إرهاب

الجماعات الجهادية المتناحرة تخوض حرب تصفيات في عرسال بلبنان

نهاد طوباليان من بيروت

يبدو مقاتلو ’الدولة الإسلامية في العراق والشام‘ وجبهة النصرة خلال اشتباكات في عرسال في الخريف الماضي، الأمر الذي دفع الجيش اللبناني إلى تنفيذ قصف مدفعي كثيف. [حقوق الصورة لمديرية التوجيه في الجيش اللبناني]

يبدو مقاتلو ’الدولة الإسلامية في العراق والشام‘ وجبهة النصرة خلال اشتباكات في عرسال في الخريف الماضي، الأمر الذي دفع الجيش اللبناني إلى تنفيذ قصف مدفعي كثيف. [حقوق الصورة لمديرية التوجيه في الجيش اللبناني]

شهدت بلدة عرسال اللبنانية، على الحدود مع سوريا وبفارق اسبوع واحد، خلال أسبوع واحد، مقتل مسؤولين اثنين في تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، في ما وصفه خبراء في حديث لموقع المشارق بأنه تجدد لحرب التصفيات بين الجماعات الجهادية المتناحرة.

فذكرت وسائل إعلام محلية أنه تم العثور على مسؤول "المحكمة الشرعية" لداعش في القلمون، في 7 شباط/فبراير، مقتولاً بواسطة عبوة ناسفة في سيارته.

وتم تحديد هويته على أنه أحمد وحيد العبد، وهو سوري من مدينة الجراجير يعرف بلقب أبو البراء.

كذلك، عثر على جثة المسؤول بداعش السوري الجنسية أبو أدهم الحموي، واسمه الحقيقي عاهد الجواش، مصابا بطلقات نارية في 15 شباط/فبراير.

وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام بأن ثلاثة مسلحين كانوا على دراجة نارية، أطلقوا النار عليه في ساحة السبيل ببلدة عرسال، مما أدى إلى مقتله فوراً.

نزاع مستمر على السلطة

ويعتقد البعض أن الاغتيالات الأخيرة هي امتداد للنزاع على السلطة في المنطقة بين داعش وجبهة النصرة التي أطلقت على نفسها اسم جبهة فتح الشام مؤخراً.

وفي تشرين الأول/أكتوبر، عثر على جثة المسؤول في داعش أبو بكر الرقاوي في محلة الجبّان بالقرب من وادي حميد في عرسال، وكان مصاباً بطلقات نارية .

وكشفت المخابرات أنه قبل أيام من مقتل الرقاوي، التقى مصطفى الحجيري الملقب بأبو طاقية، بعناصر من جبهة النصرة وطلب منهم وضع خطة للقضاء على داعش وقياداتها في عرسال.

وكانت السلطات اللبنانية قد دانت أبو طاقية، وهو من الفارين المنتمين إلى جبهة النصرة، على خلفية تورطه في خطف جنود لبنانيين في آب/أغسطس 2014.

وفي هذا السياق، قال الصحافي بجريدة الديار ميشال نصر وهو متخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، إن عمليات القتل الأخيرة وغيرها من العمليات التي نفذت في 2016 تأتي في إطار "مسلسل التصفيات بصفوف داعش نفسها وبينها وبين النصرة".

وذكر للمشارق أن "معلومات توفرت للمخابرات تشير إلى أن مصطفى الحجيري توصل إلى اتفاق مع جبهة النصرة من أجل تصفية داعش داخل عرسال وجرودها وداخل مخيمات النزوح".

وتابع "بالإضافة لهذا الاتفاق، هناك صراع بين داعش والنصرة بدأ عقائدياً وانتهى بالسرقة والصراع على خلفية ملف العسكريين المخطوفين".

وأشار إلى أن كل جماعة تسعى إلى توسيع نطاق سيطرتها في عرسال وجرودها.

توتر متزايد

بدوره، أكد الخبير العسكري العميد المتقاعد في الجيش اللبناني خليل حلو أن مقتل المسؤولين الاثنين في داعش هو دليل على "العداوة الكبيرة بين داعش وجبهة النصرة".

وأوضح للمشارق أن حالة التوتر بين التنظيمين ازدادت منذ معركة حلب والاشتباكات التي دارت في محافظة إدلب.

وأضاف "تنعكس أحداث سوريا على عرسال لجهة ما نشهده من صراع ظاهر بين داعش وجبهة النصرة، لا سيما بعد إحكام سيطرة الجيش اللبناني بأفواجه العديدة على الحدود البرية اللبنانية السورية".

ووفق حلو، بدأت حرب التصفيات بين التنظيمين في حزيران/يونيو 2016، عندما حاول كل تنظيم السيطرة على خطوط وطرق حيوية، وتأمين الوصول إلى عرسال للحصول على المواد الغذائية وفرض خوات على الأهالي والتحكم بالقرار بالمنطقة.

وأكد حلو أن الاشتباكات في محيط عرسال تأخذ "طابعاً دموياً، مروراً بالتصفيات ووصولاً للاغتيالات والخطف، إذ قتلت النصرة قبل فترة 3 عناصر لداعش بعد خطفهم".

وأضاف أنه فيما تتعد أسباب هذه التصفيات، فإن السيطرة على "شريان حيوي بين جرود عرسال وعرسال البلدة، تبقى الهدف الأساسي".

وتابع حلو أن "الصراع بين داعش والنصرة طويل في سوريا، كما أنه سيظل ينعكس على عرسال ومحيطها".

وقال إن الهدف الأخير يكمن في "السيطرة على المنطقة وتأمين طرق للإمداد الغذائي من عرسال البلدة والسلاح من سوريا عبر طريق دمشق-حمص وصولاً إلى جرود القلمون".

ارتياح الأهالي

أما رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري، فأوضح للمشارق أن أي تصفية تحصل بين التنظيمين "تريح البلدة من شرورهم واعتداءاتهم على أبناء عرسال".

وأكد "يشكل وجودهم خطراً على عرسال ولبنان".

وقال إن مسؤولي داعش "شوهوا سمعة البلدة ونحن ضدهم علناً والبلدية بما لديها من حراس وشرطة بلدية، تواجههم ونتعاون مع الجيش وكل الأجهزة الأمنية".

يُذكر أن عرسال التي يبلغ عدد سكانها نحو 30 ألف نسمة، تضم حالياً أكثر من 100 ألف لاجئ سوري وغالبيتهم تقيم في المخيمات الواقعة على أطراف البلدة.

وذكر الحجيري أن "عناصر من داعش وجبهة النصرة على حد سواء يحاولون التسلل من الجرود إلى داخل المخيمات، وفي أوقات كثيرة يباغتهم الجيش بعمليات نوعية. وهم يقتلون أيضاً بعضهم البعض".

وأضاف أن وجود المتشددين في عرسال "يشكل ضغطاً أمنياً وإنمائياً علينا، إذ يتعذر علينا الوصول إلى مصادر رزقنا من أراض ومقالع".

وختم "نعتبر كل مسلح عدواً لنا، وخطورتهم بعقليتهم العدائية وتصرفهم الوحشي بيننا. وبالتالي مقتل أي واحد منهم يخفف عنا".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500