قال خبراء لديارنا إن قوة تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" في ساحة المعارك تراجعت بسبب الهبوط الحاد الذي طرأ على إيراداته.
وأوضحوا أن الأزمة المالية التي يعاني منها التنظيم أثرت في قدرته على تأمين رواتب مقاتليه ودفع معاشات لعائلات القتلى بينهم. وأثار هذا الأمر استياء عناصره العاديين وغضبهم، وترك بصمته على أدائهم كمقاتلين.
وفي هذا السياق، كشف خلف الحديدي عضو مجلس محافظة نينوى، أن التنظيم كان يمنح عناصره رواتب شهرية مغرية تتراوح بين 400 و1200 دولار، لكنه "بات حالياً عاجزاً حتى عن تأمين المال لهم بشكل منتظم".
وقال لديارنا إن "معركة الموصل أوشكت على الانتهاء". "ومع إعلان التنظيم هزيمته من قلب مركز 'خلافته'، فهذا يعني أننا جردناه من آخر معاقله الذي كان يشكّل له مصدراً مهماً للتمويل".
ومنذ سيطرته على الموصل في حزيران/يونيو 2014، اعتمد التنظيم بالدرجة الأولى على تهريب النفط الخام من حقول القيارة لتمويل عملياته، وكان يجني شهرياً ملايين الدولارات، وفقاً للحديدي.
وأضاف أن الإتجار بالآثار المسروقة من محافظة نينوى شكّل مصدرا أساسياً لإيرادات داعش، إضافة إلى الضرائب التي فرضتها على البضائع والنقل والتجارة بين مختلف المناطق الواقعة تحت سيطرتها في العراق وسوريا.
وفي أوجها، درّت هذه الأنشطة أرباحاً خيالية.
خفض الرواتب وتراجع الروح المعنوية
وتابع الحديدي أن خفض الرواتب سبب استياءً وتذمراً لدى مقاتلي داعش، وأثرت أوضاعهم الاقتصادية الصعبة على معنوياتهم القتالية.
ولفت إلى أن بعض المقاتلين لجأ إلى نهب منازل المواطنين في الشطر الغربي من الموصل، "وسرقة كل ما وقع تحت أيديهم من مؤن وممتلكات خاصة بحجة أن التنظيم في حالة حرب ويحتاج إلى الدعم".
وفي محاولة منه لحمل عناصره على الاستمرار في القتال، سعى التنظيم عبر خطبائه إلى تبرير خفضه الرواتب بالترويج لفكرة أن "المال ليس هو الغاية من القتال" وأن عليهم "الاستعداد لما هو أسوء".
وفي حديث لديارنا، أكد النائب العراقي عمار طعمه أن داعش كانت تنفق بسخاء كبير على مقاتليها، وكان ذلك يشكّل عنصر جذب للكثيرين من المعدمين مادياً.
ولكن بعد نضوب مصادر إيراداتها، لم يعد بمقدورها المحافظة على سطوة مطلقة على مقاتليها، ما بات يهدد وجودها على الأرض وفق ما أضاف.
وبحسب تقرير أعده المركز الدولي لدراسة التطرف في لندن وصدر في 17 شباط/فبراير، فإن إيرادات داعش من الضرائب والنهب وبيع النفط انخفضت بمقدار النصف عما كانت عليه في العام 2014.
وكشف التقرير أن التنظيم فقد سيطرته خلال الأشهر الماضية على مساحات كبيرة من الأرضي في العراق، واستتبع ذلك انخفاض في عائداته المالية التي بلغت 870 مليون دولار مع بداية العام 2016 بعد أن كانت سابقاً بحدود 1.9 مليار دولار.
واستند التقرير في تقييمه لوضع داعش المالي على وثائق التنظيم نفسه وبيانات صدرت عن هيئات حكومية وتقارير لصحافيين ومراكز أبحاث، إضافة إلى مقابلات مع ممثلين حكومين وخبراء.
قادة يفرون مع الأموال
ولفت طعمه إلى أن استهداف الطيران الدولي لأنشطة التنظيم لا سيما تهريب المشتقات النفطية والآثار، لعب دوراً رئيساً في إضعاف قدراته الدفاعية وإحباط معنوياته.
وأردف أنه "مع بدء العمليات العسكرية في الموصل، سمعنا عن العديد من كبار قادة داعش الذين فروا ومعهم مبالغ ضخمة من الأموال".
وتابع أن "هذا الأمر شكّل بدوره ضربة نفسية عنيفة لباقي عناصر داعش الذين وجدوا أنفسهم وحدهم في ميدان المعركة دون قيادة توجههم وترعاهم أو ترعى عائلاتهم".
إلى هذا، قال عصام الفيلي أستاذ العلوم السياسية بالجامعة المستنصرية، إن الخسائر المتلاحقة كشفت عن وجه داعش الحقيقي "كعصابة تعتاش على القتل والنهب".
وختم مؤكداً لديارنا أن "هذه الجماعة أظهرت خسة كبيرة في سبيل جمع المال، وهي اليوم تسرق نفسها. قادتها يهربون بالأموال ويتركون أتباعهم يواجهون مصيرهم".