منذ انتهاء عملية فجر الجرود، تستمر الأجهزة الأمنية اللبنانية بخوض معارك إستباقية داخليا، تؤدي بصورة شبه يومية إلى توقيف متطرفين.
فقد تمكنت الأجهزة الأمنية بين أيلول/سبتمبر الماضي حتى منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر من إلقاء القبض على عشرات المقاتلين، وتجار ومهربي الأسلحة لصالح تنظيمات كتنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) وجبهة النصرة سابقا.
وفي 14 تشرين الثاني/نوفمبر، تمكنت مخابرات الجيش اللبناني من القبض على مصطفى الحجيري الملقب بـ "أبو طاقية" في بلدة عرسال الحدودية.
والحجيري معروف بانتمائه لجبهة النصرة وقد ادين بتورطه في عملية خطف العسكريين في عرسال في آب/أغسطس 2014.
ومن الموقوفين أيضا محمود أمون، المتهم بانمائه لداعش ومشاركته بأحداث عرسال في آب/أغسطس 2014، وأبرز قياديي داعش بعرسال، اللبناني إبراهيم أحمد زعرور والسوري عدي حسن الخطيب.
كما أوقفت مخابرات الجيش خلال تشرين الثاني/نوفمبر كمال ضرار بدر وهو شقيق بلال بدر أحد أخطر المطلوبين بتهم ارهاب، ويحيى ياسين نجل الموقوف الفلسطيني البارز عماد ياسين، في مخيم عين الحلوة.
وأوقفت المديرية العامة لأمن الدولة خلية من أربعة سوريين بمنطقة حاصبيا في 19 تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، كانوا يرصدون مواقع إستراتيجية تمهيدا لتنفيذ عمليات تفجيرية بلبنان لصالح داعش.
وأوقف الأمن العام في 16تشرين الثاني/نوفمبر سوريين اثنين ينتميان لسرايا عائشة أم المؤمنين السورية بأمرة أبو جعفر القسطلي الذي نفذ عددا من الاعتداءات الارهابية.
تفكيك خلايا نائمة
وقد اعتبر الخبير بالشؤون الإستراتيجية والأمنية العميد الركن نزار عبد القادر أن التوقيفات الأخيرة تدل على أن الأمن بلبنان "ممسوك برغم بعض المخاوف من اختراقات أمنية".
وقال للمشارق إن للأجهزة الأمنية، وبمقدمها الجيش قاعدة معلومات وخططا للبحث والتحري، لإتخاذ كافة الإجراءات لإستدراك كل المخاطر الإرهابية.
ورأى أن توقيف العشرات من العناصر المتطرفة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة "يؤكد على الفعالية الكبيرة للأجهزة الأمنية على تحقيق الإنجازات، ولاسيما تلك التي يملكها جهاز مخابرات الجيش اللبناني".
وأضاف عبد القادر أن معظم من تم توقيفهم "يمكن تصنيفهم بالذئاب المنفردة ، بعدما أفشلت الأجهزة محاولتهم إنشاء خلايا نائمة جديدة بدل تلك التي فككتها الأجهزة الأمنية".
وأوضح أن الأجهزة الأمنية نجحت بتفكيك معظم الخلايا النائمة بعد خرقها، ولا سيما بعد خرق شبه كامل لخلية كتائب عبدالله عزام بمخيم عين الحلوة.
استمرار الأجهزة الأمنية بعملياتها الأمنية الاستباقية بكل لبنان، وفق عبد القادر "يدفع بمن تبقى من حلقة كتائب العزام إيجاد طريقة معينة للخروج من لبنان، لشعورهم بملاحقتهم من الأجهزة الأمنية".
واعتبر ذلك مؤشرا جيدا على هذه نجاح العمليات.
ورأى أن أهمية هذه العمليات أنها تنفذ بكل المناطق، حتى التي كان محرم على الأجهزة دخولها، إذ تطال المناطق النائية التي تأوي عددا كبيرا من المطلوبين وداخل المخيمات الفلسطينية.
تعاون وثيق بين الأجهزة الأمنية
واعتبر الخبير العسكري والاستراتيجي العميد ناجي ملاعب توقيف الأجهزة لعدد كبير من الإرهابيين يشير إلى أن الوضع الأمني مطمئن، ويؤكد "مدى التعاون الوثيق بين الأجهزة الأمنية، والتنافس بينها للأفضل".
وقال للمشارق: "هناك تنسيق عال بينهم. ففيما تعمل المخابرات بمناطق عديدة، ينفذ جهاز أمن الدولة توقيفات بجنوب لبنان".
وأشار إلى أن التنسيق أدى إلى توقيف تجار ومهربي سلاح من بيت جن القريبة من شبعا المتاخمة للحدود السورية، وإرهابيين بمخيم عين الحلوة بصيدا، "فيما الأمن العام يؤدي دوره جنوباً بتوقيف خلايا نائمة ".
وأشار ملاعب إلى أنه بعد لقاء مدير عام الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم بالرئيس الفلسطيني محمود عباس والقادة الفلسطينيين، تم خلق بنك معلومات عن داخل المخيم.
وأدى ذلك لخروج المتطرف الفار شادي المولوي فيتشرين الأول/ أكتوبر الفائت من المخيم إلى سوريا.
وأضاف: "سلم بعض المطلوبين من الإرهابيين بمخيم عين الحلوة أنفسهم للسلطات الأمنية اللبنانية في 13 تشرين الثاني/نوفمبر".
عمليات أمنية استباقية
ورأى الصحافي ميشال نصر أن معركة فجر الجرود، "أنهت الوجود العسكري للمنظمات الإرهابية على الأراضي اللبنانية، لكنها لم تنه الحرب الوقائية الأمنية".
وقال للمشارق: "تدخل مطاردة عناصر إرهابية وإلقاء القبض عليها بسياق الأمن الاستباقي"، مشيرا إلى أن العمليات استهدفت عناصر داعش والنصرة داخل مخيمات الفلسطينيين واللاجئين السوريين.
نصر الذي لفت إلى أن "لبنان دخل مستوى جديدا من المعارك ضد الإرهاب"، اعتبر أن "كل من أوقف مهم من حيث موقعه بالتنظيم الذي ينتمي إليه، بما لديه من معلومات".
وعن توقيف الحجيري، قال: "تكمن أهمية توقيف أبو طاقية في كونه لعب دورا بارزا في عرسال في آب/أغسطس 2014، وبتسليم العسكريين للإرهابيين".
وأوضح أن أبو طاقية استمر في اثارة المتاعب إلى حين اعتقاله في 14 تشرين الثاني/نوفمبر يوم تم إقتحام منزله فجرا بعملية سريعة وسيق إلى بيروت حيث يخضع للتحقيق.
توقيف أبو طاقية، وفق نصر "تتويج لعمل الأجهزة الأمنية، لكونه من أبرز [الارهابيين] المطلوبين بصفته أيضا الرقم إثنين بعد أبو مالك التلي أمير جبهة النصرة [في القلمون]".