أكدت الولايات المتحدة أنها ستواصل جهودها لضمان أن إيران "لن تلحق المزيد من الضرر للعالم"، وذلك بعد أن رفض مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة، 14 آب/أغسطس، قرارا أميركيا يقضي بتمديد حظر الأسلحة على إيران.
وقال خبراء إقليميون للمشارق، إن إيران ما تزال تشكل تهديدا للمنطقة ولدول أخرى في العالم بسبب مواصلتها تطوير برنامجها الصاروخي، وذلك على الرغم من العقوبات الراهنة المفروضة عليها والتي ستبقى سارية حتى 18 تشرين الأول/أكتوبر المقبل.
ويوم السبت، أكد وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أن "الولايات المتحدة عازمة على التأكد من كبح قدرة الإيرانيين وهذا النظام، هذا النظام الديني، على إلحاق المزيد من الضرر بالعالم".
وتعهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم السبت أيضا، بإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على طهران من جانب واحد، مشيرا إلى أن إعلانا بهذا الخصوص سيصدر هذا الأسبوع.
وقال ترامب: "سنلجأ إلى آلية سناب باك" أي الرد السريع.
وكان ترامب في حديثه يشير إلى حجة مثيرة للجدل مفادها أن الولايات المتحدة ما تزال شريكا في الاتفاق النووي الذي وقع عام 2015 على الرغم من انسحابها منه، ويمكنها تاليا إعادة فرض العقوبات إذا ما ارتأت أن إيرن تنتهك شروط هذا الاتفاق.
تحدي إيران المتواصل
الأستاذ المحاضر في كلية العلوم السياسية بجامعة الملك سعود في الرياض، عبد الله الدخيل، قال إن "إيران تواصل تحدي القوانين الدولية والمجتمع الدولي ليس بعدم التزامها حظر الأسلحة الذي تفرضه عليها الأمم المتحدة بموجب القرار رقم 1929 الصادر في حزيران/يونيو 2010 فحسب، بل أيضا بانتهاكه المستمر والمتعمد".
وأضاف للمشارق أن "الأمم المتحدة أكدت ذلك بنفسها في تقرير قدمه الأمين العام أنطونيو غوتيريش، ويجزم فيه أن مصدر [الصواريخ التي استخدمت في] الهجمات التي تعرضت لها شركة أرامكو السعودية ونسبت الى الحوثيين هو إيران".
وكان الحوثيون المدعومون من إيران (أنصار الله) قد أعلنوا مسؤوليتهم عن الضربات التي استهدفت يوم 14 أيلول/سبتمبر 2019، محطتين نفطيتين تملكهما شركة الطاقة السعودية العملاقة أرامكو.
وعلى الرغم من الأدلة التي تشير بوضوح إلى تورط إيران في الحادثة، واصلت طهران إنكار مسؤوليتها عنها واضعة ميليشيا الحوثيين المدعومة من الحرس الثوري الإيراني في الواجهة.
وتابع الدخيل أن الصين وروسيا بمعارضتهما قرار تمديد حظر الأسلحة تتجاهلان "استهداف المدنيين والمنشآت المدنية، وهو أمر تجرمه القوانين الدولية".
وبذلك يكونان شريكين لإيران في ممارساتها المؤذية.
إضافة إلى ذلك، قال إن الهجمات على منشآت النفط تؤثر على كمية النفط العالمي الذي يتم استخراجه وضخه يوميا، وتترك بطريقة أو بأخرى تداعيات على أسعار النفط العالمية بسبب تضرر المنشآت".
وأردف أن "كلا الأمرين من القضايا الحساسة إذا ما اتهمت أي جهة بارتكابهما أو على الأقل بدعمهما، وهو ما ينطبق على إيران التي ترتكب الجرم والصين وروسيا اللتين تحاولان تغطية هذه الأفعال".
إيران تختبئ وراء ميليشياتها
من جانبه، قال الخبير العسكري السعودي منصور الشهري للمشارق، إن إيران منخرطة مباشرة ومداورة في مهاجمة وتهديد دول الخليج ودول أخرى، وذلك "عبر دعم أذرع الحرس الثوري الإيراني بالمال والسلاح".
وتابع أن "إيران تحاول الاختباء خلف هذه الجماعات وتستعملها ستارة لعملياتها، كما فعلت مع صواريخ الحوثيين التي أطلقت باتجاه [منشآت] شركة أرامكو"، والتي تم التأكد أنها إيرانية المنشأ.
وأوضح أن تقرير الأمين العام للأمم المتحدة يتطابق "مع النتائج التي توصلت إليها الفرق السعودية المختصة حول مصدر هذه الصواريخ".
إلى هذا، "أحبطت الولايات المتحدة عمليات لنقل هذه الأسلحة مرتين على الأقل، وذلك خلال تشرين الثاني/نوفمبر 2019 وشباط/ فبراير 2020".
وتحدث عن تقارير عدة تشير إلى "وجود مخازن لهذه الصواريخ" في دول كاليمن والعراق وسوريا ولبنان، ما يشكل تهديدا لمنطقة الشرق الأوسط برمتها.
وفي حديثه للمشارق، قال المتخصص في الشؤون الإيرانية في مركز الشرق الأوسط للدراسات الإقليمية والاستراتيجية، فتحي السيد، إنه "ليس غريبا على قيادة الحرس الثوري وإيران الكذب المستمر بشأن مخالفة قرار حظر الأسلحة والظهور بمظهر المظلوم".
وأردف المتخصص في الشؤون الإيرانية: "اعتدنا على رؤية ذلك من الآلة الإعلامية الإيرانية التي تنتهج التسويف والكذب لتتمكن من الوصول الى أهدافها".
وختم مشيرا إلى أن "إيران تعتبر نقل الأسلحة إلى أذرعها في الخارج أمرا أساسيا يمكّنها من توتير المنطقة بشكل مستمر"، مضيفا أن الحرس الثوري الإيراني يتباهى علنا بمواصلة برنامج تطوير الأسلحة والصواريخ البالستية التي من الممكن أن تحمل رؤوسا نووية أو كيميائية.