يرى مواطنون وأكاديميون سعوديون أن مجموعة الأوامر الملكية والقرارات الحكومية التي صدرت في المملكة خلال الأشهر الأخيرة من شأنها أن تنعش المجتمع السعودي وابعاده عن التطرف.
ورأى الدكتور ياسر المهنا، الأستاذ المحاضر بكلية الاقتصاد والإدارة بجامعة القصيم، في حديث لموقع المشارق أن مجموعة الأوامر الملكية والقرارات الحكومية الصادرة خلال فترة الثلاثة أشهر الماضية، تكشف عن خطة سعودية لتحصين المجتمع السعودي والسير به نحو انفتاح أكبر.
واعتبر أن هذه الخطوة هي الوسيلة الأمثل لمقاومة الأفكار والجهات المتطرفة أو أشخاص يحملون الفكر المتطرف من اختراق المجتمع السعودي وبث سمومهم.
وفي حين كانت حصة المرأة السعودية الأكبر في تلك المراسيم، إلا أنها تنعكس على مختلف شرائح المجتمع، وفق ما أكد، واعتبر أنها ليست عشوائية بل تنضوي ضمن خطط المملكة للتنمية الاجتماعية.
ويضيف المهنا أن الاصلاحات تشمل "برنامج التحول الوطني"، و"رؤية المملكة 2030"، وتسعى لتوطين الوظائف والقضاء على البطالة وتوظيف وتدريب الشباب السعودي في مختلف المجالات والنشاطات.
ومن القرارات الهامة حسب المهنا "انشاء صندوق التنمية الوطني" الذي سينعش القطاع الخاص، وسيريح المواطنين من ناحية التمويل والإقراض، والبدء بسلسلة كبيرة من المشاريع الاستثمارية الجديدة التي تستهدف الشباب.
ويعتبر قرار "اعادة البدلات والعلاوات والمزايا المخصصة للقطاع الحكومي"، والتي تم إيقافها بعد الانخفاض الذي طرأ على أسعار النفط "قرارا موفقاً، وكان له صدى ايجابي مجتمعياً واقتصادياً على حد سواء".
وأوضح أن ذلك يعود لوفرة السيولة التي تم تأمينها بعد بدء العمل به.
قطع الطريق على التطرف
من جهته، قال محمود سالم أستاذ علم الاجتماع الديني بجامعة الإمام محمد بن سعود، للمشارق إن "الحرب على الارهاب في المملكة العربية السعودية تتم من خلال جبهات عديدة".
وأوضح أن المملكة تواجه "حربا عسكرية" ضد الارهاب داخلياً وخارجياً من ضمن مشاركتها مع التحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش)، كما تواجه "حربا فكرية".
"أما الاهم فهو حرب تدعيم الجبهة الداخلية، من خلال الالتفات نحو المواطن السعودي والوقوف على حاجته من القوانين أو المراسيم التي من شأنها أن تزيل الضغوط عن الحياة اليومية"، وفق ما تابع.
ورأى "ان بعض هذه القوانين والمراسيم من شأنها الاتجاه بالمجتمع السعودي نحو التنوير والانفتاح بعيداً عن التطرف والانغلاق".
وأضاف أن ذلك "يقفل الباب بشكل وثيق على الجماعات الارهابية التي تحاول اختراق المجتمع السعودي من بوابة التعصب الديني والفكر المتطرف والتفسير الخاطئ للتشريعات الإسلامية".
وأشار سالم في هذا الإطار إلى الأمر الملكي الصادر خلال شهر حزيران/يونيو الماضي، والمتعلق بتعديل تسمية "هيئة التحقيق والادعاء العام" لتصبح "النيابة العامة"، والتي أصبحت مرتبطة بشكل مباشر بالملك.
وقال "تكمن أهمية هذا القرار بإعطاء المواطن الامان بالنسبة للعمل القضائي كونه يعود لأهمية وضرورة الفصل بين السلطة التنفيذية في الدولة وهيئة التحقيق والادعاء العام وأعمالها، باعتبارها جزءًا من السلطة القضائية".
واعتبر أن ذلك يمنح الهيئة الاستقلال التام في مزاولة مهامها، "بما يضمن لها مباشرة عملها بكل حياد، ودون تأثير من أي جهة كانت".
تمكين المرأة أساس الاصلاح
من ناحيته، يرى الدكتور فاضل الهندي المشرف في مركز البحوث الإنسانية والاجتماعية التابع لجامعة الملك عبد العزيز، أن المراسيم الجديدة أعطت للمرأة نصيب الاسد.
وشدد على أن "هذا الاهتمام بالمرأة لم يأت من فراغ، فالمرأة هي نصف المجتمع، وقد تم تغييب دورها وحضورها في السنوات الماضية".
وأكد أن "المجتمع لن يستطيع الاتجاه نحو الانفتاح دون فتح المجالات أمام المرأة وتنويرها والتي ستقوم بالتالي بتنوير الأجيال الصاعدة".
وأضاف الهندي "ربما يكون قرار السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارات قد استحوذ على الاهتمام الإعلامي العالمي، إلا أن العديد من القرارات الأخرى تصب في نفس الاتجاه ولها أهميتها".
فبعد قرار القيادة، صدر قرار عن هيئة النقل السعودية بتأسيس مركز لتدريب المرأة على قيادة السيارات في كافة قطاعات الهيئة لتجهيزهن للعمل.
ومن جهة أخرى، لفت الهندي إلى أنه من القرارات التي تصب في مصلحة المرأة ايضاً "قرار السماح للفتيات بممارسة الرياضة في المدارس بدءاً من العام الدراسي الحالي، وهو امر كان من المحظورات طوال العقود الماضية".
واللافت ايضاً، بحسب الهندي، السماح للفتيات الجامعيات استعمال الهواتف الحديثة بعد أن كان هذا الامر من المحظورات في الماضي.
هذا وكان قد تم السماح بإنشاء أول مجمع للاتصالات في المملكة وتم افتتاحه في مدينة الرياض في آب/أغسطس 2016.
ويضم المجمع كافة خدمات الاتصالات من بيع وصيانة وخدمة عملاء وجميع العاملات فيه من السعوديات.
وبهدف تعزيز دور المرأة، صدر أيضاً أمر ملكي باعداد نظام لمكافحة التحرش.