أكد خبراء لموقع المشارق أنه فيما تتدفق أموال الدولة الإيرانية إلى الخارج لدعم الحروب القائمة بالوكالة في سوريا واليمن ودعم ميليشيات في دول أخرى، يجد الملايين من الإيرانيين أنفسهم عاطلين عن العمل في ظل انهيار اقتصاد البلاد.
لكن يستمر الحرس الثوري الإسلامي الإيراني في تمويل الجماعات المسلحة لتوسيع نطاق نفوذه في المنطقة، وفق ما قال شيار تركو الطالب في جامعة القاهرة والذي يحضر رسالة الدكتوراه ويجري بحثاً عن تمويل الحرس الثوري الإيراني.
وأوضح تركو للمشارق أن الحرس الثوري الإيراني يحرص على إنشاء الجماعات المسلحة أو دعمها "ليتمكن من التسلل تحت ستارة الدفاع عن المظلومين وأبناء الطائفة الشيعية" وتوسيع نطاق نفوذه.
وأشار إلى أن "التكاليف الباهظة التي يتكبدها الحرس الثوري الإيراني جراء إنشائه ودعمه الجماعات المسلحة حول العالم لا بد من أن تنعكس بشكل مباشر على الأوضاع الاقتصادية في إيران وعلى الأوضاع المعيشية للشعب الإيراني".
نفقات هائلة لميليشيات أجنبية
وأضاف تركو أنه في دراسة نشرت في نيسان/أبريل، كشف محلل الشؤون الإيرانية والباحث في مؤسسة دراسات الشرق الأوسط في باريس، محمد أمين، أن الحرس الثوري الإيراني خصص مبالغ باهظة للميليشيات التي تقاتل في حروبه التي تجري بالوكالة.
وبحسب الدراسة المذكورة، تخصص ميزانية السنة المالية الجديدة لإيران (من آذار/مارس 2017 إلى آذار/مارس 2018) أكثر من 85899 مليار تومان (أي 24.5 مليار دولار) للشؤون العسكرية والأمنية، أي ما يعادل 23 في المائة من الميزانية العامة للبلاد.
وأشارت الدراسة إلى أن الميزانية لا تذكر الدعم المقدم للميليشيات، بل تدرجه تحت بنود مثل "الأعمال الخيرية" و"الشؤون الثقافية الإسلامية".
وجاء في الدراسة أن تمويل تلك الجماعات يقدر بسبعة مليارات دولار، ويتم جزئياً عبر عائدات مؤسسة الإمام الخميني للإغاثة وتعاونية البسيج، وعبر الميزانية الحكومية.
وبحسب الدراسة، إن الجماعات المدعومة من الحرس الثوري الإيراني "تتركز في العراق" وتشمل منظمة بدر وحركة النجباء وعصائب أهل الحق وكتائب حزب الله وكتائب الإمام علي وسرايا الخراساني وكتائب سيد الشهداء ولواء أبو الفضل العباس.
ويتراوح الدعم المقدر للجماعات المنتشرة في العراق بين 1.5 و3 مليارات دولار في السنة.
وفي اليمن، يتلقى الحوثيون (أنصار الله) دعماً يتراوح بين 1.5 و2.5 مليار دولار سنوياً، في حين يحصل حزب الله في لبنان على ما بين مليون و1.5 مليون دولار.
وذكرت الدراسة أن الحرس الثوري الإيراني يدعم أيضاً لواء فاطميون في أفغانستان (150 مليون دولار سنوياً)، ولواء زينبيون في باكستان (100 مليون دولار سنوياً)، إضافة إلى ميليشيات أجنبية أخرى.
تراجع القدرة الشرائية العامة
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي الإيراني علي نريماني، للمشارق إن النظام الإيراني جوّع شعبه على حساب أجندة توسعه في الخارج.
وأضاف أنه منذ استلامه للحكم، اعتمد النظام على القمع الداخلي والتدخل في شؤون الدول الأخرى لتحقيق أهدافه.
واستدرك قائلاً "لكن الشعب الإيراني ضاق ذرعاً، ولا يمر يوم في إيران إلّا وتقيم فيه مختلف شرائح الشعب الإيراني عشرات الاحتجاجات والاضرابات"، مع تظاهر طلاب الجامعات والعمال في مختلف المدن.
واعتبر الكثير من المعارضين أنه بدلاً من صرف أموال طائلة في سوريا ودعم الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان، ينبغي أن تُصرف هذه الأموال داخل البلاد لتحسين الوضع المعيشي.
وفي هذا السياق، قال الشاب حسين شايان الحاصل على بكالوريوس في الاقتصاد وهو من طهران، إن "الحد الأدنى للأجور في إيران يبلغ 930 ألف تومان (290 دولاراً) ويعتبر هذا الرقم أقل بعدة مرات من الأجور اللازمة لتلبية الاحتياجات الأساسية للعمال وأسرهم".
وأكد أن هذا المبلغ لا يكفي لتلبية الاحتياجات الأساسية لعائلة من ثلاثة أفراد.
وأضاف أنه سُجل تراجع في الإنفاق العام عشية السنة الجديدة في إيران، حيث يتسوق الناس عادةً ويشترون الملابس الجديدة وغيرها من السلع.
وتابع "لا يشترون شيئاً، حتى الملابس الجديدة والتي تعتبر من أهم طقوس الشراء للعام الجديد"، مشيراً إلى أنه ذلك يشكل تراجعاً في الأجور والقدرة الشرائية وزيادة في الركود الاقتصادي.
وكان البنك الدولي قد حدد نسبة البطالة في إيران بـ 12.7 في المائة في الربع الثاني من العام 2016.
الانتخابات تعكس التوتر الداخلي
ولفت شايان إلى أن الانتخابات الرئاسية داخل إيران أظهرت الكثير من التوترات الداخية بين أجنحة النظام المختلفة.
وأضاف أن الفقر والبطالة أصبحا موضع خلاف رئيسي، حيث عبّر الكثيرون عن غضبهم بشأن تدفق الأموال الإيرانية إلى دول يخوض فيها الحرس الثوري الإيراني حروباً بالوكالة على حساب الشعب الإيراني.
وقال "أصبحت ظاهرة التشرد شائعة بين شرائح واسعة من المجتمع"، مشيراً إلى أنه ينبغي "ألا ننخدع بالشعارات التي يحاول النظام عن طريقها تبرير تدخلاته في دول الجوار".
واعتبر أن الطريقة الأفضل لمعرفة ما إذا كان النظام يسير على النمط الصحيح، تتمثل في تفحص الظروف المعيشية لمختلف شرائح المجتمع الإيراني.
ولفت إلى أن العديد من العائلات الإيرانية وضعها بائس، مشيراً إلى تقرير نشرته صحيفة جوان في 26 تموز/يوليو 2016 وذكر أن تسعة ملايين و700 ألف عامل إيراني يعيشون تحت خط الفقر.
شكرا جزيلًا لمسؤولي بوابة المشارق. إذا كان ذلك ممكنًا، يرجى إضافة قسم الأخبار باللغة الإنجليزية لبوابة المشارق.
الرد1 تعليق