يتعرض تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) للهجوم في مختلف الأنحاء التي لا تزال تحت سيطرته في خلافته المزعومة، ولكن ماذا سيحل بعناصره الذين يبلغ عددهم الآلاف، عندما يفقد أراضيه؟
لقد واجه التنظيم المتطرف هجمات عدة، وفقد مدينة سرت الليبية والموصل والرمادي في العراق، وهو حالياً على وشك أن يُطرد من معقله السوري السابق في الرقة.
وعندما كان في ذروته، بلغ عدد عناصره الآلاف، وبحسب تقديرات مسؤولين أميركيين، اتجه ما يقارب الـ 40 ألف مقاتل أجنبي للالتحاق بداعش على مدى السنوات الأخيرة.
وتحدثت القوات التي تحارب داعش بشكل دوري عن قتل واعتقال أعداد كبيرة من المتطرفين، ولكن غالباً ما تكون الأرقام غير واضحة ويتعذر التحقق منها بصورة موضوعية.
وقال مصطفى بالي المتحدث باسم قوات سوريا الديموقراطية التي تحارب داعش في سوريا، "لا نستطيع تحديد عدد المعتقلين، ولكن يمكننا أن نقول إن عدداً كبيراً محتجز لدى قواتنا".
مختبئون بين المدنيين؟
ومن المخاوف الدائمة التي تنتاب القوات التي تقاتل داعش، محاولة تسلل عناصر التنظيم في صفوف المجتمع المدني، عبر الهروب مع النازحين أو البقاء في منازلهم.
وذكر الباحث في منتدى الشرق الاوسط أيمن التميمي أن "اختباء العناصر بين المدنيين الهاربين هو بلا شك مشكلة كبيرة".
وأضاف أن هؤلاء العناصر "قد يبقون في الخلف ويذوبون في صفوف المدنيين على نطاق واسع للتحرك كخلايا نائمة أو لتجنيد آخرين ليلتحقوا بالخلايا النائمة أيضاً".
وفي هذا السياق، قال بالي إن بعض عناصر داعش "اكتُشفوا في مخيمات للنازحين عبر قواعد بياناتنا".
وسُلّم آخرون من قبل مدنيين تعرفوا عليهم وأبلغوا عنهم.
وأشار رامي عبدالرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى أن بعض العناصر ينجحون في التسلل، لا سيما أن "بعض المدنيين يخافون الإبلاغ عنهم خوفاً من أعمال انتقامية قد تنفذ ضدهم".
وتستخدم القوات العراقية، كالقوات السورية، قاعدة بيانات للكشف عن عناصر داعش المشتبه بهم والمتسللين في صفوف المدنيين.
ولكن قال مسؤول عراقي محلي إن "عدداً كبيراً من عناصر داعش يختبئون بين أهالي الموصل، ولا سيما في المدينة القديمة".
وأوضح الباحث المتخصص في شؤون التنظيمات المتطرفة، أن وجودهم ينعكس في "الاغتيالات والتفجيرات المتواصلة بشكل يومي".
ماذا عن المقاتلين الأجانب؟
أما بالنسبة لعناصر داعش الأجانب الكثيرين والذين هم من جنسيات غير عربية، فقد يصعب عليهم الاختباء بين المجتمعات المدنية نظراً لمعالم وجوههم ولغتهم المختلفة.
وأكد قيادي في التحالف الدولي الذين يدعم ويقدم الإرشادات لقوات سوريا الديموقراطية، في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية "هناك الكثير من المقاتلين الأجانب الذين لا يريدون الاستسلام ويعتزمون القتال بشدة".
ولفت الهاشمي إلى أن العناصر الأجانب هم الذين غالباً ما ينفذون الهجمات الانتحارية، مشيراً إلى أن "عدد من يبقى منهم حياً قليل جداً" بعد كل معركة.
يُذكر أن احتمال عودتهم إلى ديارهم بسيط، لا سيما أن الأجهزة الاستخبارية تراقب عن كثب للكشف عن أي عناصر عائدين إلى بلادهم، وأن الحدود التركية أصبحت مراقبة بشكل مكثف.
وفي هذا الإطار، قال الباحث في المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي تشارلي وينتر، إن الدعاية التي تنفذها داعش تعكس نوعاً من التراخي في أنظمتها التي كانت في السابق صارمة، ضد مغادرة عناصرها لأراضيها باتجاه أراضي "الكفار".
وتابع أن "التنظيم قال بشكل غير مباشر، وبطريقة لا لبس فيها برأيي، إن الهرب من أراضي داعش لم يعد ممنوعاً".
اللجوء إلى أراضي داعش المتبقية؟
وذكر خبراء أنه مع تقلص أراضيه في سوريا والعراق بشكل سريع، تركز اليوم مواردها في وادي نهر الفرات الذي يقع على طول الحدود السورية العراقية.
وقال وينتر إن "مركز ثقل التنظيم انتقل ومنذ وقت طويل... إلى مناطق كالميادين والبوكمال" في محافظة دير الزور في سوريا.
وأضاف أن "داعش قامت بصورة ممنهجة جداً بتركيز بنيتها التحتية وعناصرها في تلك الأماكن".
ورجّح أن يكون التنظيم قد ضمن انتقال عدد كبير من العناصر إلى تلك المناطق قبل وقت طويل من محاصرتهم في أماكن كالرقة والموصل.
وتوقع وينتر بذلك أن يكون القتال من أجل مناطق كالميادين والبوكمال "مفاجئاً بشراسته".