جاءت الرسالة الأخيرة التي وجهها زعيم تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" أبو بكر البغدادي في تسجيل صوتي عبر الفيديو كخطاب انهزام وانهيار، يحمل في طياته تهديدات مبطنة تظهر خيبة أمله في مقاتلي التنظيم ، وفقا لما أكده خبراء.
ففي تسجيل بث يوم 3 تشرين الثاني/نوفمبر وتم تداوله على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حث البغدادي عناصر داعش في مدينة الموصل على البقاء فيها وعدم الفرار أو الانسحاب منها.
وزعم الموقع التابع لداعش الذي بث التسجيل أنه يعود للبغدادي، في وقت ما زال فيه زعيم داعش متوار عن الأنظار وبالكاد يظهر.
وقال البغدادي في التسجيل: "لا تنسحبوا فالصمود في مواقعكم بشرف خير ألف مرة من الانسحاب بعار".
ومنذ 17 تشرين الأول/أكتوبر، شنت القوات الأمنية العراقية هجوما لطرد داعش من مدينة الموصل، آخر معقل لها في العراق، حيث كان البغدادي قد أعلن قبل عامين عن إقامة دولة "الخلافة" المزعومة.
ووصف مراقبون وقادة امنيون الخطاب الذي استغرق 32 دقيقة بأنه محاولة يائسة لشحذ همم مقاتليه، مؤكدين انه جاء بمردود عكسي فضح نقاط الضعف والخلل لدى التنظيم الذي بات يخسر الارض شيئا فشيئا.
وقال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة في العراق العميد يحيى رسول لديارنا، إن خطاب البغدادي كان انهزاميا ويعكس حالة انهيار داعش.
وأضاف رسول، أنه ظل يكرر المرة تلو الاخرى عبارات "اصبروا" و "رابطوا" و "لا تفروا" ، ما يدل على أن البغدادي يحاول معالجة حالة انهزام واضحة لدى مقاتليه.
وأكد أن خيبة الأمل عند قائد داعش كانت واضحة حتى في نبرة صوته وانتقائه للكلمات والعبارات.
أتباعه تخلوا عنه
بدوره، قال المحلل العسكري فاضل ابو رغيف لديارنا، إن الخطاب كان يعكس حالة يأس وإرباك وتصدع لدى التنظيم، كما ينم عن حالة من الانقطاع وعدم التواصل مع أنصاره .
وأشار إلى أن البغدادي ذكر كلمة "الصبر" 18 مرة ما يعكس حالة الجزع لدى مقاتليه. ، كما ذكر عبارة "رابطو في مواقعكم" ست مرات، فضلا عن اسلوب التحذير زجرا بكلمة "اياكم والضعف" و "إياكم وتولي الدبر" ما يدل على انه يتوقع من اتبعاهة ترك مواقعهم.
كما كشف الخطاب، وفقا له، عن حدوث حالات انشقاق وعصيان داخل التنظيم، وهو الأمر الذي دفع البغدادي إلى مطالبة أنصاره في ثمانية مواقع من الخطاب بطاعة الأمراء وحذرهم من "النزاع والخلاف".
وقال أبو رغيف أن البغدادي توجه إلى أهل نينوى متوسلا منهم دعمه، ما يدل على أنه فقد الأمل في العديد من اتباعه.
ولفت إلى أن قائد داعش ختم خطابه بدعاء "التوسل والرجاء"، وهو من الأدعية التي لا تتلى إلا في ضيق وضنك، "وهذه حال البغدادي واتباعه اليوم ".
الخطاب لم يترك أي أثر
الى هذا، سخر عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي اسكندر وتوت من خطاب البغدادي والذي وجه فيه أتباعه "لمقاومة طائرات التحالف بالدعاء لتجنب قصفها".
وأضاف في حديث لديارنا، أن "التنظيم بات مفلسا من كل أدواته وهو اليوم عاجز عن الصمود أمام تقدم القوات العراقية التي تزحف نحو مركز الموصل".
وفي الإطار نفسه، قال العميد رسول إن خطاب البغدادي لم يكن له أي تأثير على سير المعارك ولم يرفع معنويات مقاتليه المنهارة .
بل على العكس، تابع، فبعد يوم واحد فقط من الخطاب ،هٌُزم عناصر داعش في ناحية حمام العليل والتي كانت تعدّ واحدا من اهم معاقله الحصينة.
وأضاف أن قوات الشرطة الاتحادية والفرقة العسكرية العراقية الـ 15 وقوات اللواء المدرع 34 تمكنت من استعادة العديد من القرى في أطراف الموصل وباتت لا تبعد سوى ستة كيلومترات عن مركز المدينة.
وأكد أن "البغدادي الذي صمت أكثر من عام، عاد اليوم ليخطب في أنصاره من جديد لأنه أيقن أن الموصل التي اتخذها عاصمة له ...باتت مهددة بالضياع من بين يديه".
وتابع أن البغدادي نفسه متيقن أن "انكساره في الموصل ستتبعه انكسارات كبيرة أخرى في باقي المناطق المغتصبة وأن لعبته شارفت على الانتهاء".
تمرد ضد البغدادي
مدير قسم الإعلام الجديد في مركز ابن الوليد للدراسات والأبحاث الميدانية في مصر مازن زكي، قال إن خطاب البغدادي الأخير وبخ مقاتليه ووجههم بضرورة الانصياع التام لأوامر الأمراء وتنفيذها بحذافيرها وعدم الجدال فيها.
وهذا يؤشر وفقا له إلى "حالة من التمرد تعصف بصفوف التنظيم خصوصا بعد البدء بحملة تحرير الموصل".
وتابع زكي أن "البغدادي شدد في خطابه على نقطة ثانية مهمة وهي أن التنظيم لم ولن يتأثر بفقدانه مجموعة من أمرائه وقيادييه".
وذكر أن القرار بتوجيه هذا الخطاب يعود إلى "حالة الضياع والخوف" المسيطرة على عدد كبير من مقاتليه بعد مقتل العديد من قياديي داعش في غارات التحالف الدولي الأخيرة.
أما اللواء المتقاعد في الجيش المصري والمتخصص بالجماعات الإرهابية يحيى محمد علي، فقال إن البغدادي حرص طيلة خطابه ولأكثر من مرة على تحريض ما اسماهم بـ "الانغماسيين" وهم الانتحاريون على التسلل إلى صفوف العدو.
ودعاهم "إلى مقاتلة مهاجمي الموصل بكل قوة"، واعتبر أنه "غالبا لا يزج التنظيم انتحارييه الا في حالتين، الأولى هي الهجوم لتمهيد الطريق لباقي العناصر أو الدفاع المستميت بعد الهجوم الكبير عليه وعلى مراكزه"، وفقا لما قاله علي لديارنا.
وأضاف أنه "في حالة الموصل، يبدو أن التنظيم يعي تماما النتيجة ولهذا يحاول استباق الأمور بادخال عناصره الانتحارية على الأقل لتأخير سقوط المدينة من يده".
F
خسأتم يا اعداء الله والله لن نكل او نمل حتى نقطف اخر راس خنزير منكم
الرد1 تعليق