تحليل

إطلاق مالي سراح عناصر من داعش يثير مخاوف أمنية

مصطفى عمر

عنصر من القوات الخاصة المالية يؤمن الحراسة خلال احتفال أقيم في 20 كانون الثاني/يناير 2022 في كاتي. [فلورنت فرجنس/وكالة الصحافة الفرنسية]

عنصر من القوات الخاصة المالية يؤمن الحراسة خلال احتفال أقيم في 20 كانون الثاني/يناير 2022 في كاتي. [فلورنت فرجنس/وكالة الصحافة الفرنسية]

نواكشوط، موريتانيا -- انتقد خبراء أمن إطلاق مالي مؤخرا سراح عنصرين من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، قائلين إن الخطوة تشير إلى حدوث تغيير في المقاربة وسيكون لها عواقب وخيمة على المنطقة.

وقال مسؤول أمني وسياسيان اثنان لوكالة الصحافة الفرنسية يوم 8 تموز/يوليو، إن مالي أطلقت سراح اثنين من المتطرفين من تنظيم داعش في الصحراء الكبرى في اتفاق لتبادل للسجناء.

وأضاف المسؤول الأمني أن مالي أطلقت سراح أمية ولد البكاي ودادي ولد شعيب، وأنها نقلتهما بالطائرة من بماكو إلى منطقة غاو بالشمال.

إلى هذا، أكد أحد السياسيين، وهو مسؤول منتخب في غاو، أن ثلاثة متطرفين على الأقل نقلوا من بماكو إلى هناك على متن طائرة عسكرية.

وأكدت المصادر الثلاثة أن العملية جاءت في إطار اتفاق لتبادل السجناء.

لكن مصدرا رابعا، وهو مسؤول أمني آخر، لم يصل إلى هذا الحد، لكنه قال إنه تم القيام بـ "لفتة" بهدف "حماية حياة مواطنينا الذين يواجهون خطرا مميتا". لكنه لم يقدم أي تفاصيل.

وذكرت إذاعة فرنسا الدولية نقلا عن مصادر أمنية ودبلوماسية مالية أن الاتفاق أبرم مقابل التزام من تنظيم داعش في الصحراء الكبرى بعدم مهاجمة الأراضي التي تسيطر عليها حكومة مالي الانتقالية.

وكان ولد البكاي، وهو خبير متفجرات، قد اعتقل على يد القوات الفرنسية في حزيران/يونيو 2022، قبل أن تسحب فرنسا قواتها.

وفي ذلك الوقت، صرح مسؤول أمني طلب عدم الكشف عن هويته لوكالة الصحافة الفرنسية أن ولد البكاي كان يُنظر له في وقت من الأوقات كخليفة محتمل لزعيم داعش في الصحراء الكبرى، عدنان أبو وليد الصحراوي، الذي لقي مصرعه على يد القوات الفرنسية في آب/أغسطس 2021.

وقال الجيش العام الماضي إن ولد البكاي كان مسؤولا عن عدد كبير من الانتهاكات ضد المدنيين في هذين البلدين، وذلك بوصفه قيادي إقليمي يقود مناطق غورما في مالي وأودلان في بوركينا فاسو المجاورة.

أما دادي ولد شعيب، الملقب أبو الدردار، فقد اعتقلته القوات الفرنسية في حزيران/يونيو 2021 بالقرب من المثلث الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

يذكر أن مالي تواجه أزمة أمنية منذ وقوع حركات تمرد للمتطرفين والانفصاليين في الشمال في عام 2012.

وقد نفذت الجماعات المسلحة عمليات قتل واغتصاب ونهب على نطاق واسع في شمال شرق مالي هذا العام، ما أجبر الآلاف على الفرار، وفقا لتقرير أصدرته منظمة هيومان رايتس ووتش في 13 حزيران/يونيو.

ووثق التقرير ستة هجمات في منطقة غاو وهجومين في مينكا بين كانون الثاني/يناير وحزيران/يونيو، مع تقارير غير مؤكدة من عاملين في مجال المساعدات وشهود عيان تشير إلى مقتل مئات المدنيين.

وبحسب ما ورد، فقد فر عشرات الآلاف من المنطقة أيضا.

خطوة محفوفة بالمخاطر

وقد ساهم الغضب من فشل الحكومة في وقف أعمال العنف في وقوع انقلابين في عامي 2020 و2021. وقطع المجلس العسكري الحاكم العلاقات مع الحليف التقليدي فرنسا واتجه نحو روسيا.

وقال خبراء إن خطوة مالي الأخيرة تهدف لتعزيز سيطرتها على أراضيها، فيما تواجه السلطات تهديدات أمنية على جبهات متعددة.

وعمد القادة العسكريون في مالي الذين استولوا على السلطة في 2021 إلى دعوة مجموعة المرتزقة الروسية فاغنر لتقديم نحو 1000 مقاتل لتوفير الأمن، ما دفع فرنسا لسحب قواتها.

ومن المقرر أيضا أن تنسحب بعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) من البلاد بنهاية كانون الأول/ديسمبر بعد طلب من الحكومة العسكرية.

وقال الباحث في شؤون الإرهاب محمد بوشيخي للمشارق، إن إطلاق مالي سراح اثنين من قياديي داعش يمكن النظر إليه في سياق "التمرد الفاشل لمجموعة فاغنر في [روسيا] وانعكاساته على استقرار الدولة المالية".

وأضاف أن المجلس العسكري الحاكم راهن على دعم مجموعة فاغنر ومن ورائها الدبلوماسية الروسية.

لكن هذا الدعم أصبح اليوم محل شك بعد المسيرة غير الناجحة التي قام بها رئيس مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين في اتجاه الكرملين في حزيران/يونيو.

وتابع بوشيخي أن التمرد أثار شكوكا حول شراكة مالي مع روسيا، ودفع تاليا السلطات "لاستكشاف طرق جديدة للتعامل مع الطوارئ الأمنية في البلاد".

وأوضح أن قرار إطلاق سراح القياديين في تنظيم داعش-الصحراء الكبرى، جاء كرسالة للفصائل الأخرى بفتح باب التفاوض.

وذكر بوشيخي أن حكام مالي يسعون أيضا لبسط سيطرتهم على المناطق الخاضعة لتنظيم داعش في منطقة مينكا وبالقرب من الحدود مع النيجر، وسد الفراغ الأمني الذي تركه انسحاب قوات مينوسما.

إلا أن الباحث الجزائري قاسي رأس الماء، يرى أن اتفاقا بين حكام مالي وداعش لن يجلب الأمن لمالي ولا لجيرانها.

وذكر أن "هذه الخطوة أدت إلى زيادة مخاوف دولة النيجر المجاورة ... من أن يؤدي اتفاق داعش وباماكو إلى تكثيف التنظيم الإرهابي لهجماته ضدهم".

وأوضح أن الخطوة يمكن أيضا أن تفاقم الصراع بين داعش وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة.

وأكد أن "قرار الحكومة العسكرية في مالي ينطوي على الكثير من المخاطر".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500