يسود الوسط الصحافي اليمني استياء عام، بحسب ما قال صحافيون للمشارق، بسبب الإجراءات التي تفرضها جماعة الحوثيين (أنصار الله) ضد الصحافيين في المناطق التي تخضع لسيطرتهم في البلاد.
وقد طالبت نقابة الصحافيين في بيان بتاريخ 3 تشرين الأول/أكتوبر بالافراج عن عشرة صحافيين مختطفين لدى الميليشيا منذ ما يقارب العامين.
وقالت النقابة إنها علمت من مصادر قضائية أن الصحافيين العشرة تمت إحالتهم للمحاكمة الجنائية في محكمة أمن الدولة.
وتخضع محكمة أمن الدولة في صنعاء لسيطرة الحوثيين وتستخدم عادة من الميليشيات لمحاكمة عناصر القاعدة، وفق ما كشفت لجنة حماية الصحافيين وهي منظمة دولية تعنى بحقوق الاعلاميين.
واعتبرت النقابة في بيانها أن المحكمة "تحرم الماثل امامها من حق الدفاع، ولا توفر أدنى شروط المحاكمة العادلة".
ودانت النقابة عملية اقتحام مجموعة مسلحة بزيّ مدني لمنزل الصحافي كامل الخوداني في 2 تشرين الأول/أكتوبر حيث تم اعتقاله وترويع اسرته، وكسر أبواب ودواليب المنزل والعبث بمحتوياته.
ويعمل الخوداني في موقع" الميثاق نت" الناطق باسم حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح شريك الحوثيين الحالي في السلطة.
وتأتي عملية اعتقال الخوداني بعد أقل من أسبوع على عملية الافراج عنه في 24 أيلول/سبتمبر هو ومجموعة آخرين، حيث أعلن رئيس المجلس السياسي المكون من الحوثيين وصالح العفو عن بعض الصحافيين والافراج عنهم بمناسبة الذكرى الثالثة للانقلاب.
ومن بين الصحافيين الذين افرج عنهم عبد الرقيب الجبيحي بعد أن أصدرت المحكمة الجزائية حكم بالإعدام بحقه.
وقال نبيل الأسيدي عضو الهيئة الإدارية لنقابة الصحافيين اليمنيين للمشارق "بالنسبة لبيان [ميليشيا] الانقلاب الذي يعلن العفو عن الصحافيين وبينهم عبد الرقيب الجبيحي والقاضي بالافراج عنهم، فإن النقابة تشدد على شانه حق هؤلاء أن يكونوا أحراراً وليس فضلاً لميليشيات الانقلاب".
الحريات الصحافية تعيش أسوأ حالتها
وأضاف الأسيدي "الحريات الصحافية تعيش أسوأ حالتها منذ دخول الميليشا العاصمة صنعاء".
وأوضح أن 23 صحفياً قتلوا خلال الأعوام الثلاثة الماضية، إضافة إلى اختطاف واعتقال 150 صحافياً خلال نفس الفترة، فيما لا يزال 17 صحافياً رهن الاعتقال.
واعتبر الأسيدي أن "كارثة حلت بالصحافة في اليمن ويجب على المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الانسان العمل على حماية الصحافيين من الممارسات التي يتعرضون لها".
من جانبه، قال الصحافي خالد احمد إن "منذ أيلول/سبتمبر 2014 توقفت التعددية الصحافية وتلاشى هامش الحريات الذي كان متاحاً قبلها".
وأضاف احمد في حديث للمشارق "منذ ذلك الوقت توقفت الصحف الحكومية اليومية باستثناء صحيفة الثورة، التي تحولت إلى صحيفة ناطقة بلسان الحوثيين".
وتابع: "كما توقفت جميع الصحف الحزبية والاذاعات المستقلة، وهاجرت المواقع الاخبارية والقنوات التلفزيونية إلى خارج اليمن".
وأشار أحمد إلى ممارسات الحوثيين ضد الصحافيين العاملين لشريكهم حزب المؤتمر.
وقال "ولم يعد يعمل في البلاد منذ ثلاثة أعوام غير وسائل الإعلام الناطقة باسم الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام، وحتى هذا الأخير بات صحافيوه يتعرضون للملاحقات والاعتقالات من قبل الحوثيين".
وأضاف احمد "وحتى ما بقي من مراسلين لوسائل الإعلام الدولية في صنعاء وعددهم محدود يعملون في أوضاع صعبة جداً ولا يستطيعون ممارسة مهامهم بحرية".
وأوضح أنهم "تحت رقابة الميليشيات الحوثية، وبعضهم يعملون بأسماء مستعارة حتى لا تطالهم أيادي الحوثيين".
وقال "بالتالي فإن ذلك كله انعكس سلباً على حياة الصحافيين ومعيشتهم، حيث شرد الكثير منهم وأقصي آخرون من أعمالهم واعتقل بعضهم".
وأضاف"وفقد الجميع مصادر دخله خاصة مع انقطاع المرتبات منذ نحو عام، وهاهم الصحافيون يعيشون أوضاعاً صعبة".
’مهنة الموت‘
من جانبها وصفت الصحافية وعضو مؤتمر الحوار الوطني ثريا دماج مهنة الصحافة إنها "أصبحت مهنة الموت" في ظل سلطة الحوثيين.
وأضافت دماج في حديث للمشارق "لا يزال اليمن يصنف كأسوأ مكان للحريات الصحفية لأن الصحافي فيها أصبح العدو الأول لهذه السلطة".
وشرحت أن الصحافيين أصبحوا يواجهون اعتداءات "وهزلية المحاكمات" التي تنتهي أحيانا بحكم الإعدام.
وأشارت دماج إلى أن الكثير من الصحافيين يقبعون في السجون من دون أدنى الحقوق البشرية.
وأضافت أن "العديد من الصحافيين تركوا القلم واتجهوا إلى المهن البسيطة في محاولة للهروب من بطش الحوثيين وللبحث عن لقمة العيش".
من جانبه، قال الإعلامي موسى النمراني للمشارق إنه "منذ انقلاب الميليشيا في 2014، لم يعد في اليمن هامش حرية للصحافيين حيث أغلقت كل وسائل الاعلام المعارضة وحتى تلك غير المعنية بالشأن السياسي".
وأضاف "صودرت ممتلكات القنوات الفضائية والإذاعات المحلية والصحف واستخدمتها لصالح خطابها التعبوي واعتقلت مجموعة من الصحافيين فيما اغتيل آخرون في ظروف غامضة".
وتابع النمراني أن "البقية اضطرت إما إلى الهجرة للخارج حيث الأمان وفرص العمل، او النزوح إلى مناطق المحررة، وفي الوقت ذاته فقد آخرون حماسهم لمواصلة العمل في الحقل الاعلامي واتجهوا لممارسة مهن بديلة".