إنتهى عام 2017 في لبنان بتوقيف الأجهزة الأمنية عددا من عناصر تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) البارزين.
وأوقفت مديرية أمن الدولة في 23 كانون الأول/ديسمبر، مفتي التنظيم، أحمد حجي الرحيل، وهو أحد أهم قادة التنظيم الثلاثة.
وفي 11 كانون الأول/ديسمبر، كانت المديرية ألقت القبض على أبرز الكوادر الإعلامية للتنظيم خليل الحمدو الملقب بـ "أبو ريان"، سوري الجنسية.
وكانت الوكالة الوطنية للإعلام قد أوردت أن مديرية أمن الدولة – فرع البقاع، تمكنت من إلقاء القبض على السوري أحمد الرحيل من بلدة الطبقة بالرقة، وهو دخل لبنان خلسة آتيا لبنان ومقيما بالبقاع. وقد حضر للبنان متنقلا عبر جبال ووديان، ودفع أموالا لإيصاله لمنطقة الهرمل، لينتقل منها إلى جبال منطقة الضنية بشمال لبنان.
لكنه استقر بمنزل لإحد العناصر القريبة من داعش، بعدما غيّر ملامحه، حيث إكتشف أحد أهالي الهرمل سره، فأبلغ عنه المديرية فأوقفته بعملية نوعية، وأحالته بعد التحقيق معه للمحكمة العسكرية.
وإعترف الرحيل أنه "المفتي الروحي" و"المسؤول الشرعي" لداعش، وانه كان يفتي بقتل المدنيين وبذبح العائلات والاسرى لدى داعش.
وتبين أنه أحد أهم ثلاثة من قيادة التنظيم بعد ابو بكر البغدادي ومعاونه.
وبهذا الإطار، أوضح مدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا أن "المتابعة المكثفة" أفضت إلى توقيف السوريين خليل الحمدو.
وقال للمشارق: "يعتبر الحمدو من الكوادر الإعلامية المهمة بتنظيم داعش، فيما أحمد حجي الرحيل هو من الكوادر الشرعية البارزة بداعش، وأوكلت إليه مهمة تنشئة مقاتلي داعش بالمجال الشرعي والعقائدي".
الكشف عن كيفية تخطيط عمل داعش
ووصف اللواء صليبا إعتقال الحمدو بـ "العملية المهمة، لأنه من خلال التحقيق معه، تم الكشف عن كيفية تخطيط عمل داعش، وبخاصة بمجال نشر الأفكار التكفيرية، إن عن طريق الإرشاد الديني أو الوسائل الإعلامية".
وتابع اللواء صليبا: "أبو ريان صيد ثمين لجهة ما يمثله وما يملك من معلومات. زودنا بأسماء أشخاص آخرين ينتمون للتنظيم بسوريا ولبنان، وبمقدمهم إسم الرحيل".
لذا، تابع، تبرز أهمية توقيفهما من خلال تمكن الأجهزة الأمنية من إختراق التنظيمات المتطرفة، والوصول إلى معلومات مؤكدة حول أماكن تواجد العناصر المنتمية لداعش، ومن ثم رصدها فتوقيفها.
التحقيقات مع المفتي الروحي لداعش أو مع آخرين "لم تبين حتى تاريخه، وجود تخطيط لتنفيذ أعمال إرهابية محددة"، وفق اللواء صليبا.
لكنه إعتبر أن ذلك "لا ينفي أن لبنان هدفا محتملا لهذه التنظيمات، لأن النية معلنة من قبلها".
ولفت اللواء صليبا إلى أن توقيف ابو ريان يأتي بعد سلسلة عمليات عام 2017 طالت شخصيات كبيرة في التنظيمات المتطرفة "التي قاتلت ضد الجيش، أو ساهمت بتقديم الدعم اللوجيستي والإستعلامي لتلك التنظيمات الإرهابية".
وأوضح أن المديرية بعملياتها هذه "تعتمد على المصادر البشرية بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية اللبنانية الأخرى من حيث طلب المؤازرة عند الحاجة".
داعش ’بحالة الفوضى والتشتت‘
وفي سياق متصل، اعتبر الباحث بالشؤون الإستراتيجية والأمنية العميد الركن نزار عبد القادر توقيف الحمدو يؤكد مجددا أن الأجهزة الأمنية اللبنانية "تثبت قدرتها على تأمين الأمن للمجتمع والدولة".
وأوضح للمشارق أن الأجهزة الأمنية منعت حصول عمليات إرهابية جديدة ضمن ما يسمى بالعمليات الأمنية الإستباقية.
واستدرك بالقول إنه "من السابق لأوانه تقديم تقييم واضح ومنطقي للمخاطر الجدية لداعش في لبنان وسوريا والعراق بعد تفكك التنظيم".
وشرح أن التنظيم في مرحلة إنتقالية بعد الهزيمة العسكرية التي لحقت به، وعاثت به فوضى وضياعا.
وأشار عبد القادر إلى أنه بحالة الفوضى والتشتت، يحاول بعض مقاتلي التنظيم العبور للبلدان التي قدموا منها، ومنهم من ينضم لخلايا سرية مثل من ألقي القبض عليهم أخيرا بلبنان.
ولفت إلى أن هؤلاء العناصر "دخلوا إلى لبنان متسترين وبهويات جديدة، لم تحل دون توقيفهما".
واعتبر عبد القادر أن توقيف قيادي من هنا أو هناك مع أهميته، لا يعزل لبنان عن مسرح العمليات الإرهابية لداعش. إلا أن الأجهزة الأمنية، كما مديرية أمن الدولة بالمرصاد.
تعاون الأجهزة الأمنية
بدوره، رأى المحلل السياسي الصحافي جورج شاهين بتوقيف كل من رجلي داعش السوريين "تسجل الأجهزة الأمنية اللبنانية، ولا سيما مديرية أمن الدولة إنتصارا جديدا بمكافحة الإرهاب".
وأوضح للمشارق أن قيادة جهاز أمن الدولة لعامين أظهرت تعاونا غير مسبوق بمجال مكافحة الإرهاب، وبعمليات أمنية إستباقية، أدت للكشف عن أكثر من مجموعة وخلية إرهابية متصلة بداعش وغيره من المنظمات الإرهابية.
وبحسب شاهين، فإن "سلسلة التوقيفات المهمة هي ثمرة تعاون وثيق بين المديرية وسائر الأجهزة الأمنية اللبنانية، ما أدى لتكامل الجهود لإكتشاف أكثر من عملية إرهابية وتكفيرية".