولة والمواطنين على الخضوع لدورات "ثقافية" تؤثر على الشباب وتغمرهم بالحماس لدرجة تدفع بعضهم لطلب الانضمام إلى الميليشيا.
وتحدث عن قصص مأساوية لأمهات رفضن مشاركة أبنائهن في القتال مع الحوثيين، ليختفوا ويعودوا بعد فترة "أما جرحى ومعاقين أو في نعوش".
استغلال العائلات البائسة
ويعاني اليمن من معدلات عالية في الفقر والبطالة، إضافة إلى أهوال ست سنوات من الحرب وتحديات جديدة مثل جائحة كوفيد -19.
وفي أواخر شهر تموز/يوليو الماضي، قال منسق الإغاثة في الأمم المتحدة، مارك لوكوك، إن "المجاعة تلوح في الأفق من جديد، والنزاع يتصاعد من جديد، والاقتصاد في حالة يرثى لها من جديد، والوكالات الإنسانية على وشك الانهيار من جديد، وجاء فوق ذلك كوفيد-19 ليخلق مشاكل جديدة مع تفشيه خارج نطاق السيطرة".
وأضاف أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إن أزمة فيروس كورونا تسببت في انخفاض التحويلات بنسبة تصل إلى 70 في المائة، وهي التي لطالما كانت تعتبر شريانا حيويا للبلاد.
وكشف نقلا عن مسح جرى مؤخرا، أن نحو نصف العائلات اليمنية فقدت ما لا يقل عن 50 في المائة من دخلها منذ نيسان/أبريل الماضي.
وقال الخبير الاقتصادي عبد العزيز ثابت للمشارق، إن الحوثيين "يستغلون الفقر في عملية التجنيد، وتسمح العائلات البائسة لأبنائها بالانضمام إلى صفوف الميليشيا طمعا بالراتب في ظل عدم دفع الرواتب والأزمة الاقتصادية".
وأشار إلى أن "الميليشيا تسيطر على موارد مالية كبيرة في مناطق نفوذها وتخصص جزءا منها كرواتب لمجنديها إضافة لتأمين كل احتياجاتهم المعيشية في جبهات القتال أو في المواقع العسكرية، وهذا ما دفع بالعديد [من العائلات] للامتثال لدعوات التجنيد".