نظرا للتاريخ المضطرب والقدرات المحدودة للمقاتلة الصينية من طراز جيه-10 التي تم الترويج لها كثيرا، أشار خبراء الطيران إلى ضرورة أن يمضي سلاح الجو التابع لجيش التحرير الشعبي الصيني قدما ويركز جهود التطوير على المقاتلة جيه-20.
"فمستقبل المقاتلة جيه-10 ما يزال مشكوكا فيه"، حسبما كتب تشارلي غاو عام 2021 لمجلة ذي ناشيونال إنترست.
وقال إنه "نظرا لأن النسخة جيه-10إيه كانت قديمة إلى حد ما عند إطلاقها، فقد تبعتها بسرعة النسخة جيه-10بي. لكن الصين كانت بطيئة في تحديث أسطولها إلى معيار النسخة جيه-10بي، لذا فإن غالبية المقاتلات من هذا الطراز التي ما تزال في الخدمة هي من النسخة جيه-10إيه".
وأشار إلى أن "النسخة الأحدث من المقاتلة جيه-10 هي جيه-10سي، التي تضم إلكترونيات طيران محدثة وتشتمل على ... تغذية محرك نفاث جديدة".
لكن حتى مع مثل هذه الترقيات، ما تزال المقاتلة جيه-10 في وضع أسوأ بالمقارنة بمقاتلات الجيل الرابع الأخرى، ولا سيما في الغارات الجوية.
وهذه مسألة شديدة الأهمية بالنسبة لبيجين فيما تستمر في التهديد بغزو تايوان في يوم من الأيام، ومع إعلانها عن مزاعم عديدة أخرى قد تدفعها إلى خوض صراع ينطوي على أهداف برية.
ونظرا لأن الطائرة صممت بصورة رئيسة كمقاتلة لعمليات جو-جو، فإن الطائرة مجهزة بقدرة جو-أرض ثانوية كانت الصين قد قضت سنوات في تطويرها.
إلى هذا، فأن الطائرة ذات المحرك الواحد ما تزال قدرتها على حمل كميات كبيرة من الوقود والأسلحة محدودة، ولا سيما بالمقارنة بالطائرات المخصصة للهجمات البرية.
وفي حين يمكن تجهيز المقاتلة بالقنبلة الموجهة بالليزر إل تي-2 زنة 500 كيلوغرام، إلا أنها قد تضطر على الأرجح إلى الاعتماد على الصاروخ كروز من طراز كيه دي-88 الذي يطلق من الجو، وهو الدعامة الأساسية لسلاح الجو الصيني، والصاروخ كروز من طراز يي جي-91 الذي يطلق أيضا من الجو.
وصمم الصاروخان ليتم إطلاقهما من مسافات آمنة لتجنب الدفاعات الجوية المعادية.
أما ضعف الطائرة أمام صواريخ أرض-جو المحدثة، مثل أنظمة صواريخ باتريوت التي اشترتها مؤخرا تايوان وبلاد أخرى حول العالم، فيمثل مسألة أخرى تعوق القدرات الهجومية الأرضية للمقاتلة.
وعلى سبيل المثال، فإن تايوان تملك فعليا صاروخ باك-2 الذي يبلغ مداه 160 كيلومترا، وهو مدى يقارب المدى الأقصى للمقاتلة جيه-10 لدى إطلاقها صاروخ كيه دي-88.
ومن شأن اتفاق وشيك يشمل مائة من أنظمة تعزيز شرائح الصواريخ باتريوت باك-3، التي توفر أداء محسنا وارتفاعا ومدى أفضل مقارنة بمنظومة باك-3 العادية، أن يعرض المقاتلة جيه-10 لمزيد من الأخطار.
قديمة بالفعل
وحتى مع وجود محرك محدث، فإن المقاتلة جيه-10 تتخلف عن نظيراتها الغربية.
ومن المتفق عليه على نطاق واسع أن الجزء الأصعب في عملية تصنيع مقاتلة حربية هو محركها، ولا سيما ريش المحرك التربيني المعرضة لدرجات الضغط والحرارة العالية.
وإلى جانب متطلبات تشغيله في ظروف قاسية، يتم تجميع محرك المقاتلات بتعقيد استثنائي. فعلى سبيل المثال، يشتمل محرك طائرة بوينغ 747 على ما لا يقل عن 40 ألف قطعة.
ومن ناحية تصنيع محركات الطائرات، حتى الصينيون يقرون بأن عليهم قطع أشواط قبل الوصول إلى مستوى الولايات المتحدة.
وذكر موقع غلوبال سيكيوريتي العسكري الإخباري في منشور ورد عام 2021 أنه "يمكن اعتبار أن تكنولوجيا المحركات في الصين متأخرة بنحو 30 عاما عن الولايات المتحدة".
وأقر أحد المصادر المطلعة على هذا الموضوع في الصين بأن هناك تأخير كبير، مع أنه اعتبر التأخير أقل بكثير مما هو عليه فعليا.
وأوضح رئيس تحرير مجلة إيروسبايس كوليدج، وانغ انان، أنه "يتم اليوم تضييق فترة هذا التأخر لتبلغ 10 إلى 15 سنة"، حسبما نقل موقع غلوبال تايمز الإخباري الصيني عام 2022.
بدوره، قال جاستين برونك، وهو زميل أبحاث أقدم في مجال القوة والتكنولوجيا الجوية بمعهد رويال يونايتد سرفيسز، وهو مركز أبحاث، متحدثا إلى مجلة طيران في عام 2019، إن "المحركات التربينية العسكرية الصينية تتحسن بصورة سريعة، لكنها في أفضل الأحوال تتساوى مع نظيراتها الروسية ولم تصل بعد إلى وضع يسمح لها بالتنافس بصورة مباشرة مع التصميمات الأوروبية أو الأميركية".
وأضاف أنه "مع وجود هيكل طائرة خفيف واستقرار مريح ونسبة دفع معقولة (لكن ليس ممتازة) مقارنة بالوزن وقنوات تهوية كبيرة، فإن النسخة جيه-10سي تتسم بالمرونة الشديدة في تهيئة الطائرة للعروض الجوية، كما أن خيار توجيه الدفع يزيد فقط من هذه القدرة على السرعات المنخفضة".
وتابع "إلا أن الهيكل الخفيف والحجم الصغير مقارنة بمقاتلات أخرى مثل جيه-20 أو تايفون أو إف-15 يعنيان أن المستودعات الخارجية وخزانات الوقود لهما تأثير أكثر خطورة على كل من الأداء والخفة مقارنة بالمقاتلات الأكبر".
الحاجة للترقية
وما يزيد الطين بلة وجود مشكلة كبيرة ما تزال تؤثر على هذه الطائرة، وهي عدم اختبارها أبدا من قبل في العمليات القتالية.
وكان للطائرة نصيب من المشاكل المتزايدة، إذ أنه بين عامي 2014 و2018، تحطمت عشر طائرات من طراز جيه-10 على الأقل، ما أدى إلى مقتل واحدة من أولى طيارات المقاتلات الصينيات في إحدى تلك الحوادث.
وتنعكس هذه المشاكل على المبيعات الخارجية للطائرة جيه-10.
وفي حين أن الطائرة إف-16 التي يعود تاريخها إلى ثمانينيات القرن العشرين وتحب الصين مقارنتها بالمقاتلة J-10 -، يستمر تصديرها بعد 40 عاما من طرحها وما تزال مستخدمة على نحو كبير في أكثر من 20 سلاحا جويا، فإن بيجين لم تحصل على أول عميل يشتري هذه الطائرة إلا مؤخرا، وهو باكستان، وهو بلد تتمتع الصين بنفوذ اقتصادي وسياسي هائل عليه.
وبما أن الطائرة جيه-10 غير قادرة على التنافس مع مقاتلات الجيل الرابع والخامس الحالية، فإنه من المنطقي أن يركز سلاح الجو الصيني جهوده على الطائرة جيه-20، وهي مقاتلة شبح من الجيل الخامس.
وتتميز الطائرة جيه-20، التي أعلن أنها "جاهزة للقتال" وبدأ إنتاجها في العام 2017، بأنها مقاتلة شبح ثنائية المحرك تعمل في الظروف الجوية كافة ومصممة كمقاتلة تفوق جوي ذات قدرات هجومية دقيقة.
وبحسب ما ورد وأكده المراقبون، فإن قدراتها المتقدمة على التخفي ومستشعراتها وأجهزة إلكترونياتها المتفوقة وأنظمة أسلحتها الأكثر تقدما تجعلها طائرة أكثر فعالية للمهام جو-جو وجو-أرض مقارنة بالطائرة جيه-10.